الوقت- قتل أكثر من 45 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الهجوم الجوي الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية، ويقال إنه خلال هذا الهجوم الجوي اشتعلت النيران في خيام اللاجئين وفقد العديد منهم حياتهم في هذا الحريق، ولقد أدى انتشار صور الأطفال والنساء مقطعة الأوصال، والضحايا الذين احترقت أجسادهم بشدة وتحولت إلى اللون الأسود، إلى غضب واحتجاج زعماء العالم؛ وبلغت أبعاد هذا الحادث حدا دفع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، إلى الإشارة إلى المأساة التي وقعت باعتبارها "خطأ مأساويا"، وادعى أن الهجوم على رفح سار بشكل مأساوي، ثم ادعى أن التحقيق في هذه المأساة الإنسانية مستمر.
إلا أن تصريحات نتنياهو لم توقف الغضب والانتقادات؛ هذه المرة سمع صوت حلفاء تل أبيب أيضا، ولقد ردت مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي وتحدت جو بايدن بسبب نهجه السلبي تجاه تل أبيب، وقالت قطر، التي حاولت التوسط من أجل إحلال السلام: إن الهجوم الأخير على رفح سيجعل عملية التفاوض أكثر تعقيدا، ويأتي هذا الادعاء في حين أعلنت حماس أنها لن تشارك في أي مفاوضات ردا على هذه الجريمة، وفي الوقت نفسه، تزعم وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب قدمت لمصر وقطر حزمة مقترحة لإقناع حماس، كما نشر جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، رسالة على شبكة إكس (تويتر سابقا) وكتب أنه شعر بالرعب من هذه الحادثة.
ومع نشر الصور المفجعة لضحايا الهجوم الإسرائيلي، لم يتمكن القادة الغربيون من الاستمرار في صمتهم، وأصدر البيت الأبيض بيانا وصف فيه صور ضحايا هذا الهجوم بأنها مفجعة، وذكر موقع أكسيوس أن إدارة بايدن تحقق فيما إذا كان الهجوم قد انتهك الخطوط الحمراء الأمريكية، ورد إيمانويل ماكرون بالقول إنه غاضب، ومن المفترض حاليا أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة حول هذه المأساة، ويقال إن الجزائر قدمت طلبا لعقد اجتماع طارئ.
وفي الوقت نفسه، انعكست أخبار الهجوم الإسرائيلي الدموي على رفح في المطبوعات الغربية، حيث قدم الكثير منها وصفاً موجزاً للهجوم وتناولت ردود الفعل، ونشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريراً أعطى في البداية وصفاً موجزاً للهجوم الحادث ثم أعطى ردود الفعل، وينقل هذا المنشور عن ماكرون قوله إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح يجب أن تتوقف، ولا توجد منطقة آمنة هناك، ويجب احترام القوانين الدولية والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، واتخذت وزيرة الدفاع الإيطالية موقفا مماثلا، وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي: إنها صدمت عندما شاهدت صور الضحايا، كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز وكتب عن ألسنة اللهب وجثث الضحايا المحروقة نقلا عن ناجين وشهود عيان.
العالم في حالة صدمة
ووصفت صحيفة الغارديان، بنشرها تقريرا، الهجوم الأخير على رفح بالكارثة الإنسانية، واختارت في هذا الصدد عنوان تقريرها "العالم في حالة صدمة"، ووصفت هذه الصحيفة في بداية تقريرها الحادثة وكتبت أن "إسرائيل" استهدفت المستوطنين الفلسطينيين بحجة استهداف مواقع حماس، وخلال هذا الهجوم، سرعان ما اشتعلت النيران في الخيام والمساكن المؤقتة وحتى المستشفى الميداني الذي تديره اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكانت أبعاد الحريق واسعة لدرجة أن الحاضرين لم يتمكنوا من السيطرة على نطاقها، ولم تكن النتيجة سوى مقتل عدد لا يحصى من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وفي استمرار لمذكرته، أشارت صحيفة الغارديان إلى رد فعل وسائل الإعلام الإسرائيلية وكتبت أن حجم الحادث كان مفجعًا للغاية لدرجة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية اضطرت إلى التعامل معه، على الرغم من أنها لم تبلغ عن أي من الهجمات.
رواية ليلة رفح الدامية
وقال محمد أبو عسا، أحد اللاجئين الذين يعيشون في رفح، لوكالة أسوشيتد برس عن هذه الليلة الدامية: هرعت إلى مكان الحادث، في مكان ما شمال غرب حي تل السلطان، وكان الضحايا في حالة سيئة ونحن أخرجنا الكثير منهم بصعوبة، وتمزقت جثث الأطفال، واحترقت أجساد الصغار والشيوخ، وكان هذا الحريق غير معتاد، وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حوالي نصف القتلى هم من النساء والأطفال وكبار السن، واستمرت يوم الإثنين الماضي جهود البحث عن الجثث، وفي الوقت نفسه، كانت مجموعة من الفلسطينيين تستعد لمراسم دفن الضحايا.
رفح... حتى الموتى ليسوا آمنين
كما نشرت مجلة ميدل إيست إي تقريرا يصف هذا الهجوم الدموي، وتحدث موقع ميدل إيست آي في بداية تقريره عن ردود الفعل العالمية ثم غطى مقابلة الجزيرة مع أحد شهود هذا الهجوم، وقال هذا الرجل الفلسطيني لمراسل الجزيرة: "المنطقة التي تم استهدافها كانت منطقة آمنة والخيام عبارة عن ملاجئ مؤقتة، فجأة، سقط صاروخ على مسكننا، الذي كان مبنيًا ببعض الكتل والقضبان المعدنية والقماش، وتدفق الناس إلى الشوارع، لم يكن هناك جيش أو أي شيء، كانت المنطقة آمنة".
وفي جزء آخر من تقريرها، أشارت ميدل إيست آي إلى جثث الضحايا وكتبت أن أجزاء أجساد العديد من الضحايا كانت ممزقة، وانفصل رأس أحد الأطفال عن جسده، كان كل شيء دموياً ومريراً بعد شروق الشمس، بدأ التحقيق، وحينها ظهرت أبعاد جرائم الإسرائيليين، وتم وضع الأطفال الذين نجوا في السيارات، بينما قام الرجال بالبحث في الحطام المحترق بحثاً عن الضحايا.
وقال أحد الناجين لمراسل ميدل إيست إي: "كنا نحتمي هنا منذ 12 ساعة عندما اشتعلت فيه النيران"، وتابع، "في ذلك الوقت كان كثير من الناس يصلون صلاة الليل ويستعدون للنوم"، وقالت ليان الفيوم، إحدى الناجيات من هذا الهجوم الدموي، لموقع ميدل إيست آي: "كنا نجلس بسلام عندما سمعنا صوت الانفجار، خرج الكثير من الناس من الخيام لمعرفة ما حدث، كان الأمر كالجحيم، لقد صدمنا جميعًا، ولم نتمكن من السيطرة على الحريق بسهولة، بعد ذلك كان علينا العثور على أشلاء جثث الأطفال القتلى".
ويقال إنه في حوالي الساعة العاشرة (بالتوقيت المحلي) عندما سمع صوت المحركات النفاثة الإسرائيلية فوق هذه الجغرافيا، اشتعلت النيران في الخيام، وقالت الجزيرة: إن المنطقة التي تم استهدافها كانت تقع بالقرب من أحد مستودعات الأمم المتحدة وكانت منطقة إنسانية، كما تناولت قناة الشرق الأوسط آراء مراسلها ونقلت عنه قوله: "بعد الهجوم عمت الفوضى، وكان الناجون المذعورون يبحثون عن مأوى، ورأيت رجلاً يحمل بين ذراعيه جثة طفل مقطوع الرأس، وعلى الجانب الآخر طبيب يحمل جثة مهشمة الدماغ، وفي هذه الأثناء، كان هناك فتاة صغيرة تصرخ لإنقاذ نفسها وشقيقها، ولكن بمجرد اقترابنا منهم، دمر الملجأ فجأة، حتى الموتى تحت الأرض ليسوا آمنين هنا"، وتابع: "لقد فقدنا كل أموالنا في الهجوم الإسرائيلي، والآن ليس لدينا القدرة على الذهاب إلى منطقة أخرى".