الوقت- في ظل عدم التماسك السياسي والعسكري لكيان الاحتلال الصهيوني، فإن طرح هجوم هذا الكيان على لبنان وبدء مغامرة كبيرة مليئة بالعواقب، لا يبدو منطقيا للغاية ويشبه الانتحار بالنسبة لهذا الكيان، وحسب وكالة إيسنا، فإن حزب الله اللبناني كان أحد الجهات التي نشطت في دعم الأمة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية منذ الساعات الأولى لحرب غزة، رداً على الهجمات اللاإنسانية والوحشية التي يشنها كيان الاحتلال على قطاع غزة والمجازر والإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان هذه المنطقة، حيث استهدف حزب الله القواعد والمراكز الحساسة للنظام الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة بهجمات صاروخية جعلت نظام الاحتلال نفسه قد بدأ بإجلاء سكان مناطق شمال فلسطين المحتلة، والتي تبعد 5 كيلومترات عن الحدود اللبنانية.
وبطبيعة الحال، فر أيضاً عدد لا بأس به من سكان المناطق الأخرى من فلسطين المحتلة خوفاً من هجمات حزب الله، وتشير البيانات الصهيونية الرسمية إلى تهجير أكثر من 200 ألف صهيوني من المناطق الشمالية للأراضي المحتلة، وهي قضية ألقت تكاليف باهظة بأبعاد مختلفة على عاتق نظام الاحتلال في خضم حربه العنيفة على غزة، ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، زاد كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في كيان القدس المحتل من حدة تهديداتهم ضد حزب الله ولبنان، وتحدثوا عن هجوم وشيك على مستوى البلاد على هذا البلد.
وهي مسألة لاقت ردود فعل صريحة من السيد حسن نصر الله، حيث أكد أن حزب الله حريص على القتال والصدام مع الصهاينة، لكن، ولثلاثة أسباب رئيسية ومركزية على الأقل، فإن أي مغامرة للصهاينة ضد لبنان هي بمثابة انتحار سياسي بالنسبة لهم وسيكون لها عواقب وخيمة عليهم، وهي القضية التي حولت الهجوم على لبنان عملياً إلى تفاخر مكلف وخطير لنظام احتلال القدس.
الأول: عدم التماسك السياسي والعسكري للصهاينة
لا يخفى على أحد أن الصهاينة الآن في أسوأ وضع في تاريخهم كله من حيث التماسك العسكري والسياسي، وفي الوضع الراهن تؤكد الأطياف والتيارات المنتقدة والمعارضة لنتنياهو والمتحالفين معه أنهم هم الذين تسببوا في عملية اقتحام الأقصى ضد "إسرائيل"، وبالطبع إجراءاتهم الخاطئة خلال حرب غزة، والتي عرّضت حياة الصهاينة للخطر بشكل كبير وجعلت من هذا الكيان أضحوكة خاصة وعامة.
وفي الوقت نفسه، أصبح الجيش الإسرائيلي مرهقًا وضعيفًا للغاية بسبب المعركة في ساحات القتال في غزة، بل كانت هناك تقارير عن عصيان صفوف الجيش الإسرائيلي في خضم حرب غزة، ولنذكر أنه حتى الآن تم تدمير أكثر من 1000 دبابة ومدرعة للصهاينة أو تعرضوا لأضرار جسيمة خلال حرب غزة، والآن، وفي هذه البيئة، رأينا مؤخراً أن السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، صرح أيضاً بوضوح بأن "الصهاينة وحلفاءهم الغربيين يخيفوننا من الجيش الإسرائيلي الضعيف والمهترئ"، التهديد الذي هو مضحك حقا.
لذلك، وفي ظروف عدم التماسك السياسي والعسكري لنظام القدس المحتل، فإن طرح هجوم هذا الكيان على لبنان وبدء مغامرة كبيرة مليئة بالعواقب، لا يبدو منطقياً للغاية ويشبه الانتحار بالنسبة لهذا الكيان.
ثانياً: القوة العسكرية لحزب الله اللبناني
ومع أنه لا يوجد تماسك ضروري للهجوم على لبنان إلى جانب نظام القدس المحتل، إلا أنه على الجانب اللبناني، هناك اعتقاد بأن دعم حزب الله وسط التهديدات المختلفة التي يطلقها الصهاينة ضد لبنان هو أمر واجب ومنطقي، وفي الوقت نفسه، لا بد من الإشارة إلى أن حزب الله اللبناني يمتلك ترسانة كبيرة من الصواريخ والأسلحة، وهذا الموضوع في حد ذاته يشكل كابوساً كبيراً للمحتلين الصهاينة، وحسب الدوائر الاستخباراتية والعسكرية التابعة لكيان القدس المحتل، فإن حزب الله اللبناني يمتلك أكثر من 150 ألف صاروخ، ويستطيع إطلاق وابل من الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة من كريات شمونة إلى ميناء إيلات خلال فترة زمنية محدودة، ويطلق النار جنوب الأراضي المحتلة.
وهي معادلة، كما قال السيد حسن نصر الله مؤخراً في كلمته، يمكن أن ترفع عدد اللاجئين الإسرائيليين إلى أكثر من مليوني شخص في حال قيام "إسرائيل" بمغامرة ضد لبنان، ولنذكر أن حزب الله يستفيد أيضاً من قوات خاصة وقوية في الميدان، مثل "كوماندوز رضوان"، والتي طالما كان الكيان الصهيوني قلقاً جدياً من مواجهتها، وفي غضون ذلك، أكد حزب الله أيضًا أنه إذا ألحقت "إسرائيل" الضرر بالمناطق السكنية والشعب اللبناني، فيجب أن تعلم أن رد حزب الله سيكون مشابهًا.
وهو طرح لن يتحمل الصهاينة تبعاته، وهو ينبئ بنشاط حزب الله في تحديد معادلات الردع الجديدة ضد نظام احتلال القدس، وهي القضية التي دفعت العديد من كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين إلى الاعتراف بأن "إسرائيل" خسرت مبادرتها ضد حزب الله على الجبهة الشمالية.
ثالثاً: ضعف الدعم الدولي للصهاينة في مهاجمة لبنان
وأخيرا، لا بد من القول إن الكيان الذي يحتل القدس في الوضع الحالي، لا يملك وضعا دوليا ملائما لبدء مغامرة جديدة ضد لبنان. وحتى حلفاء "إسرائيل" الغربيين، مثل حكومة الولايات المتحدة، حذروا من هذه القضية ويعلمون جيداً أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يكون بمثابة إشعال النار في مخزن بارود ووضع العديد من المعادلات الإقليمية في اتجاه ليس في مصلحة الصهيونية، الكيان وليس القوى الغربية، وبطبيعة الحال، فإن حجم الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد أهل غزة كبير لدرجة أن بدء حرب جديدة من قبل هذا الكيان سوف يصل بمستوى الضغوط والانتقادات الموجهة ضده إلى حد الانفجار ويزيدها عدة مرات.
ولقد جدد الجيش الإسرائيلي يوم السبت الماضي قصفه بلدات ومناطق بجنوب لبنان، في حين أعلن حزب الله استهدافه مواقع وثكنات عسكرية للاحتلال، مؤكدا تحقيق إصابات مباشرة، وأكد مراسل الجزيرة أن 6 غارات إسرائيلية استهدفت محيط بلدة الصالحاني، إلى جانب قصف على محيط بلدتي كفر حمام وراشيا الفخار بالجنوب اللبناني، بالإضافة إلى غارتين من مسيّرتين إسرائيليتين على منزلين في بلدتي عيتا الشعب ومارون الراس، كما أفاد المراسل بإطلاق صاروخين باتجاه موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفر شوبا المحتلة جنوب لبنان، وأن قصفا استهدف ثكنة برانيت الإسرائيلية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي قصفه مواقع في لبنان وسوريا، وأوضح أن طائراته قصفت أمس الجمعة بنية تحتية ومجمعا عسكريا لحزب الله في جنوب لبنان، مشيرا إلى أن القصف على سوريا استهدف "منشأة تخزين أسلحة تابعة للجيش السوري في درعا بعد إطلاق قذائف على جنوب الجولان"، وفي المقابل، أعلن حزب الله أنه استهدف بصاروخ من نوع "فلق 1" ثكنة برانيت الإسرائيلية قبالة الحدود الجنوبية للبنان وحقق إصابة مباشرة، لافتا إلى أنه استهدف بالصواريخ موقع رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
وأضاف الحزب "استهدفنا بالصواريخ تجمعا لجنود العدو في محيط موقع الضهيرة وحققنا إصابة مباشرة"، مشيرا إلى استهدافه ما سماها التجهيزات التجسسية في موقع بركة ريشا، كما أعلن حزب الله مساء يوم السبت الماضي، استهداف موقع "راميا" بالأسلحة المناسبة مؤكدا تحقيق إصابة مباشرة، ويأتي ذلك في أعقاب إعلان الحزب أمس الجمعة تنفيذه 5 عمليات استهدفت موقع المالكية ومحيط ثكنة دوفيف وموقعي زبدين ورويسات العلم في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلة، بالإضافة إلى تجمع لجنود إسرائيليين في موقع راميا، ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الـ7 من تشرين الأول الماضي عقب عملية طوفان الأقصى -التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية- يتبادل الجيش الإسرائيلي وحزب الله قصفا ومواجهات، ما خلف قتلى وجرحى من الجانبين.