الوقت- يعتزم "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة إقامة قوات خاصة للدفاع الجوي في شمال شرق سوريا، وذلك بزعم تصاعد التهديدات التي تواجه القواعد الأمريكية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ويأتي هذا القرار في سياق زيادة التوتر في المنطقة جراء الأحداث الأخيرة، بما في ذلك العدوان على قطاع غزة، كما أن أفراد القوة الجديدة التابعة لـ"قسد"، المعروفة باسم "وحدة مكافحة الإرهاب"، لم يتم استدراجهم للمشاركة في هذه القوة، وإن الجيش الأمريكي، بعد التصعيد الأخير، يعمل على تكثيف الإجراءات الأمنية لحماية قواعده في سوريا، على الرغم من أنه يعتمد في حراسة هذه القواعد على وجود قوات "قسد".
لا شك أن "التحالف الدولي" لن يعتمد في هذه المهمة على "قسد"، كما أن تزويد الأخيرة بأسلحة "دفاع جوي" قد يثير اعتراضًا من قبل أطراف إقليمية ودولية، في ظل تدريبات مشتركة مكثفة نُفذت بين "التحالف الدولي" و"قسد" في دير الزور والحسكة، تم خلالها تنفيذ تدريبات على منظومات دفاع جوي أمريكية، بالإضافة إلى تدريبات عسكرية تتضمن تشغيل الطائرات العامودية وتحديد الإحداثيات ونقلها إلى منظومات الدفاع.
وإن الأنباء عن تزويد "التحالف الدولي" لـ"قسد" بمنظومات دفاع جوي "خطيرة" للغاية، وخاصة أن "تزويد ميليشيا "قسد" بهذه المنظومات يعني تحولها إلى جيش نظامي، مزود بالقدرة على الدفاع الجوي والبري، كما أنه إذا تم فعلاً تشكيل قوات دفاع جوي تضم عناصر من "قسد"، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التوتر في المنطقة، مع استياء تركيا من هذه الخطوة، وخاصة أن أنقرة تصنف "قسد" ضمن التنظيمات "الإرهابية".
أيضا، إن الولايات المتحدة، منذ دعمها لـ"قسد"، كانت تتجنب تزويدها بمنظومات الدفاع الجوي، ما يشير إلى نوايا أمريكية يمكن وصفها بأنها "خبيثة"، حيث إذا تمت هذه الخطوة، فقد تكون النتيجة تقسيم سوريا أو إقامة دويلة داخل الدولة، ويمكن الربط بين توجه الولايات المتحدة لتشكيل قوات دفاع جوي في شمال شرق سوريا، وخوفها من زيادة الهجمات الصاروخية والمسيرات على القواعد الأمريكية في تلك المنطقة.
وبالتالي، إن الولايات المتحدة تتجه نحو إنشاء قواعد ثابتة في سوريا، نظرًا لكونها الخيار الأمثل لردع محاولات الهجوم بالمسيرات والصواريخ التي ربما تطلقها المقاومة في حال أي اعتداء أمريكي أو اسرائيلي، سواء باتجاه القواعد الأمريكية أو باتجاه الكيان الصهيوني، كما حدث مؤخرًا في الرد الإيراني على استهداف قنصلية طهران في دمشق.
وإذا كانت الأنباء صحيحة، فإنها تشير إلى استعداد القوات الأمريكية لزيادة التصعيد في المنطقة، ومن الواضح أن الولايات المتحدة تركز على تعزيز تدابير حماية قواعدها في سوريا، وتعتبر قوات الدفاع الجوي أساسية لتحقيق هذا الهدف، ويُشار إلى أن القواعد الأمريكية في سوريا والعراق تتعرض بين الحين والآخر لهجمات بالصواريخ والمسيرات، وقد شهدت هذه الهجمات تصاعدًا ملحوظًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
الوضع الحالي يشير إلى توجه "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة نحو إنشاء قوات دفاع جوي في شمال شرق سوريا، بهدف حماية القواعد الأمريكية من التهديدات المزعومة رغم الوجود الاحتلالي غير الشرعي، كما أن التدريبات المشتركة بين "التحالف الدولي" و"قسد" على منظومات دفاعية جوية أمريكية، يشير إلى تعزيز التعاون العسكري بين الطرفين لدرجة العمالة الفاضحة لواشنطن.
في الختام، يمكن فهم الخطوة الأمريكية بإنشاء القوات الجوية بأنها استجابة لتصاعد التهديدات الأمنية في المنطقة، وخاصة بعد الهجمات الصاروخية والمسيرات التي استهدفت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، ويظهر الارتباط المباشر بين هذه الهجمات والتوجه الأمريكي نحو تعزيز الدفاع الجوي، ما يعكس تحولًا في الاستراتيجية الأمريكية نحو تعزيز الحماية الجوية لقواعدها، ومن المهم أيضًا التطرق إلى تأثير هذه الخطوة على العلاقات الإقليمية، حيث يشير التصعيد المحتمل في المنطقة إلى تأثيرات سلبية قد تشمل اعتراض تركيا على وجود قوات دفاع جوي تابعة لـ"قسد"، وبالتالي تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وتركيا في المنطقة.
كذلك، يُظهر الخبر أن التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط لا تزال مستمرة، وأن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز قدرتها الدفاعية في المنطقة، ما قد يؤدي إلى تصاعد المواجهات العسكرية والتوترات السياسية في المستقبل القريب.