الوقت - حذر المحلل السياسي الروس، تيمور فومينكو، الأمريكيين من خلال نشر مذکرة مفادها بأن طهران لديها الآن كل الأوراق، وأن الوضع بالنسبة لواشنطن هو "خاسر-خاسر".
في بداية مذكرته على شبكة "رشا تودي"، أشار هذا المحلل إلى قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالانسحاب أحادي الجانب وغير قانوني من خطة العمل الشاملة المشتركة(الاتفاق النووي)، وكتب: "قرار إلغاء هذا الاتفاق کان متأثرًا تمامًا بأعضاء مجلس وزرائه من المحافظين الجدد، بمن فيهم مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو".
ووفقًا لفومينكو، فإن المحافظين الجدد في حكومة ترامب لم يسعوا فقط إلى مهاجمة إرث باراك أوباما، ولكنهم جادلوا أيضًا بأن فرض عقوبات معوقة من جانب واحد ضد طهران، إذا لم يتمكن من إسقاط نظام إيران تمامًا، يمكن أن يجلب البلاد إلى طاولة المفاوضات".
وتابع: "بهذه الطريقة بدأت حملة ضغوط وحشية على إيران استمرت خمس سنوات، سعت إلى تدمير اقتصاد البلاد وحاولت منع دول أخرى من التعامل مع إيران، لكن مبادرتهم لم تسر حسب الخطة".
ويعتقد الخبير الروسي: "لقد تغير العالم. حيث أدى تجاهل واشنطن الواضح للقانون الدولي إلى تصاعد عملية إزالة الدولرة. وتغيرات العالم التي حدثت لاحقًا، بما في ذلك جائحة كوفيد 19، ومنافسة الولايات المتحدة مع الصين والحرب في أوكرانيا، أعطت طهران مساحةً استراتيجيةً ونفوذًا لم يكن لديها من قبل".
ووفقًا لفومينكو، "زادت إيران الآن بشكل كبير تخصيب اليورانيوم، وتواصل بناء قدراتها الصاروخية والطائرات دون طيار، ولديها علاقات عسكرية أكثر تقدمًا مع روسيا، وبفضل بكين تمكنت من تطبيع علاقاتها مع السعودية، منافستها الإقليمية الرئيسية. ومن خلال تنفيذ العملية نفسها، قللت إيران من النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة وشريكتها إسرائيل".
وعلى حد قوله، فإن "السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران تركزت على استغلال التوترات الإقليمية من أجل تبرير وجودها الأمني ، لكن يبدو أن إيران بدأت تتغلب على الحملة الأمريكية".
وأضاف تيمور فومينكو: "لقد دق هذا الأمر ناقوس الخطر في واشنطن. كانت الولايات المتحدة يائسةً من تعزيز علاقتها مع السعودية، لكن التقارير تشير إلى أنها دخلت في مفاوضات سرية مع طهران ليس لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ولكن لإبعادها عن المزيد من تخصيب اليورانيوم، وإبعادها عن مسار التسلح النووي، وهو إجراء يجب أن يقترن بالطبع برفع العقوبات".
وتابع هذا المحلل الروسي: "على الرغم من أن الولايات المتحدة، التي يحتمل أن تكون مدعومةً من إسرائيل، هددت بالقيام بعمل عسكري غير معلن إذا ذهبت طهران إلى أبعد من ذلك، فمن الواضح أن إيران تمتلك الآن جميع الأوراق. وبالتالي، يجب خروج "وقف إطلاق نار" مؤقت من حملة الاحتواء الأمريكية (ضد إيران)".
وبينما أعلنت إيران مرارًا وتكرارًا معارضتها لأسلحة الدمار الشامل وشددت على السعي إلى الاستخدام السلمي للبرنامج النووي، أجرى كاتب هذه المذكرة مقارنةً بين إيران وكوريا الشمالية.
وكتب فومينكو: "بسبب تغيير الديناميكيات الإقليمية لصالحها، من غير المرجح أن تمضي طهران فعليًا في طريق تطوير قنبلة نووية لأن هذا الإجراء يوفر لواشنطن فرصًا. على عكس دولة مثل كوريا الشمالية، لا تحتاج إيران حقًا إلى أسلحة نووية لتأسيس عقيدة ردع من أجل بقاء نظامها".
وأضاف: "إيران دولة كبيرة يبلغ عدد سكانها أكثر من 80 مليون نسمة. في حين أن الولايات المتحدة يمكن أن تطلق افتراضيًا ضربات جوية أو صاروخية على منشآت إيرانية رئيسية لإحباط برنامجها النووي، لكن ما لا تستطيع الولايات المتحدة القيام به، وخاصةً في الوضع الحالي هو غزو واحتلال واسع النطاق لهذا البلد، لأنه سيكلف تريليونات الدولارات ولن يكون هناك دعم لهذه القضية".
وأوضح أن "قدرة الردع الإيرانية تعتمد على برامج الطائرات دون طيار والصواريخ، والتي عززت قدراتها على مر السنين رغم العقوبات الأمريكية. وادعى هذا البلد مؤخرًا أنه أنتج صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت ... ورداً على اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، أظهرت طهران قدرتها على تدمير القواعد العسكرية الأمريكية، وبالتالي أظهرت ما يمكنها فعله بإسرائيل إذا تدهور الوضع. وهذا يظهر أن إيران كانت وستظل لاعبًا إقليميًا مهمًا بغض النظر عن العقوبات الأمريكية".
وختم فومينكو بالقول: "إيران تنتصر، والسؤال الوحيد الذي يبقى هو ما إذا كانت أمريكا تريد وقف إطلاق النار، أم إنها ستستمر في الضغط على طهران. حتى لو انتهت النتيجة إلى طريق مسدود دون تجاوز الخطوط النووية(التحرك نحو إنتاج إيران لقنبلة نووية)، فإنها لا تزال حالةً خاسرةً بالنسبة لواشنطن، لأن إيران ستعيد تأسيس نفسها دبلوماسياً"