الوقت ـ کلما اقتربنا من تاریخ الاستحقاق الرئاسی فی لبنان، شهدنا مزیدا من التدخلات الاجنبیة فی قضیة الانتخابات الرئاسیة اللبنانیة، بهدف رسم الخارطة السیاسیة المستقبلیة للشعب اللبنانی خارج البلاد و بالتحدید فی عدد من العواصم الاوروبیة و العربیة خاصة باریس و الریاض.
الشعب اللبنانی یمتلک المقدار اللازم من النضوج و البلوغ السیاسی الذی یمکنه من انتخاب رئیسه دون حاجة لتدخلات من هذا الطرف او ذاک، و هو جدیر بامره أن یقرر من یرید أن یکون رئیسا للبلاد، کذلک دون الحاجة الی مواقف الشفقه من قبل فرنسا والسعودیة التی کأنما ترید هذان الدولتان فرض نفسهما کـ «قیم» علی الشعب اللبنانی حیث أن هذه القیمومة تعتبر انتهاکاً لمکانة و تاریخ الشعب اللبنانی العریق خاصة تاریخه السیاسی المعاصر.
یتهم البعض حزب الله و حلفائه فی الداخل بانهم یسیرون وفقا للتعالیم التی ترسل الیهم من قبل الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، لکن بالاضافة الی ان طهران أکدت مرارا و تکرارا أنها لم تتدخل فی شؤون لبنان الداخلیة و من ضمنها حزب الله باعتباره احد الجهات السیاسیة فی هذا البلد؛ سمعنا السید حسن نصرالله مرات عدیدة یصرح علنا بان حزب الله هو من یقرر برنامجه السیاسی و لم ترسل لهذا الحزب ایة خرائط لیسیر وفقها من قبل داعمیه خاصة ایران التی تدعمه لتمکینه من مواجهة اطماع الکیان الصهیونی تجاه الشعب اللبنانی وفقا لمبادئ عقائدیة.
بعض وسائل الاعلام الاقلیمیة و الاجنبیة تدعی فی هذه الایام أن ایران تبذل جهدا مع السعودیة للتوافق علی رئیساً للبنان یکون مقبولا لکلا البلدین وهذا ما نفاه اکثر من مسؤول ایرانی. تتهم ایران دائما بانها تتدخل فی شؤون لبنان لکن لم تثبت هذه الاتهامات من قبل مروجیها وهی فی الاساس لا تحتاج لمثل هذه التدخلات لانها تعتقد أن الشعب اللبنانی هو اعرف بمصیره و من یرید أن ینتخبه لقیادته نظرا للعراقیل التی یواجهها حالیا خاصة من قبل الکیان الصهیونی و المجموعات الارهابیة التی بدت تزحف من سوریا باتجاه لبنان التی طالما حصلت هذه المجموعات علی جمیع أشکال الدعم من قبل السعودیة و الدول الغربیة خاصة فرنسا.
فریق 14 آذار اللبنانی وعلی عکس فریق 8 آذار، لا یخطو خطوة إلاّ بعد کسب موافقة الریاض وباریس و طبعا هذه القاعدة ساریة فی مایخص الانتخابات الرئاسیة القادمة، هذه لیست اتهامات انما حقائق یعرفها القاصی و الدانی والشاهد علی ذلک الزیارات المتکررة التی شهدتها مدینة جدة من قبل المسؤولین الفرنسیین و الامریکیین خلال الایام الماضیة للتنسیق مع السعودیین حول الاستحقاق الرئاسی. وطبعا الجمیع یعرف أن واشنطن والریاض وباریس لم تبحث عن رئیسا یؤمن بالمقاومة التی یستطیع الشعب اللبنانی من خلالها حمایة سیادته إزاء اعتداءات الکیان الاسرائیلی السافرة، حیث تعتبر السعودیة هذه المقاومة «مغامرة» و کذلک واشنطن وباریس تعتبرها «ارهابا» وانتهاکات الکیان الاسرائیلی علی لبنان دفاعا عن النفس!. وجمیع هذه المواقف تتعارض مع رأی الشعب اللبنانی.
لکن فی المقابل ایران ودون أن تتدخل فی شؤون لبنان الداخلیة فهی تدعم تطلعات الشعب اللبنانی حتی یتمکن من حمایة ارضه وسیادته امام اطماع الکیان الاسرائیلی وذلک عبر دعم مقاومة هذا الشعب لتمکینها من هذه الغایة. وطبعا المقاومة قدمت الکثیر من التضحیات وستستمر من خلال دعم الشعب اللبنانی ودعم حلفائها بالدفاع عن اراض لبنان و تلقین العدو دروسا لم تنس کما حصل عام 2006. إذا علی من یرید أن یتدخل فی شؤون لبنان خاصة فی الاستحقاق الرئاسی علی حساب المقاومة، أن یکف عن مثل هذه التدخلات لانها مرفوضة من قبل معظم الشعب اللبنانی إن لم نقل أنها لا تحظی بتأیید جمیع اللبنانیین.