الوقت - يرى الصحراويون أن بلدهم الصحراء ليس جزءاً من المغرب، وأنهم قاتلوا وحرروا لوحدهم أراضي الصحراء الغربية من الاستعمار الإسباني، حيث قاتل الصحراويون القوات الإسبانية أكثر من 90 سنة لإخراجها من الصحراء (1884–1976)، وكانت هذه الرؤية سبب النزاع بين سكان الصحراء الغربية والمغرب.
كانت تعرف باسم الصحراء الإسبانية، وإن دخول القوات المغربية إلى الصحراء كان بتدبير ومؤامرة من الإسبان، ويرغب الصحراويون في إقامة نظام حكم ديموقراطي في اقليم الصحراء، ويرون أن تهجير الصحراويين من بلادهم وضم أرضهم بالقوة إلى المملكة المغربية يحول دون ذلك.
وتسعى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لإصدار قرارات وإيجادِ حلٍ لعملية تقرير المصير لسكان الصحراء، إذ لم تفلح الجهود الدولية حتى الآن في حل النزاع عليها لأسباب أبرزها فشل الأطراف المتنازعة في الاتفاق على من يحق له المشاركة في عملية استفتاء على مستقبلها.
ولم تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة رسميا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وظل الأمر إلى غاية إعلان دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رسميا اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية سنة 2020.
هناك عدد من الدول اعترف بالصحراء الغربية، بعضها ما زال معترفاً بها إلى الآن، والآخر سحب اعترافه، لكن هناك بعض البلدان التي اتخدت موقفا غامضا في قضية الصحراء مثل روسيا التي تقول إن موقفها محايد وتدعم الطرفين معا؛ لكن يجب الضغط على كل الأطراف من أجل الوصول لاتفاق وحل سلمي.
ويسعى كل من المغرب وجبهة البوليساريو إلى الحصول على اعتراف رسمي من دول أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية وباقي الدول في العالم، وكانت جبهة البوليساريو قد حصلت على الاعتراف الرسمي بملكيتها للمنطقة من 37 دولة ما مكنها من تمديد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، أما المغرب فقد فاز بدعم العديد من الحكومات الأفريقية معظمها من العالم الإسلامي والبلدان ضمن جامعة الدول العربية.
إسبانيا تنفي اضطراب الموقف
تحررت إسبانيا من كل مسؤولية لها في الصحراء برسالة سلّمها سفير إسبانيا لدى الأمم المتحدة في 26 فبراير/شباط 1976 إلى الأمين العام كورت فالدهايم، وقد ذكّرت الحكومة الاشتراكية بذلك مرة أخرى في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في رد مكتوب على النواب. غير أن وكيل الأمين العام للشؤون القانونية هانس كورل ناقض في 2002 الموقف الرسمي الإسباني. ففي رأي قانوني أصدره بناء على طلب من مجلس الأمن، أكد أن إسبانيا ما زالت السلطة المديرة للإقليم.
تجد الحكومة الإسبانية نفسها في حرج أمام الطلب المغربي، فهي تخشى تصعيد الرباط الذي قد يتسبب في أزمة هجرة كبيرة أو توقف التعاون في مكافحة الإرهاب، وقد دعم الاشتراكيون الإسبان لمدة طويلة ضمنيا حل النزاع المقترح من طرف الرباط حتى وإن كان الاستقلال الذاتي الذي تمنحه للصحراء محدودا جدا مقارنة بذلك الذي تتمتع به المقاطعات في إسبانيا. ولكنهم لا يجرؤون على قول ذلك علنا، لأن الرأي العام الإسباني ما زال متعاطفا مع جبهة البوليساريو.
فالهجرة غير الشرعية الضخمة إلى جزر الكناري تسبب مشاكل مركزية للحكومة الإسبانية، منها غياب مخيمات الاستقبال إذ تم إسكان 7500 مهاجر في فنادق خالية بسبب غياب السواح. وهذا من شأنه أن يخلق توترات مع السكان المحليين.
ومن جهتها تحاول وزارة الداخلية الإسبانية قدر المستطاع أن تبقي المهاجرين في جزر الكناري، وهذا الأمر له أثر رادع على المهاجرين المحتملين في المغرب الذين يحلمون بالوصول إلى أوروبا القارية، وهناك بلدان أوروبية -مثل فرنسا- تلح على إسبانيا كي تحتفظ بهم في الأرخبيل، لأنه بمجرد وصولهم إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، سيسعى جزء كبير منهم إلى عبور جبال البرانس، على الحدود الإسبانية-الفرنسية.
لذا وجدنا رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يثني على المغرب في محاربة الهجرة السرية، مبينا تراجع الهجرة من الأراضي المغربية نحو إسبانيا، عكس ارتفاعها في طرق بحرية أخرى، في إشارة إلى الهجرة من ليبيا وتونس نحو إيطاليا واليونان.
ودون تحديد الموقف من قضية الصحراء الغربية بوضوح، تبنى سانشيز “خطابا غامضا” في هذا الشأن بقوله إن الموقف من هذه القضية هو نفس موقف الحكومات السابقة، حكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو (الاشتراكية) وحكومة ماريانو راخوي (المحافظة)”، وأنه موقف يتوافق مع مواقف بعض الدول مثل الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا وفرنسا الداعي إلى دعم مساعي الأمم المتحدة، موضحاً ضرورة أن يحظى كل حل بقبول الأطراف المعنية والتوافق بشأنه. بل يراهن ويتوافق مع مساعي الأمم المتحدة.
كما شدد سانشيز على تمثيلية جبهة البوليساريو للصحراويين، في محاولة لتخفيف ضغط أحزاب اليسار عنه في هذا الملف، نافياً بشدة أن يكون قد غير من موقفه من الصحراء بسبب الأطروحة القائلة بحصول المغرب على معلومات حساسة عن حياته الشخصية ويبتزه بها. واتهم اليمين السياسي والإعلامي بترويج مثل هذه الأخبار التي اعتبرها عارية من الصحة.
والمثير أنه تجنب الحديث مباشرة عن مقترح الحكم الذاتي، ويفعل هذا منذ قرابة شهرين، ويكتفي بالحديث عن حل لنزاع الصحراء متفق عليه. ومن المحتمل، وفق مصادر إسبانية أنه يفعل هذا لأسباب انتخابية بسبب الاستحقاقات التي ستجري يوم 23 من الشهر الجاري.
وتنفي المعارضة وخاصة الحزب الشعبي المحافظ أن يكون موقف رئيس الحكومة هو موقف رئيس الحكومة اليميني السابق ماريانو راخوي، وتؤكد عدم تفضيل أي حل من الحلين، الحكم الذاتي أو استفتاء تقرير المصير، بل الدعم الكامل لمساعي الأمم المتحدة.
وتنخرط المعارضة في نقاش موضوع المغرب، ويقول نونيث فييخو زعيم الحزب الشعبي والمرشح لشغل منصب رئيس الحكومة، وفق استطلاعات الرأي، إنه سيعمل على إقامة علاقات متينة وشفافة مع المغرب لأنه دولة ذات أهمية استراتيجية كبرى لإسبانيا.
ويضيف إن “قضايا الدولة يجب أن يبت فيها البرلمان”، في إشارة إلى ضرورة اتخاذ قرار جماعي في قضايا حساسة مثل نزاع الصحراء عكس رئيس الحكومة الحالي. ويتهم الحزب الشعبي رئيس الحكومة بتغيير موقف إسبانيا من نزاع الصحراء دون استشارة البرلمان والمؤسسة الملكية.