الوقت- تجاوز التعسف الصهيوني في عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الذي يشهد مجاعة وأوضاعاً كارثية كل الحدود، وفي هذا السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -خلال زيارة لمعبر رفح - إن توقف شاحنات الإغاثة المحتجزة على الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، حيث يعاني السكان من الجوع، في صف طويل تصرف مثير للغضب، وأضاف غوتيريش إن الوقت حان كي تقدم إسرائيل "التزاما صارما" بإدخال السلع الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة من دون قيود.
وأكد غوتيريش أن الطريق البري هو السبيل الوحيد لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن الخلافات الجيوسياسية في مجلس الأمن تقف عائقاً أمام اتخاذ قرارات ذات معنى في هذا الخصوص، ومن معبر رفح على بعد أمتار من قطاع غزة عبر غوتيريش عن ألمه من الكابوس الذي يعيشه أطفال ونساء غزة فمجتمعات بأكملها تطمس ومنازل تهدم وأجيال بأكملها يتم محوها فيما يطارد الجوع والمجاعة السكان وسط صمت عربي ودولي مطبق، وقال إنه "أمر فظيع أن الفلسطينيين في غزة، بعد معاناة على مدى أشهر كثيرة، استقبلوا شهر رمضان والقنابل الإسرائيلية لا تزال تتساقط عليهم والرصاصات لا تزال تتطاير والمدفعية لا تزال تقصف، والمساعدات الإنسانية لا تزال تواجه عقبات تلو الأخرى".
ومن جانب آخر، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيثس، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلي هي السبب في عدم وصول المساعدات إلى المحتاجين في غزة، وشدد على ضرورة أن تزيل السلطات الإسرائيلية كل العوائق أمام المساعدات، وعلى ضرورة وقف إطلاق النار.
استهداف المساعدات
تحول استهداف قوات الاحتلال للمدنيين الذي ينتظرون في صف انتظار المساعدات لمشهد مألوف من مشاهد الإجرام الصهيونية ففي الأيام الأخيرة تم استهداف ما لا يقل عن ثلاثة مستودعات تخزين للمساعدات الإنسانية في رفح في 13 آذار/مارس، وفي النصيرات في 14 آذار/مارس، وفي جباليا في 19 آذار/مارس، ما أدى حسب تقارير إلى وقوع ضحايا في تلك الاستهدافات.
مطالبات بدعم الأونروا
لطالما شكلت الأونروا العمود الفقري لجميع عمليات الإغاثة في قطاع غزة وانطلاقاً من أهمية عملها حث الأمين العام أنطونيو غوتيريش جميع أعضاء الأمم المتحدة على دعم الجهود الأممية المنقذة للحياة التي تقودها الوكالة، وأعرب عن تطلعه لمواصلة العمل مع مصر لتنسيق تدفق المساعدات،.
فيما وافق الكونغرس الأمريكي على اقتراح يحظر تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، حتى عام 2025 على الأقل، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، وجاءت الموافقة، ضمن اتفاق ميزانية الأمر الذي يشكل آخر مسمار يدق في نعش وكالة الاونروا وكانت السلطات الاسرائيلية قد رفضت مؤخراً السماح للمدير العام للوكالة بدخول قطاع غزة.
وموجها حديثه للفلسطينيين في غزة، قال أمين عام الأمم المتحدة: لستم وحدكم، وأضاف إن الناس في جميع أنحاء العالم تشعر بالغضب للفظائع التي نراها جميعا كل يوم أثناء حدوثها.
وشدد أمين عام الأمم المتحدة على أن الوقت قد حان للتدفق الواسع للمساعدات المنقذة للحياة إلى غزة، وقال إن الخيار واضح، إما زيادة المساعدات بشكل كبير أو المجاعة، ودعا إلى أن يكون الاختيار إلى جانب المساعدة والأمل والجانب الصحيح من التاريخ.
واختتم تصريحاته الصحفية بالقول: "لن استسلم ، ويجب ألا نستسلم جميعا في فعل كل ما يمكن لتسود إنسانيتنا المشتركة في غزة وأنحاء العالم".
ليس هناك بديل عن الطريق البري
يعتبر وصول المساعدات الإنسانية على الأرض هو الخيار الأمثل لإجراء تقييمات شاملة لاحتياجات الناس، وإن إنزالها جوا "ليست الطريقة المثلى"، فهي تنطوي على مخاطر قد تهدد حياة السكان، إضافة إلى أنها وسيلة محدودة التأثير وعالية التكلفة.
وتحيط بغزة 7 معابر برية، تتحكم حكومة الاحتلال في 6 منها، أغلقت منها 4 معابر خلال الـ17 عاما الماضية وأبقت على معبري كرم أبو سالم التجاري وبيت حانون (إيريز) المخصص للأفراد والحالات الإنسانية، في حين أن السابع هو معبر رفح البري مع مصر المخصص للأفراد والبضائع.
في الوقت الذي تسمح فيه "إسرائيل" بالمساعدات الجوية، فإن مثيلتها من المساعدات المكدسة في الجانب المصري من معبر رفح انخفض مرورها للقطاع بنسبة 50% خلال فبراير/شباط الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، حسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
فيما تقدر التقارير أن هناك أكثر من 600 ألف طن من المساعدات مكدسة بالشاحنات على معبر رفح، والتي تمنع سلطات الاحتلال إدخالها وبعد وقوع الكارثة والمجاعة، أطلت بعض الدول بفكرة إنزال المساعدات، منها من تحاول كسر المجاعة والتجويع، ومنها من تحاول ركوب الموجة في سلوك ممجوج، رغم أن الجميع يدرك أن الحل الأمثل ليس بإنزال المساعدات من الجو، وإنما إدخالها برا مباشرة إلى الأهالي، فجميع هذه العمليات تأتي في سياق الالتفاف على الحلول الجذرية، وليّ ذراع الواقع والميدان والحقيقة، والتماهي مع سياسة الاحتلال بتعزيز التجويع، وشراء وقت لمصلحته وترك المجاعة تفتك بالأبرياء.
وفي سياق متصل هناك أهداف عدة تريد حكومة الاحتلال تحقيقها من وراء السماح لبعض الدول بتنفيذ الإنزال الجوي، يعتبر أهمها في أنها تعفي حكومة نتنياهو من الضغوط لفتح المعابر المغلقة، أو عدم وضع عقبات أمام تدفق المساعدات عن طريق معبر رفح. كما لا يمكن للمساعدات الجوية أن تُفشل أهداف حرب التجويع المستمرة بشكل كلي، وخاصة من حيث الكميات، فمثلا أسقطت الولايات المتحدة بالاشتراك مع الأردن 35 ألف وجبة طعام، أي وجبة واحدة في اليوم لهذا العدد، في حين لم يحصل نحو 670 ألف مواطن في شمال القطاع على أي مساعدات، وفي نهاية المطاف الحديث الأمريكي عن عملية إنزال جوي مستدامة للمساعدات وإنشاء ممر بحري، يلتقي مع الأهداف الإسرائيلية بخصوص عزل القطاع عن العالم.