الوقت- يعمل الاحتلال الإسرائيلي على توسيع عملياته في الضفة الغربية من خلال اجتياح المدينة تحت غطاء ناري، وفرض حظر تجوال في مخيم الفارعة، وحسب تصريحات محافظ طوباس فإن قوات الاحتلال تجبر السكان على النزوح تحت تهديد السلاح، وتابع قائلاً إن حكومة الاحتلال تسعى لتضييق الخناق في المخيم عن طريق قطع المياه، ونقص المواد الأساسية، «وتحاول أن تجعل المخيم بيئةً طاردةً من أجل إجبار السكان على الخروج ومغادرته».
وأفاد بأن «ما يجري في شمال الضفة الغربية ليس قضيةً أمنيةً، ولا يوجد بنك أهداف للجيش الإسرائيلي، ولكن ما يجري قضية سياسية بحتة.
ووسَّعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي حملتها العسكرية المستمرة على الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، لتشمل مناطق جديدة، منها مخيما نور شمس والفارعة، بعد هجمات مماثلة أسفرت عن مقتل العشرات في جنين وطولكرم منذ 21 يناير.
الهمجية الصهيونية لا تتغير
أفادت مصادر محلية بأن "الدمار الهائل، والخراب الكبير في منازل وممتلكات المواطنين في مخيم جنين، تكشَّفا بعد انسحاب آليات الاحتلال من أحياء قليلة داخله وإعادة تمركزها في أحياء أخرى".
وظهرت بعض البيوت وقد سويت بالأرض بشكل كامل، في حين انتشر الدمار في الشوارع والبنى التحتية والسيارات والممتلكات الخاصة بالمواطنين.
وقال محافظ جنين كمال أبو الرب، في تصريح صحفي: إن عدد النازحين من المخيم تجاوز 15 ألف شخص، بواقع 3500 أسرة، تم توزيعهم على بلدات وقرى عدة في المحافظة، وأكثرها بلدة برقين غرب جنين.
وأكد أن «الاحتلال مستمر في هدم وحرق منازل المواطنين في المخيم»، مضيفاً إن «الحصار الذي استمر على مدينة جنين لأكثر من عامين ماضيين فاقم من سوء الوضع الاقتصادي».
نور شمس بعد جنين.. عملية السور الحديدي تستهدف مخيمات الضفة
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بسماع دوي سلسلة من الانفجارات في المخيم، مصحوبة بإطلاق نار من قبل قناصة الجيش المتمركزين على أسطح عدد من الأبنية، وسط تحليق لمسيرات إسرائيلية في سماء المخيم.
وأكدت المصادر أن قوات الجيش قامت بمحاصرة المخيم منذ فجر يوم الأحد، وتمركزت داخل عدد من المنازل بعد طرد أهلها، فيما تقوم بهدم وتدمير البنية التحتية للمخيم بوساطة جرافات ثقيلة، على غرار ما فعلته في جنين.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نجح بتحييد "عدد من الإرهابيين والمخربين"، كما قام بشن حملة اعتقالات طالت المئات من المطلوبين.
يأتي التصعيد الميداني في نور شمس بعد أن دفعت قوات الجيش الإسرائيلي بتعزيزات إلى مدينة جنين المحاذية، وزادت عدد ألويتها المقاتلة في الضفة ليصل إلى خمسة ألوية.
وفي إطار العملية العسكرية، كان الجيش الإسرائيلي شن حملة اعتقالات ومداهمات يوم السبت، طالت عدداً من عائلات الأسرى الفلسطينيين قبل الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، كما تستهدف العملية العسكرية وفقاً لما تعلنه تل أبيب "المخربين والخلايا الإرهابية التابعة للفصئل الفلسطينية المسلحة "أذرع إيران" في المنطقة وفقاً لتصريحات نتنياهو.
ودمرت القوات الإسرائيلية، حتى الآن، البنى التحتية ولا سيما في مخيمات اللاجئين في مخيم جنين ومخيم نور شمس في طولكرم ومخيم الفارعة في مدينة طوباس.
كما لم يقتصر الاقتحام الإسرائيلي على المواجهة المباشرة فحسب، بل باتت المسيرات الإسرائيلية تقصف بشكل يومي منازل لمواطنين في مناطق متفرقة في الضفة الغربية المحتلة.
ونشر المركز الفلسطيني للإعلام مقاطع مصورة على منصات التواصل الاجتماعي تظهر الجرافات الإسرائيلية وهي تقوم بتدمير واجهات المحلات في مخيم نور شمس.
الأهداف الإسرائيلية من التصعيد العسكري
يأتي توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم نور شمس ومدينة طولكرم خلال الفترة الأخيرة، والتي اتسمت باستخدام القوة المفرطة، بما في ذلك عمليات القتل المباشر، والاعتقالات الجماعية، وتدمير البنية التحتية المدنية، ليكون ليس مجرد ردّ فعل أمنياً أو تكتيكاً عسكرياً مؤقتاً، بل ليعكس أهدافًا استراتيجية بعيدة المدى، تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الديموغرافي والجغرافي في الضفة الغربية، والقضاء على أي بيئة قابلة للمقاومة.
استهداف البيئة الحاضنة للمقاومة
تعتبر طولكرم ومخيم نور شمس من أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية، حيث تنشط فيها مجموعات من كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس وكتائب القسام، ولذلك، تسعى "إسرائيل" إلى تدمير هذه البيئة عبر استهداف المدنيين واغتيال المقاومين، لخلق حالة من الردع الجماعي وزرع الخوف بين السكان.
تهجير السكان عبر تدمير البنية التحتية
تستخدم "إسرائيل" سياسة "العقاب الجماعي" عبر قصف المنازل، وتدمير الطرق، وشبكات الكهرباء والمياه، ما يجعل الحياة في المخيمات والمدينة شبه مستحيلة، الهدف هنا هو دفع الفلسطينيين إلى الهجرة الداخلية أو حتى مغادرة الضفة الغربية، في إطار مشروع "الترانسفير الصامت"، الذي يهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية لمصلحة التوسع الاستيطاني.
فرض واقع أمني دائم يعيق أي انتفاضة مستقبلية
تعمل "إسرائيل" على تحويل شمال الضفة إلى منطقة خاضعة لسيطرة عسكرية مشددة، عبر نشر الحواجز، وتنفيذ الاقتحامات الليلية المستمرة، وزرع العملاء وأجهزة المراقبة، هذه الإجراءات تهدف إلى منع تشكّل بؤر مقاومة جديدة، وإرهاق المجتمع الفلسطيني بحيث يصبح عاجزًا عن تنظيم أي انتفاضة واسعة النطاق.
تعزيز سيطرة المستوطنين على شمال الضفة
يشهد شمال الضفة تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين، وخاصة في محيط طولكرم ونابلس وجنين، بالتزامن مع العمليات العسكرية، تعمل "إسرائيل" على توسيع المستوطنات وربطها بشبكة طرق عسكرية، ما يعزز السيطرة اليهودية على هذه المناطق، ويفرض أمرًا واقعًا على أي تسوية سياسية مستقبلية.
تصدير الأزمة السياسية الداخلية الإسرائيلية
تعاني الحكومة الإسرائيلية من أزمات داخلية حادة، بما في ذلك الخلافات داخل الائتلاف الحاكم والاحتجاجات المستمرة ضد سياسات نتنياهو، لذلك، يُستخدم التصعيد في الضفة كوسيلة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية، وإظهار الجيش في موقف القادر على "إعادة الأمن"، وخاصة بعد الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية في غزة ولبنان.
ختام القول
التصعيد الإسرائيلي في طولكرم ونور شمس ليس مجرد عملية عسكرية معزولة، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى كسر شوكة المقاومة الفلسطينية، وتفريغ الضفة من سكانها، وخلق بيئة أمنية تخدم المشروع الاستيطاني، ومع ذلك، فإن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث تعزز الغضب الشعبي، وتدفع بالمزيد من الشباب الفلسطيني إلى حمل السلاح، ما يعني أن "إسرائيل" قد تجد نفسها أمام موجة جديدة من المقاومة أكثر عنفًا وتنظيمًا.