الوقت- عضو المجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي، بيني غانتس، أعلن مؤخرا التصدي لحزب الله اللبناني على الحدود، مهددًا بـ "إزالته إذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات فعّالة"، وجاءت هذه التصريحات بعد اجتماع غانتس مع ممثلين عن البلدات المحتلة المجاورة للحدود مع لبنان، وفي حديثه إلى الصحفيين، أشار غانتس إلى محادثاته الأسبوع الماضي مع وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، حيث دعا المجتمع الدولي إلى مواجهة الواقع واتخاذ التدابير اللازمة، أكمل غانتس: "أخبرتهم بأننا بحاجة إلى جهود سياسية متزامنة مع العمل العسكري، وأود أن أنقل هذه الرسالة للمواطنين أيضًا: إذا استمر العالم في بالسماح لـ حزب الله بالوجود عند حدودنا، فإن إسرائيل ستتخذ الإجراءات اللازمة".
أثر كبير لحزب الله
في ظل التوترات المتصاعدة، زعم غانتس: "نحن مستعدون للتعاون في الجهود السياسية وكذلك في الجهود العسكرية هنا في الشمال، ونحن سنقوم بواجبنا ككيان لضمان حياة آمنة لسكان المناطق الشمالية وتمكينهم من العودة إلى منازلهم"، وكانت السلطات الإسرائيلية قد دعت في وقت سابق إلى إخلاء البلدات الحدودية مع لبنان بسبب التصاعد الأمني منذ بداية العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي، شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تصاعدًا في التوتر نتيجة لهجمات متبادلة بين "حزب الله" وفصائل فلسطينية من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى، يأتي ذلك في إطار التضامن مع قطاع غزة، الذي يواجه حربًا إسرائيلية مدمرة منذ السابع من أكتوبر، ما أسفر عن إصابة ومقتل عدد كبير من الفلسطينيين، وخلف تدميرًا واسعًا في البنية التحتية.
ويظهر أن قوة حزب الله لها أثر كبير على الساحة المحلية والإقليمية، حيث تعتمد على أبعادها العقائدية والمادية، وقد أدت هذه القوة إلى تحولات في مستوى الداخل وتأثيرات على مستوى الإقليم بأسره، يُشير النقاش الحالي إلى القوة البشرية لوحدات البر الإسرائيلي، وترى بعض الآراء أن الانتقادات الموجهة إليها قد تشكل تحديًا لتقدير قوتها، وتواجه "إسرائيل" تحديات كبيرة في مناطق متعددة، بدءًا من مواجهتها لحزب الله على الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتهاءً بالتوترات المستمرة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، وتُظهر التقارير الإعلامية أن هذا الوضع دفع قادة المناطق الشمالية إلى تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحديات، وخاصةً مع الوجود المستمر لمقاتلي حزب الله قرب الحدود.
ويُشير التقدم الكبير في قدرات حزب الله العسكرية، وزيادة ترسانته من الصواريخ والقذائف، إلى تعقيد المواقف الإسرائيلية، وتُذكر التقديرات أن تلك القوة تشمل حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، ما يجعل التحليلات الإعلامية والمسؤولين يتفقون على هذه الأرقام، ويتضح أن حزب الله قد شهد تطورًا كبيرًا في ترسانته، حيث ارتفع عدد مقاتليه بشكل ملحوظ منذ حرب عام 2006 إلى أكثر من عشرين ألف مقاتل، وفقًا للتقديرات، يُلاحظ أيضًا أن الجبهة الداخلية للكيان ليست جاهزة لمواجهة عسكرية، ويُذكر أن ترسانة حزب الله أصبحت أقوى من ترسانة العديد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من حيث العدد والنوعية.
الكيان والقلق من قوّة حزب الله
يدرك الكيان الإسرائيلي أهمية قوة المقاومة اللبنانية التي تعتمد بشكل أساسي على كمية ونوعية الصواريخ والأسلحة التي يمتلكها حزب الله، يستخدم الحزب عادة الصواريخ والقذائف كأسلحة هجومية في استراتيجيته، ويعتمد أيضًا على وحدات المشاة الخفيفة والأسلحة المضادة للدبابات، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة، وتشير التقارير إلى أن حزب الله يمتلك كميات كبيرة من الصواريخ والأسلحة المضادة للطائرات والسفن، بالإضافة إلى القذائف المضادة للدبابات، ما يجعله قوة لا يمكن تجاهلها،
تقديرات العدو تُشير إلى وجود حوالي 45,000 صاروخ قصير المدى بقدرة تغطية تصل إلى 40 كيلومترًا، بينما تتضمن هذه القوة 80,000 صاروخ من الفئة المتوسطة والطويلة المدى، يتميز بدقته، تجعل هذه العناصر من حزب الله تهديدًا جادًا في المنطقة، وفي الوقت الحالي، فإن التركيز منصب على تهديد الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة المهاجمة التي تعتمد على انخفاض ارتفاعها، ومع ذلك، هناك تحد إقليمي لم تتم مناقشته بشكل كاف، وهو تهديد الصواريخ الهايبر، التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت بعدة مرات، يتميز هذا النوع من الصواريخ بأن أهدافها ومساراتها غير متوقعة تمامًا منذ الإطلاق حتى تحقيق أهدافها المقصودة، وبالتالي، تتفوق قدرات حزب الله العسكرية بكثير على ما يُعرف به على الساحة الدولية، وتزداد هذه القدرات تطورًا باستمرار.
وتجنبت القيادات الإسرائيلية دخول حروب محتملة مع لبنان، خوفًا من تطوّر هذه الحروب إلى نزاعات واسعة النطاق قد تكون غير مفيدة بالنسبة للكيان المنهك، ويظهر تحليل الوضع الحالي أن هذه المعركة لن تكون في مصلحة تل أبيب أبدًا، وستكون لديهم صعوبة في التعامل معها بشكل فعّال، وتدرك قوات الأمن والجيش الإسرائيلي تمامًا أن أي عملية عسكرية ضد حزب الله ستواجه ردًا قويًا من الحزب، ويتوقع أن تشمل هذه الردود عمليات تستهدف جبهة "إسرائيل" الداخلية، وخاصة بعد نجاح المقاومة اللبنانية "حزب الله" في تحقيق انتصارات كبيرة على الصهاينة وفرض تغييرات على المحاور القتالية باعتمادها على القوة العسكرية بأبعادها العقائدية والمادية، تلك التغييرات أحدثت تأثيرًا كبيرًا على المستوى المحلي وتأثيرًا إقليميًا واسعًا.
ووفقًا للوقائع، يظهر أن "إسرائيل" ليست قادرة على حسم المعركة ضد حزب الله على الجبهة الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تشير حقيقة أن حزب الله لا يمكن تجاهله من قبل الإسرائيليين إلى أن الكيان الصهيوني يعيش في حالة من التراجع الكبير بما يتعلق بقوته وردعه، صوت تهديدات نتنياهو ارتفع لشد الهمم بعد أن انخفض بشكل كبير عن مستواه السابق، وقد أصبحت لديهم مشكلة استراتيجية حيث تتآكل قدرتهم على التصدي للتحديات، يأتي ذلك في ظل تزايد التوترات والانقسامات الداخلية في تل أبيب، ما يجعلهم في موقف ضعيف، الإسرائيليون يدركون تمامًا هذه القضية.
النتيجة، تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات والاشتباكات الحدودية بين "إسرائيل" وحزب الله، حذر نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، من التصعيد الحالي، مؤكدًا التزام الحزب بمعركة الدفاع عن الأراضي الفلسطينية، وقال قاسم إن الحزب جزء مهم من هذه المعركة ومستعد لزيادة تدخله كلما استدعت الضرورة، يأتي هذا الوضع في سياق تصاعد الأحداث منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حماس ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والتي أسفرت عن استشهاد العديد من مقاتلي حزب الله، شهدت هذه المواجهات إصابة ومقتل عدد من الجنود الإسرائيليين على الحدود، وتُعد أكبر تصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ حرب عام 2006 بين كيان الاحتلال وحزب الله.
