الوقت- بناءً على تحليل أجرته شركة متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، كشفت النتائج عن أن الأغلبية العظمى للمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المقالات المنشورة في وسائل الإعلام الدولية الكبرى تتجه ضد "إسرائيل" في إطار الصراع الحالي مع قطاع غزة، ويثير هذا الاكتشاف اهتماماً خاصاً نظراً للإجراءات التي تتخذها شركات التكنولوجيا للحد من انتشار المحتوى الفلسطيني، ووفقًا لتقرير نُشرته القناة 12 الإسرائيلية، يظهر التحليل أن 83% من المنشورات الالكترونية المرتبطة بالنزاع الحالي تعبّر عن مواقف سلبية تجاه "إسرائيل"، بينما تقتصر نسبة 9% فقط على التأييد لصالحها، يُظهر هذا التوجه الرقمي المتسارع تحديات كبيرة تواجه التوازن في تقديم المعلومات وتأثيرها في الساحة الدولية، وذلك على الرغم من الجهود التي تُبذل من قبل شركات التكنولوجيا للتصدي لتداول المحتوى ذي الصلة بالصراع الفلسطيني.
العالم والكيان المجرم
استنادًا إلى بيانات شركة "MIG AI"، فإنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهو تاريخ بداية عملية طوفان الأقصى، تمت كتابة ما يقارب 1،9 مليون مشاركة حول الصراع الحالي بين الاحتلال وقطاع غزة، ويظهر التحليل أن أكثر من مليون ونصف من هذه المشاركات كانت تعبّر عن مواقف سلبية تجاه "إسرائيل"، بنسبة غالبة بلغت 83%، وفي المقابل، كانت نسبة المشاركات التي تدعم "إسرائيل" تبلغ 9% فقط، في حين كانت 8% من هذه المشاركات محايدة، وأظهر التحليل أيضًا أن معظم المحادثات (بنسبة 64%) قد جرت على شبكة التواصل الاجتماعي "X" ((المعروفة سابقًا بتويتر)، في حين احتلت إنستغرام المرتبة الثانية بنسبة 17%، يعكس هذا التوزيع الرقمي تفاعل الجماهير على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ويسلط الضوء على الأماكن التي تجري فيها المحادثات الرئيسية بشأن الأحداث الجارية.
وفيما يتعلق بتغطية وسائل الإعلام، أظهر التحليل أنه "في المواقع الإخبارية الرئيسية، وعلى سبيل المثال، تظهر "إسرائيل" بشكل إيجابي في كل تقرير إيجابي عنها، بينما تظهر بشكل سلبي في ثلاثة تقارير، وذلك بناءً على تقييم حوالي 372 ألف مقالة نُشرت حول النزاع على المواقع الإلكترونية التي تستقبل أكثر من مليون زيارة شهرياً، وكانت النتائج تُظهر أن 64% من هذه المقالات كانت محايدة، في حين كانت 28% منها تعبر عن وجهة نظر سلبية تجاه "إسرائيل"، و8% فقط كانت تدعم "إسرائيل".
من ناحية أخرى، كشف التحليل أيضاً عن حملات منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تلك التابعة لشركة "ميتا"، تستهدف المحتوى الفلسطيني، ما يبرز دور الشركات التكنولوجية في توجيه التدفقات الرقمية والتأثير على النقاشات العامة حول القضايا الدولية، وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول، نشر موقع "الإنترسبت" الأمريكي تقريراً كشف فيه عن ممارسات القمع التي تتبعها شركتا "تيك توك" و"إنستغرام" خلال فترات العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وأشار التقرير إلى استهداف هذه المنصات للحسابات التي تقدم تغطية للأحداث في فلسطين، وذلك في الوقت الذي يكون فيه صعباً الحصول على معلومات من السكان في قطاع غزة، نظراً للحصار الإسرائيلي الشامل الذي يفرض على سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة، كما أوضح التقرير أن "إسرائيل" تمنع وسائل الإعلام الأجنبية من دخول القطاع، ما يجعل من الصعب الوصول إلى معلومات دقيقة حول الأحداث الجارية في هذه المنطقة المضطربة.
ومؤخرا، أعلن مرصد "نت بلوكس" أن الاحتلال الإسرائيلي قام بقطع الاتصالات للمرة الخامسة منذ بداية الحرب على القطاع المحاصر، وأوضح المرصد، الذي يرصد إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت على مستوى العالم، في تغريدة عبر منصة "إكس"، أن هذا الانقطاع يعتبر الأطول من نوعه منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأشار المرصد إلى أن انقطاع الإنترنت من الممكن أن يقلل بشكل كبير من إمكانية الوصول إلى المعلومات حول ما يحدث في غزة، حيث تتعرض المنطقة للقصف المستمر على مدار الساعة لمدة 72 يومًا، ما أسفر حتى الآن عن استشهاد ما يقارب 19 ألف فلسطيني وإصابة 51 ألفًا.
تضامن عالمي مع الشعب الفلسطيني
تزعم "إسرائيل" أنها تواجه تحيزاً إعلامياً عالمياً ضدها، حيث تسعى لتجاوز هذا التحيز وإظهار رؤيتها خلال الصراع الحالي، ووفقًا لتقرير من القناة 12 الإسرائيلية، فإن غالبية المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقالات وسائل الإعلام الدولية الكبرى تتجه ضد "إسرائيل"، ومع تصاعد القتال في قطاع غزة، يعاني جيش الاحتلال الإسرائيلي من خسائر كبيرة، حتى الخميس الماضي، أعلن الجيش عن وفاة 445 من أفراده، بما في ذلك 119 ضابطًا، ما يمثل نحو 27% من إجمالي العسكريين الذين فقدوا حياتهم، ومنذ بداية الهجمات في 7 أكتوبر/تشرين الأول، يشن الجيش الإسرائيلي حملة عسكرية مكثفة على غزة، أسفرت حتى الجمعة الماضية عن وفاة 18,800 شخصاً، وإصابة 51,000 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، كما خلفت الحملة دمارًا هائلاً في البنية التحتية ووصفت بأنها "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقًا لمصادر فلسطينية وأممية.
ويشهد تصاعد الضغط العالمي تجاه الصراع الحالي في فلسطين تفاعلًا متنوعًا، حيث يظهر ذلك في التنظيم الواسع للمسيرات والوقفات التضامنية مع الشعب الفلسطيني حول العالم، ويتجلى التأثير أيضًا في الانتقادات المتزايدة لدور الولايات المتحدة ودعمها لـ"إسرائيل"، ويظهر ذلك في مظاهرات الشارع والاحتجاجات التي تطالب بوقف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ويزداد الغضب من دعم السياسة الإسرائيلية غير المشروطة من قبل الحكومة الأمريكية، وخاصة بعد اندلاع الصراع في قطاع غزة، يلاحظ أيضًا زيادة كبيرة في عدد الشهداء والجرحى في غزة، ما يبرز استخدام القوة الزائدة والأسلحة المحظورة دوليًا، ما يعتبر انتهاكًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، ويثير انتقادات واسعة.
من ناحية أخرى، تتزايد المواقف الدولية المستنكرة للعدوان على غزة، حيث تعبر بعض الدول عن استنكارها الشديد وتدين الهجمات على الفلسطينيين، وبعض الدول قد اتخذت إجراءات من بينها قطع العلاقات مع "إسرائيل" وسحب سفرائها، حيث يسعى العديد من الشخصيات السياسية والمنظمات إلى محاسبة "إسرائيل" على انتهاكاتها الواضحة للقوانين الدولية، ومن الناحية الاقتصادية، إن تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، يشير إلى تدهور كبير في الاقتصاد، مع تراجع شركاته على حافة الانهيار وانخفاض الاستثمارات الأجنبية وفقدان الثقة في الاقتصاد.
وتظهر الأوضاع الحالية تأثيرًا على الرأي العام في مختلف أنحاء العالم، ويشير ذلك إلى تغيير محتمل في السياسة الداخلية في بعض الدول تحت ضغط رأي شعوبها، وهذا التأثير يظهر أيضًا في مواقف الهيئات الدولية والحكومات، وتشير هذه المؤشرات إلى تغيير كبير في آفاق الدعم الدولي للفلسطينيين، ويتسارع التحول في السياق السياسي العالمي نتيجة للأحداث الجارية، ويتضح أن هناك حاجة ملحة إلى استغلال هذا الزخم لوقف العدوان وتعزيز التفاعل الإنساني، بالإضافة إلى رفع الحصار عن قطاع غزة المكلوم.