الوقت - تعيش إيران الحداد علی رئيسها الحبيب والثوري، الذي كرّس حياته لخدمة الشعب وتوفير الراحة والرفاهية لجميع المواطنين.
كان الرئيس الثامن لإيران، خلال ثلاث سنوات من النشاط الدؤوب وعلى مدار الساعة، مصدراً للعديد من الخدمات في طريق التقدم ورفع مكانة إيران الإسلامية على المستوى الدولي، وفي الواقع، كان أحد المجالات المزدهرة لنشاط حكومة الراحل رئيسي هو مجال العلاقات الخارجية، والذي ترك وراءه إرثاً ثميناً.
وفي هذا الصدد، بالإضافة إلى النتائج الملموسة والمثمرة لسياسات حكومة السيد رئيسي في تعزيز العلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية، القائمة على توفير أكبر قدر ممكن من المصالح الوطنية وزيادة القوة الوطنية ونمو التجارة الخارجية وتحييد العقوبات، فمن المؤكد أن استراتيجيات وتوجهات وأولويات الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة في السياسة الخارجية، كانت بمثابة حجر الزاوية في العديد من الإجراءات، التي تسهّل وتمهّد الطريق أمام الحكومات المستقبلية، من خلال تحديد مسار رؤيوي.
سنتناول في هذا المقال جزءاً صغيراً ولكنه مهم جدًا من إنجازات السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الثالثة عشرة.
1- العضوية في المنظمات الإقليمية والدولية
لقد كان تعزيز التحالفات الدولية في العلاقات الخارجية، وخاصةً العضوية في منظمات واتفاقيات السوق المشتركة الإقليمية واتفاقيات التجارة الحرة، دائمًا أحد الأهداف المهمة في استراتيجية السياسة الخارجية الإيرانية.
وتماشيًا مع هذا الهدف المهم، تم تحقيق إنجازات كبيرة في حكومة الراحل رئيسي، وتم استغلال موقع إيران الجيوسياسي وقدراتها الاقتصادية الداخلية للمشاركة في التجارة الدولية على نطاق أوسع، مقارنةً بالحكومات السابقة.
وكان أحد هذه النجاحات المهمة للغاية، هو إتمام عضوية إيران في الاتفاقين الاقتصاديين الرئيسيين، شنغهاي ومجموعة البريكس، بحضور القوى العالمية الناشئة غير الغربية، ورغم قبول إيران كعضو مراقب لسنوات عديدة، ولكن لا شك أنه لو لم يكن هناك تغيير في النظرة العامة في اتجاه السياسة الخارجية للحكومة بعد تولي السيد رئيسي منصبه، لما تسارع قبول عضوية إيران الرسمية.
كما قبلت روسيا والصين، باعتبارهما حليفتين استراتيجيتين رئيسيتين في التحول العالمي للنظام العالمي، إيران باعتبارها الجانب الثالث من تحالفهما الشرقي بسبب سياستها المستقلة تمامًا، وموقعها الجيوسياسي الحساس، وقوتها العسكرية ونفوذها الإقليمي الواسع، وفي تحقيق هذه السياسة المهمة المتمثلة في "التوجه شرقاً"، لعبت الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة الدور الأكبر.
ومن المؤكد أن عضوية شنغهاي فتحت فرصاً لا مثيل لها للتنمية الاقتصادية والتجارة الخارجية في إيران، وتضم هذه المنظمة نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونحو 40% من سكان العالم، وهذا يعني الفشل التام لسياسة العقوبات الغربية لفصل إيران الاقتصادي عن التجارة العالمية.
کذلك، فإن العضوية في مجموعة البريكس والالتحاق بالقوى الاقتصادية الناشئة في العالم، والتي ستكون وفقًا للخبراء بديلاً لمجموعة السبع في المستقبل، ستجلب فوائد اقتصادية مختلفة، بما في ذلك تعزيز التجارة الخارجية من خلال تخفيض الرسوم التجارية والجمركية، ونقل المعرفة والتكنولوجيا، وتوريد المواد الخام، والتفاعلات والاتصالات مع الأسواق العالمية والتداول بالعملات الوطنية، وحل المشاكل بشکل كامل.
وفي الفترة نفسها، وبفضل تركيز جهاز السياسة الخارجية الإيراني بقيادة الدكتور الشهيد أمير عبد اللهيان على الدبلوماسية الاقتصادية، تمكنت إيران من اتخاذ خطوة كبيرة نحو الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU)، وتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع هذه المنظمة التي تمثل نحو 2.4 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
2- التسويق والانفتاح الاقتصادي
إن الاهتمام بأولوية القضايا الاقتصادية في مركز السياسة الخارجية لحكومة الشهيد رئيسي، دفعه إلى القيام بـ 28 زيارة خارجية خلال 33 شهرًا من رئاسته.
في هذه الأثناء، وعلى الرغم من أن أولوية الحكومة كانت توسيع العلاقات الاقتصادية الشاملة مع الجيران ودول المنطقة، إلا أن السيد رئيسي لم يكن غافلاً عن الأسواق الأخرى المستعدة لوجود الشركات والسلع الإيرانية، وخاصةً في البلدان النامية.
وفي الفترة نفسها، وبعد سنوات من الركود، أحيت الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة مكانة إيران السياسية والاقتصادية في أمريكا اللاتينية، حيث قام السيد رئيسي، بالإضافة إلى الزيارات والاجتماعات الجانبية في الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، في يونيو 2023، برحلة دورية لمدة خمسة أيام إلى فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا في أمريكا اللاتينية، وبتوقيعه على 35 وثيقة تعاون في مختلف المجالات، قطع قفزةً كبيرةً لاستعادة حصة إيران الاقتصادية في هذه المنطقة.
وفي هذه الفترة، يمكن أن نشهد قفزةً في العلاقات مع أفريقيا، ومن أبرز مظاهرها مبادرة عقد اجتماع دولي بين إيران وأفريقيا، والذي عقد مطلع الشهر الماضي (مايو) بحضور ممثلين على مستوى كبار المسؤولين من الدول الأفريقية، بما في ذلك وزراء اقتصاد أكثر من 30 دولة أفريقية في طهران.
من ناحية أخرى، قام الشهيد رئيسي برحلة دورية إلى الدول الثلاث كينيا وأوغندا وزيمبابوي في يوليو 2023، وكانت أول رحلة لرئيس إيراني إلى القارة الأفريقية بعد 11 عاماً، وقد استطاعت الرحلة أن يكون لها تأثير إيجابي وإنجازات كبيرة.
التسويق الإقليمي وتعزيز العلاقات مع الدول العربية
تعدّ القفزة في عائدات النفط والغاز واتفاقيات الطاقة مع الجيران في خضم العقوبات، من بين الإنجازات الأخرى للدبلوماسية الاقتصادية للحكومة الثالثة عشرة لإيران، والتي تم تحقيقها بجهود الرئيس الثامن، ووفقاً لمسؤولين رسميين، تمكنت إيران الآن من زيادة مستوى الإنتاج والتصدير وعائدات النفط، حتى قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
من ناحية أخرى، كان تفعيل دبلوماسية الطاقة وتطوير تعاون إيران مع دول الجوار، على جدول أعمال وزارة النفط منذ الأيام الأولى للحكومة الثالثة عشرة في إيران، وهو ما أنهی 5 سنوات من الفشل في اتفاقية الغاز مع تركمانستان، بل إن هذا الاتفاق الثلاثي بمشاركة جمهورية أذربيجان، أعطى فرصةً لجعل طريق إيران للوصول إلى سوق الغاز الأوروبي أكثر سلاسةً في المستقبل.
کما تم اتخاذ خطوة رئيسية أخرى للحكومة الإيرانية الثالثة عشرة في مجال تصدير الطاقة، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الشهيد رئيسي إلى باكستان، وخلال هذه الرحلة، تم التوصل إلى اتفاقات بشأن استكمال مشروع خط أنابيب تصدير الغاز الإيراني إلى باكستان.
ومن خلال اتخاذ الخطوات النهائية لهذا الاتفاق، فإن حصة إيران في سوق الطاقة الإقليمية ستشهد بالتأكيد تحولاً جوهرياً، وخاصةً أنه مع تنفيذ المشروع الضخم لاستغلال المرحلة الحادية عشرة من حقل "فارس" الجنوبي في الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة، تجاوزت حصة إيران من هذا الحقل المشترك حصة القطريين، حتى في خضم العقوبات.
3- تفعيل قدرات الممرات الإيرانية
إيران دولة ذات موقع جيوسياسي فريد، على الطريق السريع الذي يربط شرق وغرب وشمال وجنوب العالم، وقد خلقت هذه القضية الفرصة لإيران للعب دور رئيسي في مشاريع العبور وشبكة التجارة الدولية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والدخل المالي من هذا المجال.
وفي هذا المجال، يمكننا أن نشهد طفرةً في تصنيف إيران الإقليمي والدولي في الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة، ففي هذه الحكومة، أدى التغيير في إجراءات قيادة الاقتصاد المقاوم، إلى جعل مشروع "ممر الشمال-الجنوب" إحدى أولوياتها الاقتصادية، ونتيجةً لذلك، شهدت مشاريع السكك الحديدية والطرق المرتبطة بهذه الخطة، تحولاً كبيراً في فترة قصيرة من الزمن.
وفي هذا الصدد، اكتسب التعاون مع الهند في تطوير ميناء تشابهار زخمًا متزايدًا، وأدى خط السكة الحديدية المتصل بأفغانستان إلى افتتاح خط سكة حديد خاف-هرات في يوليو 2023 تحت الإدارة الجهادية للحكومة الثالثة عشرة في إيران.
کما يعدّ ممر الشرق-الغرب أيضًا خطةً استراتيجيةً متوسطة المدى، ورغم أنه يتمتع بإمكانات أكبر لنقل البضائع، إلا أن هناك أيضًا منافسةً شرسةً لاستضافته في المنطقة، وفي بعض الأحيان تنشط الطرق المتنافسة في هذا الصدد أيضًا.
عندما تم قبل ثلاث سنوات (ديسمبر 2020) افتتاح خط سكة حديد طريق الحرير المعروف بمشروع "حزام واحد، طريق واحد"، ووصل أول قطار شحن تركي على هذا الطريق إلى وجهته في الصين دون المرور بإيران، قيل إن إيران تخلفت عن مشروع طريق الحرير الضخم، وهكذا، في بعض الفترات الماضية، وعلى الرغم من معرفة الأهمية الجيوسياسية لمشروع طريق الحرير الجديد، إلا أن إيران كانت غائبةً عن خط السكة الحديدية هذا.
ولکن تغير هذا النهج في الحكومة الإيرانية الثالثة عشرة، في ظل التركيز على الاستفادة من القدرات الإقليمية للبلاد، ووضع نهج جديد على جدول الأعمال وفقاً لقدرات الممرات الشمالية والجنوبية، وكذلك الشرقية والغربية، وفي غضون ذلك، تم تفعيل استخدام قدرات العبور في البلاد، لزيادة مستوى التبادلات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الحلفاء.
وکان تدشين طريق نقل الحاويات عبر السكك الحديدية بين كازاخستان وتركمانستان وإيران وتركيا، والذي يحمل منتجات نقل الحاويات في يونيو 2022، تماشياً مع تعزيز ممر الشرق-الغرب، والتوقيع على بروتوكول ممر النقل بين الصين وأوروبا في اجتماع طشقند، من الثمار المهمة لهذه السياسة، والتي تمكنت من إعادة إيران إلى طريق الحرير.