الوقت-لقد بالغ الكيان الصهيوني في إرهابه وسياساته العنصرية لدرجة استفزت حتى الشعوب الغربية، حيث زادت الممارسات الصهيونية العنصرية وخصوصاً في ظل الحكومة الأخيرة التي يقودها الثلاثي العنصري نتنياهو وابن غفير وسموتريتش لتكشف زيف الرواية الإسرائيلية وتؤكد أن هذا الكيان ليس استعماريا فقط وغير شرعي بل يمارس سياسة العنصرية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وتؤكد هذه الممارسات أن هذا الكيان هو مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم وهو معاد للسلام حيث تنكر لكل الاتفاقات التي وقعها مع الفلسطينيين للتوصل لحل عادل كما أنه يتنكر لقرارات الشرعية الدولية ويرفض تنفيذ مئات القرارات والتوصيات الدولية.
تصريحات عنصرية لوزير إسرائيلي ضد الفلسطينيين
إن التصريحات الأخيرة التي صدرت من قبل وزير الأمن الداخلي التابع للكيان الصهيوني هي تصريحات مثيرة للجدل، حيث دعا وزير الأمن الصهيوني فيها لقتل الفلسطينيين، وفي هذا السياق يمكن القول وبكل وضوح إن هذه التصريحات تمثل خطاب كراهية وعنصرية غير مقبولين يسيء إلى كرامة الشعب الفلسطيني ويهدد حياتهم بشكل غير مبرر.
وفي السياق نفسه يرى الكثير في الأوساط الإسرائيلية أن هذه التصريحات تهدد أمن الإسرائيليين أنفسهم فهي من شأنها أن تثير الغضب وتؤجج المشاعر.
وفي قراءة لتصريحات بن غفير التي تدعو للقتل العمد للفلسطينيين بذريعة رشق المستوطنين بالحجارة، يقول المختص بالقانون الجنائي الإسرائيلي المحامي فؤاد سلطاني "هذه التصريحات خلال وجود القاتل رهن الاعتقال والتحقيق بمثابة مخالفة، تتعارض مع القانون الإسرائيلي لكونها تتسبب بالتشويش على مجريات التحقيق".
وأوضح أن تصريحات بن غفير تشجع المستوطنين على التمادي بالاعتداءات الإرهابية وقتل الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، لكونها تصدر عن مسؤول حكومي وعن الشخص المكلف بالأمن القومي.
ويعتقد المحامي أن تصريحات ونهج بن غفير يغذي إرهاب المستوطنين ويدفع بهم لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، وهو ما يجسد على أرض الواقع من اعتداءات يومية وهجمات لعصابات المستوطنين على الفلسطينيين ومنازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم ومحاصيلهم الزراعية، دون أي رادع.
ويشير إلى أن عصابات المستوطنين ما هي إلا ذراع آخر لحكومة الاحتلال، إذ استقدمت للضفة الغربية خصيصا من أجل تضييق الخناق على الفلسطينيين، وذلك ضمن مخطط سلطوي لتهجير الفلسطينيين وتجميعهم على أقل مساحة من الأرض.
عنصرية الكيان الصهيوني
لا يخفى على أحد أن التفرقة العنصرية تظهر بشكل جلي في تعريف "إسرائيل" لذاتها، من خلالها كونها “دولة يهودية وديمقراطية”، وكذلك غياب كلي لدستور تشريعي أو عهد حقوقي مكتوب.
وحسب القانون الإسرائيلي، فإن "إسرائيل" دولة “ديمقراطية ويهودية” في آن معا إلا أن بنية الكيان الصهيوني اليوم تصنف كدولة يهودية قائمة لأجل خدمة صالح ومصالح الأغلبية اليهودية فيها حصرا، وتمييزهم وتفضيلهم على كل من هو غير يهودي، عبر سياسات وأدوات تشريعية وقانونية، وكذلك قرارات وصلاحيات المحاكم والمؤسسات الرسمية.
وعليه، فإن الطابع اليهودي للكيان مستمر وقائم على حساب الطابع والهوية الديمقراطية المفترضة، وهو أمر يهدد واقع المواطنة والمساواة في الحقوق المدنية والسياسية في "إسرائيل".
ردود أفعال
قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن تصريحات ايتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، التي دعا فيها إلى تكريم المستوطنين بعد قتل شاب فلسطيني في الضفة الغربية تمثل اعترافا بـ "عنصرية إسرائيل"، جاء ذلك في بيان للخارجية الفلسطينية ، تعليقا على تصريحات بن غفير، ولفتت الخارجية الفلسطينية إلى أن دعوة بن غفير إلى لمنح المستوطنين حصانة و"وسام تقدير" يمثل تحريضا على ارتكاب جرائم القتل ضد الفلسطينيين، إضافة إلى أنه يمثل تبريرا لإطلاق سراح مرتكبي جرائم القتل بحجة "الدفاع عن النفس".
وحذرت الخارجية الفلسطينية من أن تُقدم الحكومة الإسرائيلية على تبني نفس سياسة بن غفير فيما يتعلق بتبرير جرائم القتل، مشيرة إلى انتشار المستوطنين المسلحين على الطرق بالضفة الغربية وفي العديد من البلدات الفلسطينية.
تزايد نسبة الخطاب العنصريّ ضد الفلسطينيين
بالتزامن مع تصاعد إجرام العدو الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، واتهام المنظمات الدوليّة "إسرائيل" بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، مع التشديد على أنّ تلك السياسات ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك، حيث ارتفع الخطاب العنيف بما قُدر بـ %10 مقارنة بعام 2021، ووصل عدد المنشورات ذات المحتوى المحرض على العنف المنشورة عبر الشبكات باللغة العبرية إلى 685 ألف محادثة، مقارنة ب 620 ألف منشور مماثل خلال العام 2021.
وفي هذا السياق تشير المعلومات التي نشرت مؤخراً إلى أنّ أشكال الخطاب العنيف المنتشر باللغة العبرية تنوعّت وأظهرت ازديادًا واضحًا في نسبة الخطاب العنصريّ ضد العرب والشعب الفلسطينيّ والذي وصلت نسبته إلى 39% من مجمل خطاب العنف، وجاء 20% من هذا الخطاب على شكل محتوى تحريضيّ، و41% شتائم موجهة ضد العرب وأبناء فلسطين، ما يضع العدو الغاشم ومن يدور في فلكه في دائرة ممارسة الفصل العنصريّ والاضطهاد، في شهادة دولية قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، وإنّ ذلك يستدعي تحمل المجتمع الدوليّ لمسؤولياته الفوريّة تجاه فلسطين، ومساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة وتحريضها ضد الشعب الفلسطينيّ.
ومن الجدير بالذكر أنّ نسبة الخطاب العنيف عبر منصة (فيسبوك) “Facebook” وصلت إلى 20% من مجمل خطاب العنف، وقد ارتفعت نسبة ذلك في التعقيبات عبر مقالات الانترنت عن الأعوام الفائتة لتصل إلى نسبة 26%، في الوقت الذي لا يكف فيه جنود الاحتلال المجرم عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، إضافة إلى مساعي قوات العدو في فلسطين للهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لمصلحة الإسرائيليين اليهود، في تأكيد جديد على أنّ مسؤولي الكيان يرتكبون جرائم ضد الإنسانيّة ويحرضون مجتمعهم الاحتلاليّ على العنف.
عنصريّةٌ مقيتة
نعلم جميعاً أن عنصرية الكيان الصهيونيّ الغاصب التي وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعيّ وتتحدث عن نفسها، في مشهد يظهر المنهج العنصريّ الذي يتبعه الاحتلال الصهيونيّ مع أصحاب الأرض والمقدسات، ومن لا يعلم أنّ حقوق الفلسطينيين أقل من حقوق اليهود في المنطقة بأكملها بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وأنّهم يعيشون تحت أشكال مختلفة من السيطرة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة وقطاع غزة والقدس الشرقيّة وداخل الأراضي المحتلة نفسها.
وإنّ المعلومات الأخيرة تضيف تأكيداً جديداً من الإسرائيليين أنفسهم على منهجيّة الاحتلال العدوانيّة، لأن فلسطين باتت باعتراف الإسرائيليين أنفسهم منطقة جيوسياسيّة واحدة تحكمها حكومة واحدة (جيوسياسيّة: السياسة المتعلقة بالسيطرة على الأرض وبسط نفوذ الدولة في أي مكان تستطيع الوصول إليه)، بمعنى آخر "أبرتهايد" (نظام فصل عنصريّ) بين النهر والبحر.
وخلال تقسيم المناطق واستخدام وسائل سيطرة مختلفة، يخفي الكيان الصهيونيّ حقيقة أنّ ما يقارب الـ 7 ملايين يهودي و7 ملايين فلسطينيّ يعيشون في ظلّ نظام واحد ذي حقوق غير متساوية إلى حد كبير، بل إنّه لا يوجد معيار واحد يتساوى فيه الفلسطينيّ واليهوديّ في فلسطين المحتلة، وفي السنوات الأخيرة مع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة، تبنّى كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون لحكومتها اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد ضد كيانهم.
كذلك، إنّ الحدود التي تفصل بين الكيان والضفة الغربيّة قد اختفت منذ فترة طويلة، على الأقل بالنسبة للمستوطنين الإسرائيليين، الذين يمكنهم التنقل بحرية ذهاباً وإياباً، بينما يُلزَم أصحاب الأرض الفلسطينيين بحمل تصاريح لدخول الأراضي المغتصبة، كما أن "جهاز التخطيط" الذي أنشأه العدو للضفة الغربيّة ضمن الإدارة المدنيّة لشرقيّ القدس عبر بلديّة القدس يكبح أيّ إمكانيّة للتطوير والبناء الفلسطينيّ، ويمنع الفلسطينيّين من بناء منازل لهم، معتبرة أنّ المهمّة الأساسيّة لهذا الجهاز هي "الهدم" عوضًا عن تخطيط البناء بما يلبّي احتياجات السكّان الحاليّة ويُعدّ لاحتياجاتهم المستقبليّة، في ظل تعنت صهيونيّ وغياب الرغبة الدوليّة، لإخراج قوات العدو من المناطق العربيّة التي احتلتها في عدوانها الهمجيّ.
في الختام، لا يمكن حصر الجرائم التي ارتكبتها آلة العدو الصهيونيّ العسكرية بحق الفلسطينيين والعرب، وإن ما ذُكر في هذا المقال لا يعدو عن كونه استرجاعا تاريخيّا قريبا للغاية لبعض انتهاكات العدو التي تكشف عنصريّة الكيان ودمويّته، ناهيك عن الجرائم الكثيرة التي تستهدف الأطفال والشيوخ والنساء جهاراً نهاراً، وهنا لا بدّ من القول إن التقارير تلك رغم أهميتها في الإضاءة على جزءٍ يسير من جرائم الصهاينة، إلا أنّها لا تُقدم ولا تؤخر إذا لم تترافق مع محاسبة عربية ودوليّة تردع "إسرائيل" عن عدوانها في مختلف الجهات.