الوقت - يعدّ عقد الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة دائمًا فرصةً جيدةً جدًا للقادة السياسيين والمسؤولين الدبلوماسيين في الدول، ليتمكنوا من إجراء اجتماعات دبلوماسية مكثفة ومتعددة في فترة زمنية قصيرة، وتوفير الفرص لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع الحكومات الأخرى.
وفي هذا الصدد، وقبل الاجتماع الأخير للأمم المتحدة، تحدثت أنباء غير رسمية عن إمكانية عقد اجتماع إقليمي مشترك بين إيران والدول الأعضاء في مجلس التعاون بحضور العراق، من أجل مواصلة توثيق العلاقات بين طهران والدول العربية بعد الاتفاق التاريخي بين إيران والسعودية، واستمرار الأجواء الإقليمية الإيجابية.
إنها مبادرة يبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترحها لأول مرة ورحبت بها إيران، حيث أشار إليها حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارته لسلطنة عمان في يونيو من هذا العام. علاوةً على ذلك، تم التأكيد خلال اللقاء الذي جمع أمير عبداللهيان مع الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، على هامش اجتماع الأمم المتحدة، على عقد هذا اللقاء.
وزعمت بعض وسائل الإعلام نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أنه بموجب الاتفاقيات كان من المفترض أن يعقد هذا الاجتماع بناءً على أحكام قرار مجلس الأمن رقم 598، لإنشاء منتدى حوار إقليمي برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة، لكنه فشل في اللحظة الأخيرة لأنه، وفقاً لوسائل الإعلام هذه، "أعربت بعض الدول الأعضاء في مجلس التعاون عن شكوكها حول أهداف وتوقيت هذا الاجتماع".
في غضون ذلك، يبدو أن الخلافات بين العراق والكويت حول الحدود البحرية في الأسابيع القليلة الماضية في الاتفاقية المعروفة باسم "خور عبد الله"، كانت أحد الأسباب الرئيسية لعدم عقد الاجتماع.
لكن المهم في عدم عقد هذا الاجتماع، هو عقد اجتماع مشترك بين أمريكا وأعضاء مجلس التعاون وبيانه الختامي، وهو ما كان مخالفاً تماماً للأهداف والمضمون المقرر للاجتماع الملغى بين إيران وهذه الدول.
وفيما کان الاجتماع المشترك بين وزراء خارجية إيران وأعضاء مجلس التعاون يهدف لدراسة سبل تعزيز الثقة، ودفع عملية خفض التصعيد الإقليمي والتعاون في المجالات كافة، ولا سيما النظر في الاقتراح الإيراني بإقامة منتدى للحوار والتعاون، لكن البيان الختامي للاجتماع المشترك لهذه الدول مع الولايات المتحدة كان متناقضًا، لإظهار أن الولايات المتحدة لعبت دوراً كبيراً في تعطيل الاجتماع المقرر لدول مجلس التعاون مع إيران، وإعداد هذا البيان المناهض لهذا البلد.
في هذا البيان، رغم أن البيت الأبيض رحّب في الظاهر بالاتصالات الدبلوماسية للسعودية ودول مجلس التعاون الأخرى مع إيران، ولكن في مواقف معاكسة تماماً وإلی جانب التدخل في شؤون البرنامج النووي السلمي الإيراني الذي يعتبر شأناً داخلياً تماماً، شدّد على ادعاءات الإمارات الكاذبة بشأن الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج الفارسي، والاتهامات بشأن السياسة الدفاعية للجمهورية الإسلامية ببناء طائرات دون طيار وأسلحة تقليدية أخرى.
وعلى الرغم من أن الاجتماع المشترك للدول الأعضاء في مجلس التعاون والولايات المتحدة على هامش قمة الأمم المتحدة، قد تم أيضًا في السنوات الماضية وهو ليس حدثًا نادرًا، لكن من المؤكد أن واشنطن قد راهنت بشکل خاص في الاجتماع الأخير علی تسليط الضوء على الخلافات بين الدول الخليجية وإيران.
لأن استمرار الاتجاه الإيجابي لخفض التصعيد في الخليج الفارسي، مع تحقيق اقتراح إيران بإقامة منتدى للحوار والتعاون، سوف يُفشل عقودًا من سياسة واشنطن المتمثلة في الوجود العسكري المكثف في منطقة الخليج الفارسي الحساسة والجيواستراتيجية، ومبيعات الأسلحة الكبيرة من خلال إيران فوبيا، ومؤخراً متابعة قضية تطبيع العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني، ومنع الدول العربية من التوجه نحو الصين وروسيا.
أمريكا، ومن أجل إعادة الثقة المفقودة للدول العربية، والتأكيد على استمرار الوجود العسكري في الخليج الفارسي بدعوى الدفاع عن مصالح حلفائها في المستقبل، أعربت مرةً أخرى في هذا البيان عن "التزامها بالتعاون لردع التهديدات الموجهة ضد السيادة والسلامة الإقليمية وغيرها من الأنشطة المزعزعة للاستقرار والتعامل معها"، فضلاً عن "ضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة".
في هذه الأثناء، رغم إلغاء الاجتماع المشترك بين إيران ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون، ولکن لا تزال الفرصة قائمةً لعقد اجتماع مشترك بين إيران والدول الأعضاء في مجلس التعاون.
وفي خضم إعراب زعماء الدول العربية عن الرغبة في مواصلة تحسين العلاقات مع إيران، لم تنجح الخطة الأمريكية لتعطيل عملية الأجواء الإقليمية الإيجابية، لكن اللعبة المزدوجة يمكنها بالتأكيد أن تمنع الاستغلال السريع للأجواء الإيجابية التي توافرت لتحقيق المصالح المتبادلة والمشتركة لدول المنطقة.