الوقت- كشفت مصادر دبلوماسية عن عرض قدمته دولة الإمارات إلى جنوب أفريقيا يتضمن استثمارات ضخمة للتراجع عن مقاضاة كيان الاحتلال الصهيوني عن جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في محكمة العدل الدولية، وعلى الرغم من المشاعر العامة المنتقدة لكيان الاحتلال الصهيوني حول العالم، إلا أن الإمارات ومنذ اليوم الأول أكدت أن اتفاقيات إبراهام موجودة لتبقى، ما يشير إلى أن الحفاظ على العلاقات وضمان العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية والأمنية بين تل أبيب وأبوظبي يمثل أولوية أعلى للقادة الإماراتيين من الضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء مذبحة الفلسطينيين في غزة فهل أصبح التطبيع والمصالح الاقتصادية مع الكيان الصهيوني أهم من أرواح الآلاف التي أزهقتها آلة الحرب الصهيونية؟
الداعم الإقليمي الأكبر
منذ اليوم الأول للحرب على غزة برزت دولة الإمارات بوصفها المساند الإقليمي الأكبر للكيان الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة المستمر من خلال مجموعة من المواقف والتصريحات الإعلامية لمسؤوليها وأطلقت الأذرع الإعلامية والحسابات الالكترونية التابعة للإمارات حملة دعم واسعة للكيان الصهيوني ومحاولة شيطنة فصائل المقاومة الفلسطينية، وبموازاة ذلك عمدت الإمارات إلى استغلال علاقاتها الإقليمية لتجنب فتح ساحات أخرى ضد "إسرائيل" ولا سيما من سوريا.
إذ حذرت الإمارات، الحكومة السورية من التدخل في الحرب بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل" أو السماح بشن هجمات من الأراضي السورية على كيان الاحتلال، وأورد موقع “أكسيوس” الأمريكي، أن الإماراتيين يتمتعون بنفوذ على الحكومة السورية أكبر من معظم الدول العربية في المنطقة، وخاصةً أن أبوظبي كانت من أول الدول التي أعادت علاقاتها مع الأسد، كما تتمتع الإمارات أيضاً بعلاقة وثيقة مع كيان الاحتلال الصهيوني، بعد أن وقع الجانبان معاهدة سلام في العام 2020، كجزء من “اتفاقيات أبراهام”، التي توسط فيها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
وقال الموقع الأمريكي إن المسؤولين الإماراتيين وجهوا رسائلهم إلى نظرائهم السوريين رفيعي المستوى، بأهمية عدم الدخول في الحرب، ووفق الموقع، فقد أطلع الإماراتيون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على اتصالاتهم مع السوريين.
كانت وزارة الخارجية الإماراتية وصفت، عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها حركة حماس على المدن والقرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة القريبة من قطاع غزة، بأنها تشكل “تصعيداً خطيراً وجسيماً".
كما أعربت الوزارة في بيان لها عن استيائها الشديد إزاء التقارير التي تفيد باختطاف مدنيين إسرائيليين من منازلهم كرهائن، وأكدت على ضرورة أن “ينعم المدنيون من كلا الجانبين بالحماية الكاملة بموجب القانون الإنساني الدولي، وضرورة ألا يكونوا هدفاً للصراع".
فيما عبرت الوزارة عن أسفها العميق للخسائر في الأرواح من الجانبين، نتيجة لاندلاع أعمال العنف، ودعت الطرفين إلى وقف التصعيد وتجنب تفاقم العنف، وما يترتب على ذلك من عواقب مأساوية تؤثر على حياة المدنيين والمنشآت.
في هذه الأثناء أعلن رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أنه تحدث هاتفيا مع وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، “الذي أعرب عن تضامنه مع إسرائيل".
من جانبها، قالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام)، إن عبد الله بن زايد أجرى اتصالات هاتفية مع وزير خارجية "إسرائيل" إيلي كوهين، ورئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، حول تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة.
إلى ذلك نفى وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي، وجود أي تأثير للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين على علاقات تل أبيب وأبوظبي.
وصرح الزيودي في حديثه من دبي على هامش توقيع بلاده أحدث اتفاق تجاري مع جورجيا، إن الأولوية لدى الإمارات تتمثل في الوصول إلى الأسواق في جميع المناطق على مستوى العالم، وتابع الوزير الإماراتي “نحن لا نخلط التجارة بالسياسية” وذلك وسط تصاعد الغضب العربي والإسلامي من المواقف المخزية للإمارات وصلت حد وصف الدولة بأنها صهاينة العرب.
مصالحهم أهم من مقاضاة المجرمين
ربما يكون كل ذلك الدعم في كفة و العرض الذي قدمته الامارات إلى جنوب افريقيا للتراجع عن مقاضاة كيان الاحتلال في محكمة العدل الدولية في الكفة الأخرى!
حسب " إمارات ليكس”، إن مسؤولين كبار في الإمارات حاولوا مع جنوب أفريقيا التنازل عن قضيتها في محكمة العدل ضد كيان الاحتلال الاسرائيلي مقابل استثمارات بالمليارات في مصافي نفط في جنوب أفريقيا.
وفقا للمصادر فإن المسؤولين الإماراتيين سعوا لأسابيع لتقديم إغراءات مختلفة بشكل سري إلى نظرائهم في جنوب إفريقيا بما في ذلك فتح علاقات اقتصادية متنوعة بين البلدين.
وأضافت المصادر إن الطلب الإماراتي الوحيد من جنوب أفريقيا كان التراجع عن مقاضاة كيان الاحتلال الاسرائيلي أو على الأقل تخفيف حدة تهمة الإبادة الجماعية التي تتضمنها الملف في محكمة العدل.
إلا أن جنوب إفريقيا أصرت عن بدء رفع الدعوى وبعدها على المضي في التوجه إلى محكمة العدل الدولية وتجاهل العرض الإماراتي وفق نفس المصادر التي أشارت إلى خيبة أمل شديدة في أبوظبي من فشل هذه المحاولات.
للتطبيع الأولوية على مذبحة غزة
تشعر أبوظبي بالقلق من أنه إذا توسع الصراع في غزة إلى حرب إقليمية كاملة، فإن هدفها المتمثل في بناء إمبراطورية بحرية تجارية على طول القرن الأفريقي وخليج عدن وساحل البحر الأحمر سيكون في خطر.
وعلى مدى العقدين الماضيين، وسعت أبوظبي بشكل مطرد سيطرتها على الموانئ والمراكز اللوجستية والقواعد العسكرية في اليمن وشرق أفريقيا، ودعمت الجماعات المسلحة التي ساعدتها على ممارسة نفوذها السياسي في تلك المواقع، وكانت موانئ دبي العالمية، وهي شركة لوجستية متعددة الجنسيات مقرها في دبي، “القوة الدافعة” لهذه الإمبراطورية الناشئة، لذلك تخشى الإمارات أن يؤدي قطع العلاقات مع كيان الاحتلال بشأن غزة إلى تهديد مشروعها التوسعي.
المشاركة في مخطط تهجير الفلسطينيين
بالإضافة لكل ما سبق جاء آخر فصول الدعم حسب ما كشفته وثائق مسربة عن انخراط دولة الإمارات في مؤامرة مع كيان الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية لتنفيذ المخطط الأخطر ضد الفلسطينيين في قطاع غزة لتهجيرهم قسريا.
وأظهرت الوثائق حسب موقع إمارات ليكس أن الخطوة الأمريكية بإنشاء ميناء مؤقت في غزة تمت بالتنسيق والدعم الكامل مع الإمارات وتنطوي على مخاطر ضخمة بالنسبة لمستقبل الفلسطينيين، وحسب الوثائق فإن كبار المسئولين العسكريين الإسرائيليين والأمريكيين أجروا مباحثات مكثفة مع نظرائهم في الإمارات في الأسبوعين الماضيين لبلورة خطوة إنشاء الميناء المؤقت ورسم خطط المرحلة التالية.
ومن الواضح أن خطوة الميناء في غزة من شأنها تقديم صورة دعائية ومخادعة بشأن تقديم الإمدادات الإنسانية للسكان لكن في الحقيقة هذه الخطوة ستكون واجهة لتنفيذ المخطط الأخطر ضد الفلسطينيين عبر منح كيان الاحتلال الضوء الأخطر من واشنطن وأبوظبي لتنفيذ الهجوم العسكري في رفح أقصى جنوب قطاع غزة حيث يلجأ أكثر من مليون فلسطيني.
وأفادت الوثائق بأن ثمة اتفاق إماراتي إسرائيلي على الحاجة للهجوم البري الكامل على رفح من أجل مهاجمة باقي مواقع فصائل المقاومة والضغط للتهجير القسري بحق النازحين الفلسطينيين،وما يؤكد هذه المخططات تأكيد وسائل إعلام إسرائيلية أن آفي جيل السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بدأ الخميس زيارة إلى أبوظبي للتنسيق بشأن تنفيذ الخطة الإسرائيلية الإماراتية المشتركة بشأن غزة.
