الوقت - ربما تسبق السينما العربية السياسة في تأييدها الكامل والمُطلق للقضية الفلسطينية، حيث لا يوجد خلاف لدى الغالبية العظمى من المُبدعين على التفاصيل التي تُحدد ملامح القضية، وتؤكد حق الشعب الفلسطيني المُناضل في الاستقلال والحرية، تلك مُعطيات لا تحتمل اللبس أو الجدل من وجهة نظر السينمائيين والمُثقفين العرب.
على مدار سنوات طويلة ومنذ بداية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم تتوقف السينما العربية عن تسجيل موقفها المبدئي القائم على مُناصرة الدولة الفلسطينية، في حربها الوجودية والحدودية مع الكيان الصهيوني، فالخطاب السينمائي كان ولا يزال واضحاً كل الوضوح، إزاء الثوابت والحقوق المشروعة كافة، التي يجب الاعتراف بها والعمل على ترسيخها داخل العقل العربي الجمعي بوسائل التأثير والإقناع كافة.
من هذا المنطلق أجمعت كل المهرجانات العربية على حق فلسطين في الأرض والاستقلال، كأي بلد حر، فمهرجان القاهرة السينمائي على سبيل المثال رفع مُبكراً شعار لا للتطبيع مع إسرائيل كنوع من التأكيد على تضامنه الكامل مع أصحاب الحقوق الأصليين وعدم اعترافه بالوجود الإسرائيلي في الأراضي المُحتلة، وتماشياً مع هذا المبدأ تم عرض العديد من الأفلام الفلسطينية، واستضافة عشرات المُخرجين من أجيال مُختلفة.
وقد حذت مُعظم المهرجانات العربية الحذو نفسه، قبل هبوب رياح التطبيع الآتية بالضغط الأمريكي، التي فُرضت رسمياً من قبل بعض الحكومات بغير اعتراف شعبي وجماهيري يمنحها الشرعية ويُعطيها حق التعميم، بل يُبطلها ويفسد محتواها ويُفقدها قوتها التأثيرية كنشاط ثقافي مهم.
ولكي تُبرهن الجماهير المصرية والعربية على موقفها السلبي من هرولة البعض نحو التطبيع، ورفضها الكامل للمُبادرات المشبوهة، أقامت المؤسسات الثقافية الأهلية احتفاليات سينمائية احتفت بالسينما الفلسطينية ومنحت الأفلام حق العرض لتُخرجها من شرنقة الحصار المفروض عليها منذ سنوات وتمنحها فرصة التميز والحصول على الجوائز.