الوقت- تشير مصادر أردنية ومسؤولون سياسيون إلى زيادة ملحوظة في مستوى "تزييف الحقائق والافتراء" في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك في محاولة لتبرير مشروعه الجديد المتمثل في إقامة سياج على طول الحدود الأردنية مع الأراضي الفلسطينية التي تحتلها "إسرائيل" وفي منطقة الأغوار، وتثير هذه الخطوة، والتي تتمثل في إرسال تصريحات دبلوماسية وسياسية إلى الأردن لتهدئة المخاوف، تساؤلات حول مدى جدية تنفيذ مشروع السياج وسط توجيه الانتقادات والشكوك من قبل دوائر دبلوماسية أمريكية وغربية. تعتقد هذه الدوائر أن تلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بضرورة بناء سياج على الحدود الشرقية، حيث تقع المملكة الأردنية الهاشمية، يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية سياسية تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية، من خلال جذب دعم إضافي من أوساط الائتلاف اليميني المتطرف.
قلقٌ أردنيّ كبير
يزداد الأردن قلقًا وحذرًا تجاه فكرة بناء السياج على حدود الأغوار، وتعتبر هذه الفكرة انتهاكًا مباشرًا للسيادة الأردنية واعتداءً على الحقوق الوطنية والشعبية للفلسطينيين، وقد أرسلت الأردن تحذيرات إلى الإدارة الأمريكية بشأن مخصصات مالية محتملة لإقامة هذا السياج، معتبرة ذلك تحديًا مباشرًا للسلام واستقرار المنطقة، يعتقد مسؤولون أردنيون أن هذا المشروع قد يكون جزءًا من تكتيكات سياسية لكسب دعم داخلي في إطار الأجندة اليمينية المتطرفة، والتي يعتقد أنها تستهدف أيضًا مشروع ضم الأغوار.
وعلى الرغم من التوتر الذي تثيره هذه التطورات، فإن الأردن لم تصدر تعليقًا رسميًا بشأن فكرة بناء السياج حتى الآن، ويبقى الأمر محل انتظار للمزيد من التطورات والتصريحات الرسمية بهذا الصدد، ويبدو أن الأمور قد تستدعي من الأمريكيين توخي الحذر والتفهم في هذا السياق، ويشير الأردن إلى أنه يجب الانتظار والتكيف في الوقت الحالي، والعمل على تحقيق تحسين في معيشة الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، يظل بناء السياج على حدود الأغوار قضية حساسة جدًا تمس بحقوق الشعب الفلسطيني والسيادة الأردنية، وبالتالي يجب أن تتخذ الأمور بحذر وفي إطار مستقبلي يسعى لتعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة.
وتعكس هذه التطورات توترات سياسية متزايدة في المنطقة وصعوبة تحقيق التوافق بين الأطراف المعنية، ويظهر أن هناك انتقادات متزايدة في الدوائر الأردنية، وبشكل شبه رسمي، لارتفاع مستوى تزييف الحقائق في خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصوص مشروع بناء السياج على الحدود مع الأردن، إضافة إلى ذلك، أشار نتنياهو إلى ضرورة إغلاق الحدود الشرقية للكيان لتحقيق هدفه في إقامة "دولة يهودية نقي" على حد زعمه.
وهذه الاقتراحات والتصريحات تثير قلق الأردن، حيث تعتبرها مهددة لسيادتها واستقرار المنطقة، وهي تجدد التأكيد على ضرورة الالتزام بحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني والسيادة الأردنية في هذا السياق.
مبررات إسرائيليّة غريبة
يظهر أن هذه التصريحات تزيد من حدة التوترات في المنطقة وتعقد عملية تحقيق التوافق بين الأطراف المعنية بشأن هذا الموضوع، ومن المهم أن تعمل الدول والأطراف الدولية على تهدئة الأوضاع والعمل على إيجاد حلول لهذه القضايا الحساسة، واثارة التوترات من قبل الكيان.
وقامت وسائل الإعلام الإسرائيلية اليمينية بتوسيع نطاق شرح مبررات ومسوغات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمشروع بناء السياج على الحدود مع الأردن، والتي تبدو في جزء منها غريبة ومثيرة للضحك من الناحية الدبلوماسية، حيث تحدث نتنياهو عن وجود جوع وعدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وأشار إلى وجود مشكلات سياسية وصراعات قد تؤدي إلى تزايد معدلات الهجرة باتجاه الكيان الإسرائيلي.
وهذه التصريحات تثير استغراب وسخرية دبلوماسية لأنها تعكس تصورًا غير واقعي للمشاكل الإقليمية وتساهم في تصاعد التوترات في المنطقة، بدلاً من تقديم حلول سياسية ودبلوماسية للقضايا الإقليمية، يبدو أن نتنياهو يحاول استغلال هذه المشاكل في تبرير مشروعه لبناء السياج.
ومن الجدير بالذكر أن هذا التصعيد اللفظي يضاف إلى التوترات السياسية والأمنية في المنطقة، ويجب أن تعمل الأطراف الدولية على تهدئة الأوضاع والترويج لحلول دبلوماسية للقضايا المعقدة في الشرق الأوسط نتيجة ما يقوم به الكيان.
وتمت الإشارة أيضًا إلى ادعاءات نتنياهو بشأن تسلل محتمل للأفارقة، وهذه المسألة تبدو بعيدة تمامًا عن الواقع الموضوعي للحدود الأردنية مع الكيان الإسرائيلي، ففي الواقع، تعتبر الأردن هذه الحدود حدودًا تحت الاحتلال وتضمنها مع دولة فلسطين.
ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الادعاءات تبدو مختلفة تمامًا عن القضايا الحقيقية التي يجب التركيز عليها في المنطقة، إن استخدام الكيان مثل هذه الادعاءات والتصريحات التي تبدو غير دقيقة يمكن أن يساهم في زيادة التوترات ويعقد الوضع الإقليمي بدلاً من تسهيل حلول سلمية ودبلوماسية للقضايا المعقدة، ويظهر أن الحديث عن الأفارقة وعن هجرات للعرب المطاردين من بلادهم باتجاه الكيان عبر الحدود ومناطق الأغوار أثار سخرية واستهجانًا وسط الدبلوماسيين الأردنيين والغربيين، يُعتبر هذا النوع من الادعاءات والمزاعم غير دقيق ويفتقر إلى أسس واقعية.
ومع ذلك، يبدو أن نتنياهو يسعى إلى تمرير مشروع إقامة السياج على الحدود ويعمل مع وزير المالية سموتريتش على الترويج لهذا المشروع وتخصيص الأموال اللازمة للمرحلة الأولى من تنفيذه. يجب أن نتذكر أن مثل هذه المشاريع يحمل تأثيرات كبيرة على الوضع الإقليمي والعلاقات الدولية، ويجب أن تتم مناقشتها واعتبارها بجدية من قبل المجتمع الدولي.
ويتم وصف مشروع إقامة السياج على الحدود الأردنية مع دولة الكيان بأنه يعتمد على الأكاذيب والألعاب السياسية، وذلك بسبب أن الحدود الأردنية مع الكيان هي واحدة من الحدود الأكثر أمانًا في المنطقة، ولأن الجانب الأردني يلتزم بالمواثيق الدولية ويحترمها. ولا يوجد مبرر للحديث عن وجود عمليات تسلل عبر الأغوار، لأن الأشخاص العرب الذين يرغبون في الإقامة في الكيان الإسرائيلي ليس لديهم دوافع للهجرة إلى فلسطين المحتلة، وليس لديهم أي مصلحة في الإقامة في الأراضي الفلسطينية في الوقت الحالي، وبالتالي، يمكن اعتبار محاولة نتنياهو للترويج لهذه المزاعم والأكاذيب تصرفًا غير مبرر وغير دقيق.
منطقة مهمة وحساسة
الأغوار، تمثل جزءًا حيويًا من النقاشات حول حل الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، ويرى الفلسطينيون الأغوار جزءاً لا يتجزأ من فلسطين ويعتبرونها أرضهم الوطنية، بالمقابل، تسعى "إسرائيل" إلى استمرار احتلالها للأغوار لأسباب أمنية واستراتيجية واقتصادية، وتفرض "إسرائيل" قيودًا كبيرة على الفلسطينيين في الأغوار، ما يعيق حركتهم ويقيدهم على العديد من الجوانب، هناك نقاط تفتيش إسرائيلية وحواجز عسكرية تعيق حركة الأفراد والبضائع وتؤثر على حياتهم اليومية، إضافة إلى ذلك، تقوم السلطات الإسرائيلية بشكل متكرر بإزالة وتدمير منازل ومنشآت فلسطينية في الأغوار بحجة عدم الحصول على تراخيص البناء، وهذا يتسبب في تشريد العائلات الفلسطينية وفقدانهم لممتلكاتهم.
وإضافة إلى ذلك، تقوم "إسرائيل" ببناء وتوسيع المستوطنات الاحتلالية في الأغوار، ما يؤدي إلى تهجير السكان الفلسطينيين واستيلاءها على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.
تلك السياسات والإجراءات تعقِّد الوضع وتجعل من الصعب على الفلسطينيين في الأغوار العيش بكرامة والاستفادة من الموارد المتاحة في المنطقة، والفلسطينيون في الأغوار يواجهون صعوبات كبيرة في تنمية البنية التحتية والقطاع الاقتصادي نتيجة لفرض "إسرائيل" قيودًا على استخدام الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية، تلك القيود تعرقل تطوير المشاريع الاقتصادية والزراعية، وتعرقل التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات الفلسطينية في المنطقة.
تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمحاولة تبرير تلك القيود والتدابير العسكرية في الأغوار بدعوى الأمان والأمان القومي. وتشمل هذه القيود إقامة نقاط تفتيش وحواجز عسكرية، وتواجد قوات إسرائيلية في المنطقة، وفرض قيود على حركة الفلسطينيين تحت مزاعم الأمن، ومنع التجمعات والاحتجاجات.
ومع ذلك، فإن الحقيقة الواضحة هي أن السيطرة الإسرائيلية على الأغوار تمثل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق التنمية والحقوق الأساسية للفلسطينيين في المنطقة، وتعتبر هذه القيود مصدرًا للتوتر والاحتقان في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتزيد من خنق الفلسطينيين وتقييد حريتهم في ديارهم.
ومن ناحية الأردن، الأغوار هي منطقة تمتد من منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية المحتلة، وتشكل أهمية كبيرة بالنسبة للأردن من عدة نواحي مهمة، وتعتبر الأغوار حدودًا طبيعية بين الأردن وفلسطين المحتلة من قبل "إسرائيل"، ما يجعلها منطقة حساسة من الناحية الأمنية.
إدارة الأردن لأمن الأغوار توفر للبلاد درجة من الأمان والحماية من التهديدات الأمنية المحتملة.
ومن الناحية المائية، تحتوي الأغوار على منابع مائية مهمة، بما في ذلك نهر الأردن والعديد من الينابيع العلوية والجوفية، وهذه الموارد المائية تلعب دورًا حاسمًا في تلبية احتياجات الأردن من المياه وتعزيز الأمن المائي للبلاد.
ومن الناحية الاقتصادية والزراعية، تحتوي الأغوار على تربة خصبة وموارد طبيعية تسهم في تطوير القطاع الزراعي والاستثمارات الاقتصادية، وتتم زراعة محاصيل متنوعة في الأغوار، مثل النخيل والخضروات والفواكه، ما يعزز الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل للسكان المحليين.
وبشكل عام، تعتبر الأغوار جزءًا حيويًا من السيادة الأردنية وتعزز استقلالية الأردن وتنميته الاقتصادية والاجتماعية، الأردن يسعى جاهدًا للحفاظ على السيطرة على الأغوار وتطويرها بشكل مستدام لمصلحة شعبه ومستقبل البلاد، ولا يستعد لقبول أي مشروع إسرائيلي يهدف إلى تغيير هذا الوضع.