الوقت- أوردت صحيفة "هآرتس" العبرية مؤخرا، أن تل أبيب والقاهرة بدأتا في مناقشة ما يمكن أن يحدث في "اليوم التالي" لانتهاء الحرب على قطاع غزة، وركزت المحادثات على إمكانية إقامة جدار عازل على الحدود المصرية مع غزة للتصدي للأنفاق، وفي تقريره العسكري، أكد عاموس هارئيل، المحلل في الصحيفة، أن هذه المناقشات تتضمن الترتيبات الجديدة المرتبطة بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين) ومعبر رفح، وتتناول فحص إمكانية إنشاء جدار مضاد للأنفاق في عمق الأرض، على غرار الجدار الحالي بين القطاع و "إسرائيل"، يُذكر أن "الجدار الفولاذي" الذي أقيم من قبل "إسرائيل" فشل في منع تنفيذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان قد كلِّف مبالغ طائلة.
نتنياهو والهروب من المستقبل
تناول عاموس هارئيل، المحلل العسكري، العملية البرية التي قام بها جيش الاحتلال في خانيونس جنوب قطاع غزة، وركز على التساؤلات المتعلقة بمستقبل هذه العملية والخيارات المحتملة للجيش الإسرائيلي، واستفسر عن توسيع نطاق العمليات نحو مخيمات اللاجئين وسط القطاع أو التوجه جنوباً نحو منطقة رفح، وأشار إلى وجود مشكلتين في رفح، وهما "التجمع الكثيف للاجئين من غزة"، وفي الأيام الأخيرة أيضًا في خانيونس، إلى جانب قربها الكبير من الحدود المصرية، ومن ناحية أخرى، أوضح المحلل العسكري أن معبر رفح ومحور فيلادلفيا والأنفاق الموجودة تحتهما قد خدمت جميعها حركة حماس في العقد والنصف الأخيرين في "عمليات التهريب"، والتي تم جزء منها على الأقل بتساهل من المصريين.
وعلَّق هارئيل على أن "إسرائيل" يجب أن تتحرك بحذر في هذا السياق، نظرًا لرغبتها في الحفاظ على العلاقات مع مصر، وأوضح أن القاهرة تخشى امتداد القتال في رفح إلى أراضيها، وأيضًا تخوفًا من محاولة إسرائيلية لنقل مئات الآلاف من اللاجئين من قطاع غزة إلى سيناء، وأضاف إن "إسرائيل" تبحث أيضًا عن حلول مرحلية بشأن القطاع، وذلك "دون الاصطدام مع الشرط الصعب الذي وضعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتعلق بإدارة القطاع دون مشاركة السلطة الفلسطينية"، وأشار إلى وجود "تحركات أولية لحل المشاكل المحلية بمشاركة رجال أعمال وعشائر محلية ومنظمات دولية وأحيانًا أعضاء في لجان مدنية مرتبطة بشكل غير مباشر بالسلطة الفلسطينية".
ووفقًا للكاتب، تخشى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من الوقوع في فخين طويلي الأمد، الأول منهما يتعلق بـ "انهيار الأنظمة المدنية ما قد يؤدي إلى إقامة نظام عسكري إسرائيلي مرة أخرى (وهو فكرة كارثية أدت في الماضي إلى تورطنا)، أو الوقوع في فوضى شاملة على غرار الوضع في الصومال، حيث لا يوجد أي هيكلية تنسيق في القطاع"، ويعتبر المحلل العسكري الإسرائيلي أن الحفاظ على بعض القدرات المدنية لحركة حماس في قطاع غزة، على الرغم من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، قد يُسهِّل في المستقبل عمل القطاع بشكل أكبر.
ومن ناحية أخرى، يرى هارئيل أن إصرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على عدم مناقشة "اليوم التالي" للحرب في غزة يشكل خطورة على "إنجازات الجيش الإسرائيلي"، وأضاف إن الفريق المعني بـ "اليوم التالي" الذي عيّنه نتنياهو "لم يتشكل بهدف تقديم الحلول، بل لإضاعة الوقت، وفي الواقع، حتى لو نجحت العملية العسكرية، فإن سلوك نتنياهو السياسي قد يعوق الاستفادة من الإنجازات لخلق واقع استراتيجي أفضل".
قلق أمني إسرائيلي
أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن تل أبيب تخطط لبناء جدار تحت الأرض مضاد للأنفاق على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) بين قطاع غزة ومصر، وأشارت الإذاعة إلى أن "إسرائيل تخطط لبناء جدار تحت الأرض ضد الأنفاق في محور فيلادلفيا بعد الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر، وقد توجهوا إلى مصر في هذا الشأن"، ونقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي، لم تُكشف عن هويته، قوله "المصريون يتفهمون الحاجة الأمنية لذلك"، وأوضحت القناة أن محور صلاح الدين أو "محور فيلادلفيا" هو اسم شريط ضيق داخل غزة يمتد بطول 14 كم على طول الحدود بين القطاع ومصر.
وأشارت المعلومات إلى أن "إسرائيل تخشى من وجود أنفاق في منطقة شرق رفح الفلسطينية التي تعتبر امتدادًا لمحور فيلادلفيا"، وأضافت إن مصر "أوضحت أكثر من مرة أن المنطقة الحدودية خالية من أي أنفاق تربط بين القطاع وسيناء"، وفي وقت سابق، قالت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية إن "القوات الإسرائيلية نفذت الأسبوع الماضي هجومًا غير عادي على الصف الأول من المنازل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة"، وتابعت إن "الهجوم الذي وقع بالقرب من الحدود المصرية كان يستهدف عناصر حماس الذين يعملون في تشغيل أنفاق التهريب تحت محور فيلادلفيا، وهي أنفاق تربط بين شطري مدينة رفح في غزة ومصر وتستخدم لنقل أشخاص وأسلحة".
من ناحية ثانية، نقل موقع "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي في البنتاغون، قوله إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن سيضغط على المسؤولين الإسرائيليين لتحديد معالم حربهم ضد حماس في قطاع غزة، خلال زيارته إلى "إسرائيل"، وذكر المسؤول الأمريكي أن أوستن "سيتلقى تحديثات محددة حول كيفية تقييم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والجيش الإسرائيلي للتقدم الذي أحرزوه في المرحلة الحالية من الحملة في غزة لتفكيك البنية التحتية لحماس"، وأضاف إن وزير الدفاع الأمريكي "سيضغط على المسؤولين الإسرائيليين بشأن المعايير التي يبحثون عنها من أجل الانتقال إلى المرحلة التالية من حملتهم على غزة".
وأشار المسؤول إلى أنه سيعمل على "التعمق" في الجهود المبذولة لزيادة المساعدات الإنسانية في غزة وتخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وأوضح أنه يعتقد أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقيم الظروف والتقدم الذي يحرزونه على مدار الساعة، إن لم يكن يوميًا، وأن الوزير أوستن سيرغب في سماع تعبير واضح للغاية عن تقييمهم الذاتي"، وأبرز أن الولايات المتحدة موجودة "للتشاور والتأكد من وجود تخطيط" للانتقال إلى مرحلة تتوقف فيها العمليات البرية الكبرى.
وتأتي زيارة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إلى فلسطين المحتلة بعد تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، حيث أعلن عن نية "إسرائيل" الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب مع تركيز على "طرق أكثر دقة" لاستهداف قيادة حركة حماس، ومن المقرر أن يلتقي أوستن بالمسؤولين الإسرائيليين للحصول على تحديثات حول تقدم الحملة العسكرية في قطاع غزة والجهود المبذولة لتفكيك بنيته التحتية، كما تأتي هذه الزيارة في سياق النقاش حول إمكانية بناء جدار تحت الأرض على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) بين قطاع غزة ومصر لتعزيز الأمان ومنع تسلل الأنفاق.
في الختام، تأتي خطط "إسرائيل" لبناء جدار تحت الأرض على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) بين قطاع غزة ومصر في إطار استمرار الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر، وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الأمان ومنع تسلل الأنفاق التي تشكل تهديدًا أمنيًا، وقد أشار مسؤول أمني إسرائيلي، الذي لم يكشف عن هويته، إلى أن المصريين يفهمون الحاجة الأمنية لتنفيذ هذا الإجراء، يعد محور صلاح الدين أو "محور فيلادلفيا" شريطًا ضيقًا داخل غزة يمتد على طول الحدود بين القطاع ومصر، وتعتبر المنطقة الشرقية لمحور فيلادلفيا مصدر قلق للكيان بسبب المخاوف من وجود أنفاق، متناسين أن الجدران لم تقف يوما في وجه المحررين، واسألوا طوفان الأقصى.
