الوقت- قد شهدنا في الآونة الأخيرة تصاعد تحركات المحور الأمريكي الصهيوني في سوريا واليمن، وهو الحدث الذي يبدو أنه يستهدف أهدافا معينة وسيزيد من تعقيد معادلات منطقة غرب آسيا، وفي الوقت نفسه، يبدو أن الاختناقات الأمنية الكبيرة التي يواجهها كيان احتلال في القدس وتعرض المصالح الأمريكية في غرب آسيا للخطر، دفعتهم إلى التفكير في أجندات جديدة.
وفي خضم استمرار حملة الحرب وجرائم كيان القدس المحتل ضد غزة ولبنان، شهدنا مؤخراً تحركات كبيرة للمحور الصهيوني الأمريكي على المستوى الإقليمي.
وفي هذا السياق، تشير تقارير مختلفة إلى تكثيف نشاط الجماعات الإرهابية مثل هيئة تحرير الشام أو نور الدين زنكي في سوريا، وهو الأمر الذي دفع الجيش السوري إلى تعزيز تحصيناته العسكرية في محافظات إدلب وحلب واللاذقية، كما أشارت بعض التقارير إلى قصف مدفعي لجيش هذا البلد على مواقع الإرهابيين وخاصة في أطراف مدينة حلب.
وبصرف النظر عن الجيش السوري، قامت القوات الجوية الروسية ومقاتلو هذا البلد المتمركزين في قاعدة حميميم الجوية السورية بقصف مواقع الإرهابيين في سوريا في عدة عمليات، وبطبيعة الحال، وبغض النظر عن تحركات الكيان الصهيوني والحكومة الأمريكية المتمحورة حول الجماعات الإرهابية المذكورة، فإن الحكومة التركية ترى أيضاً مصالح جدية لنفسها في تكثيف أنشطة هذه الجماعات وإحيائها من جديد في سوريا، وتحاول اتخاذ خطوات مستفيدة من الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة وتوسع نطاق نفوذها في سوريا.
وفي هذا الصدد، لا ينبغي أن ننسى أنه في السنوات الأخيرة، نُشرت عدة وثائق وتقارير مختلفة حول الروابط الوثيقة بين أمريكا، وخاصة كيان احتلال القدس، مع الجماعات الإرهابية التكفيرية في المنطقة وحتى في خضم الصراع الدائر هناك، صعود "داعش" في المنطقة، رأينا أن جرحى هذه الجماعة الإرهابية كانوا يعالجون أحيانا في فلسطين المحتلة ويعودون إلى ساحات القتال.
ومع ذلك، باستثناء سوريا، شهدنا في اليمن تصاعد الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالتعاون مع الكيان الصهيوني ضد اليمنيين، وفي الحدث الأخير، هاجمت القاذفات المقاتلة الأمريكية أجزاء مختلفة من صنعاء، عاصمة اليمن، وزعمت أنهم حاولوا إضعاف القدرات العسكرية والاستراتيجية لجماعة أنصار الله اليمنية.
وهي القضية التي واجهت ردة فعل واضحة من حركة المقاومة اليمنية هذه، وأكد اليمنيون أنهم سيردون على اعتداءات المحور الثلاثي المذكور على الأراضي اليمنية بأقوى طريقة ممكنة، إلا أن تكثيف أنشطة المحور الأمريكي الصهيوني ضد سوريا واليمن بطريقته الخاصة يتبع ثلاثة أجندات وأهداف مهمة يجب الاهتمام بها.
الأول: توسع حجم الحرب في منطقة غرب آسيا
إحدى الأجندات الرئيسية للمحور الأمريكي الصهيوني هو تكثيف أعماله ضد سوريا واليمن، وتوسيع نطاق الحرب والصراعات الإقليمية إلى ما هو أبعد من غزة ولبنان، قضية هدفها الأساسي خلق قنوات تنفس جديدة لكيان الاحتلال في خضم مواجهة سيل من الأزمات الأمنية، وفي الواقع، يحاول الصهاينة، بالتعاون مع الحكومة الأمريكية، توسيع ساحة المعركة قدر الإمكان، وهو ما لا يتماشى في الوضع الحالي مع مصالحهم بأي حال من الأحوال، ومن ثم، بهذه الطريقة، وبشكل جدي، فإنهم يعتقدون أن الجماعات والتيارات الإرهابية يجب أن تهاجم محور المقاومة وتضعف هذا المحور.
خلال الأشهر الماضية، حاول الكيان الذي يحتل القدس دائمًا تنفيذ هذه الأجندة، وهو يدرك جيدًا أنه كلما اتسعت الحرب في المنطقة، كلما زاد احتمال تصادم الجهات الفاعلة من خارج المنطقة لمصلحة هذا الكيان، وهي قضية يمكن أن تبدو في خضم مواجهة "إسرائيل" لطوفان من الأزمات الأمنية والسياسية والدولية، بمثابة راحة لهذا الكيان إلى حد ما.
الثاني: المحور الأمريكي الصهيوني وجشع الكيان الجديد في غرب آسيا
لقد تحدث بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء كيان القدس المحتل، مراراً وتكراراً عن رغبة نظامه في إقامة كيان جديد في منطقة غرب آسيا، وهو الكيان الذي سنشهد فيه، حسب الصهاينة، تقوية "إسرائيل" وإضعاف محور المقاومة، وفي الوقت نفسه فإن الحكومة الأمريكية، التي ترى أن ترتيباتها المرغوبة في غرب آسيا مشوهة وضعيفة تماماً، تشعر بالذعر وتحاول خلق كيان جديد للخروج من الأزمات الحالية ضد نظامها الصهيوني.
والحقيقة أن أنصار الكيان الغربي في المنطقة لا يستسلمون بأي شكل من الأشكال، ويحاولون تحديد كيان جديد بأي طريقة ممكنة، حتى عندما تشير كل الدلائل إلى سقوط الكيان المنشود، أمر لا يمكن الاعتراف به إلا بإضعاف محور المقاومة، ولذلك يحاولون خلق أزمات أمنية لمحور المقاومة ويحاولون من خلال هذه الوسائل تحقيق مصالحهم الخاصة، وفي هذا الإطار يحاولون توسيع جبهات الحرب ضد تيار المقاومة وإضعاف قوة هذه الجبهة.
ثالثاً: إرسال نبض ذي معنى من أمريكا والصهاينة
وأخيراً، لا بد من القول إنه يبدو أن المحور الأمريكي الصهيوني يحاول خلق نوع من المسافة بين مختلف أعضاء محور المقاومة من خلال خلق أزمة في اليمن وسوريا، حتى تتقلص القدرات الميدانية في نظرهم لهذا المحور الذي يقوم بعمليات عسكرية ضد تقويض مصالحهم الخاصة.
وفي الوقت نفسه فإن حقيقة أننا نرى أن أمريكا و"إسرائيل" تسعيان علناً إلى توسيع نطاق الحرب على المستوى الإقليمي تعيد إلى الأذهان أيضاً رسالة مفادها بأن وضعهما ليس جيداً على الإطلاق وأن الوضع قد وصل إلى نقطة حيث قد فقدوا جميع أصولهم وتم إحضارهم إلى الميدان وأنهم الان يقومون بمقامرة مميتة، وبطبيعة الحال، فإن محور المقاومة أظهر أيضاً خلال الأشهر الماضية أنه أعد نفسه لأي سيناريو، وذلك لكي لا يصاب بالصدمة عندما يواجه مخططات المحور الأمريكي الإسرائيلي.