الوقت_ أثار وصف ممثل السلطة الفلسطينية في الامم المتحدة سفير كيان الاحتلال الإسرائيلي في هذه المنظمة بأنه فاشي وكاذب ضجة كبيرة، في وقت يتهم الفلسطينيون فيه الكيان الإسرائيليّ بارتكاب “محارق هولوكوست” بحق الفلسطينيين، وتأكيدهم أنّ العصابات الإسرائيلية اقترفت 50 مجزرة ضد الشعب الفلسطيني في 50 موقعاً، وكلها "هولوكست"، وتعني الكلمة إبادة جماعية وقعت خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939-1945 وقُتِل فيها حوالي ملايين اليهود الأوروبيين على يد ألمانيا النازية وحلفائها، فيما جرت عمليات القتل في جميع أنحاء ألمانيا النازية والمناطق المحتلة من قبل ألمانيا في أوروبا وكانت "الهولوكوست" مثالاً للإبادة الجماعية، التي تعني قتل مجموعات بشرية كبيرة فقط بسبب انتمائهم لجنسية أو عرق أو دين معين، وهو جزء من الحقيقة فقط.
الاحتلال الإسرائيلي فاشل وكاذب
يرى كثيرون ضرورة حل السلطة الفلسطينيّة وإعلان "الجهاد المسلح" على كامل التراب الفلسطينيّ المسلوب منذ عام 1948، بيد أن السلطة التي صفعت المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة تتعامل بقوة مع الإسرائيليين، رغم أن رياض منصور خاطب جلعاد إردان، ممثل "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة، بعد خطابه: "أعداء السلام الفاشيون لن يتعلموا أبدًا من حقيقة أن أعضاء مجلس الأمن لا يردون على مثل هذه الأقوال "، ليبقى السؤال كما يقول أبناء فلسطين: "هل عوقبت اسرائيل رسميا وعلنيا أمام الفلسطينيين أو للمجتمع الدولي عما فعلته ولا تزال تفعله ضد الشعب الفلسطيني من مداهمات واقتحامات واعتقالات وتصفيات ومن تدمير بنايات سكنية على رؤوس قاطنيها واعدامات ميدانية ومن اغلاق معابر واقامة معازل من جدران فاصلة وغيرها لتمزيق وحدة الاراضي الفلسطينية".
وتصل الحكومة الإسرائيلية إلى نهاية الخطة التي تعمل عليها منذ عقود، أي دولة المستوطنين بدلاً من دولة فلسطينية، وتعرف "إسرائيل" أن جميع أفعالها مدانة في جميع أنحاء العالم، لكنها ستستمر في ذلك طالما أنها قادرة على تهجير الفلسطينيين، وأن الإرادة الوحيدة التي تواجهها هي إرادة الشعب الفلسطيني، لكن تلك التصريحات في المنابر الدولية تساعد في إظهار حجم دمويّة "إسرائيل" بحق أبناء الشعب الفلسطينيّ وهي حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، حيث إنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي اللقيط منذ ولادته غير الشرعية بني على مبدأ التطهير العرقيّ والتاريخيّ من خلال المجازر التي ارتكبتها عصابات الصهاينة ضد أصحاب الأرض ومقدساتهم إضافة إلى عمليات بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة كأدلة ثابتة وواضحة على ممارسات الصهيونيّة الاستعماريّة.
ويوماً بعد آخر يتصاعد إجرام العدو الصهيونيّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، والدليل اتهامه من قبل منظمات دوليّة معنية بحقوق الإنسان، بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، مؤكّدين على أنّ تلك السياسات ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي بشكل مستمر من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك.
ومن الجدير بالذكر أن رياض منصور أدلى بهذه التصريحات مؤخراً في الاجتماع الشهري لمجلس الأمن، والذي خصص لمراجعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334، وصدر هذا القرار في عام 2016 وكان يتعلق ببناء المستوطنات في الضفة الغربية، ويعني أنّ منصور استطاع بالفعل تسديد الضربة بمكان ضعف الخصم، في وقت تتخذ فيه "إسرائيل" ومناصروها تهمة "معاداة السامية" شماعة لمحاربة الفلسطينيين ومن يوالي قضيتهم المحقة في مختلف الميادين ويثقبون مسامعنا بمعلومات وترهات حول "الهولوكوست" وقضايا أخرى ما أنزل بها من سلطان، على الرغم من ارتكاب الآلة العسكريّة الصهيونيّة وعصاباتها التي جُمعت من شتات الأرض أشنع الجرائم ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وما زالوا إلى اليوم يرتكبون أقذر الجنايات الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الأبرياء، ما يُظهر النفاق الدولي في أبهى صوره مع عدو العرب والمسلمين والأحرار الأول، لمساعدة الإسرائيليين في إبادة هذا الشعب.
"الإرهابيون عادة ما يتم توقيفهم ومحاكمتهم في أي مكان، فهل يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء في هذه القضية أيضًا؟"، عبارة جاءت على لسان السفير الفلسطيني ودفعت بالرغم من التشكيك بهذا الأمر أيّ أحد لا يصدق تلك الحقيقة للتأكد ولو ببحث بسيط على مواقع الانترنت التي لا تعد ولا تحصى ووثقت جرائم الإبادة التي تنفذها "إسرائيل"، وخاصة مع وجود أناس كثر يعتبرون السياسات الغربية والأمريكية متحيزة للغاية وتصب في مصلحة الكيان المجرم، في ظل تعامٍ قذر من بعض الدول التي تدعي الإنسانية والديمقراطية عن جرائم الكيان الإسرائيلي -السرطان الذي زُرع لفصل شرق الوطن العربيّ عن مغربه وتنفيذ المصالح الأمريكيّة والغربيّة-، دون رقيب أو عتيد بسبب فشل الحكومات العربيّة والدوليّة في محاسبته على جرائمه العنصريّة البشعة بحق أصحاب الأرض، والتي لم ينج منها الأطفال ولا الشيوخ ولا النساء ولا الأسرى ولا المرضى حتى.
التعاطي الغربيّ والأمريكيّ
إنّ هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد صرح الفلسطينيون تصريحات كثيرة مشابهة، كوصف الرئيس عباس السياسة الإسرائيلية بأنها “نظام أبارتايد (فصل عنصري)” وقال "إن تقويض حل الدولتين وتحويله إلى واقع جديد للدولة الواحدة بنظام الأبارتايد، لن يخدم الأمن والاستقرار في منطقتنا”، وهذا ما أغصب المدافعين عن الإرهاب الإسرائيليّ وحماة "العنصريّة" للتحرك ضدها، على الرغم من إقرار منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان والتي تضم ما يزيد على 150 بلداً وإقليماً، أن الكيان الصهيوني هو "أبرتهايد" يرتكب جرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدوليّ من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.
وإنّ التعاطي الغربي والأمريكي مع تلك التصريحات التي تكون على هذا الشكل، طبيعيّ للغاية لأنّه يفضح الصهاينة بشكل أكبر على الساحة الدولية، وإنّ الغضب الذي يلي ذلك يُعد شهادة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة بدعم من بعض الدول التي تتعامى عن الحقيقة ودماء الأبرياء، ويُعد شراكة واضحة في جرائم الصهاينة المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، وخاصة في ظل رغبة الكيان العارمة في قمع الفلسطينيين والسيطرة عليهم، حيث إنّ العالم بأسره بدأ يعي جيداً حجم الجرائم الإسرائيليّة المنقطعة النظير والعنصريّة الغريبة الوصف بحق الأبرياء، لإنشاء أغلبية يهوديّة عبر عمليات القتل المباشر، والقيود على الحركة، والتطهير العرقيّ وسياسات التهجير، والتمييز المؤسسي، والحرمان من الجنسية والوطنية، كجزء من نظام ممنهج للهيمنة والفصل العنصريّ.
وإنّ الكيان الصهيونيّ لا يُخفي ذلك أساساً، بل يعترف بأنّه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك ما يجري في فلسطين ونص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية فيها.
وفي ظل تأييد الفلسطينيين لتصريحات السفير الفلسطينيّ، يجمع كثيرون من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على أنّه بدلا من التحقيق في المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وبدلا من العمل على إزالة الاحتلال العسكري العنصري لفلسطين المحتلة، باتت "الضحية هي المتهم، والقاتل هو القاضي"، وهو توصيف لا شك بأنّه يعبر عمّا جرى مؤخراً.
في الختام، إذا رغبت بعض دول العالم بالتزلف للكيان الصهيوني فليفعلوا ذلك بعيدا عن تراب فلسطين وشعبها الذي يعيش كارثة سلب واحتلال وطنه وقتل وإبادة شعبه، ويجب التذكير بأنّ الكوارث والجرائم التي يقوم بها الصهاينة في فلسطين، سببها الرئيسي هو أوروبا العنصرية التي اضطهدت اليهود وعملت على طردهم خارجها، وبحثت مع قادة الصهيونية العالمية عن وطن بديل لهم، وطرحت بدائل في الأرجنتين ومصر واستقر الأمر في النهاية لأسباب دينية وأسطورية على فلسطين لسوء حظ شعبها البطل، وصدر "وعد بلفور" وساعدت بريطانيا على هجرة اليهود من كل أصقاع الأرض إلى فلسطين، ودعمت الولايات المتحدة وأوروبا العصابات الصهيونية حتى تمكنت من اغتصاب فلسطين، ودعمت فرنسا البرنامج النووي الصهيوني انتقاما من مصر لمساعدتها ثورة الجزائر والثورات الإفريقية ضد الاحتلال، ما يعني أن "مأساة فلسطين" جذورها في عنصرية أوروبا وعلى رأسها ألمانيا، فماذا تتوقعون منهم أن يفعلوا مهما صرح الفلسطينيون، بيد أن الحل في "المقاومة الشاملة، وقد اعترف ممثل الكيان الصهيوني إردان في خطابه بتزايد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وادعى أنه منذ بداية عام 2023، تعرض أكثر من 3500 مستوطن وقوى أمنية لم يذكرها إلى الكثير من الاعتداءات، وهذا العدد هو يزداد كل يوم.