الوقت- حصدت شخصيات كويتية محسوبة على المعارضة غالبية مقاعد مجلس الأمة، حسبما أظهرت نتائج الانتخابات، الأربعاء الماضي، فيما فازت امرأة واحدة بمقعد في البرلمان الذي غالبا ما يشهد خلافات بين النواب والحكومة. والثلاثاء الماضي، نُظمت سابع انتخابات تشريعية في البلاد منذ 2012 بعدما ألغت المحكمة الدستورية في مارس نتائج انتخابات العام الماضي التي حققت فيها المعارضة مكاسب كبيرة بسبب "مغالطات" شابت الدعوة لانعقادها. وتهز الدولة الواقعة بالقرب من إيران والعراق أزمات سياسية متكررة تتعلق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.
وحسب النتائج الرسمية، حصل نواب المعارضة على 29 مقعدا من أصل 50، فيما تم انتخاب امرأة واحدة فقط هي جنان بوشهري. والبرلمان الجديد مشابه جدا لذلك الذي تم حله وكانت المعارضة تسيطر عليه أيضا، إذ احتفظ 38 من بين أعضائه الخمسين بمقاعدهم. وكانت هذه المرة الثانية التي تشارك فيها المعارضة، المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، في العملية الانتخابية منذ أن أنهت مقاطعتها للانتخابات التشريعية عام 2022. وعاد كل من رئيسي مجلس النواب السابقين، مرزوق الغانم، وأحمد السعدون، إلى البرلمان.
ومن المتوقع أن يترشح السعدون لمنصب رئيس مجلس النواب مرة أخرى. وقال النائب المحسوب على المعارضة، عادل الدمخي، فور الإعلان عن النتائج "نحن نحتفل اليوم بالمنهج الإصلاحي، ونتائج الانتخابات دلالة على وعي الشعب الكويتي"، مضيفا "لدينا أغلبية إصلاحية". ولقد دُعي أكثر من 793 ألف ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار 50 نائبا لولاية مدتها أربع سنوات، في البلد الذي يتمتع بحياة سياسية نشطة، ويحظى برلمانه بسلطات تشريعية واسعة، ويشهد مناقشات حادّة في كثير من الأحيان، خلافا لسائر دول المنطقة.
وبلغت نسبة المشاركة 50 بالمئة قبل ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، وفق جمعية الشفافية الكويتية، وهي منظمة محلية غير حكومية. ومنذ أن اعتمدت الكويت نظاما برلمانيا في عام 1962، تم حل المجلس التشريعي حوالي اثنتي عشرة مرة. وفي حين يُنتخب النواب، يتم تعيين وزراء الحكومة الكويتية من قبل عائلة الصباح الحاكمة، التي تحتفظ بقبضة قوية على الحياة السياسية. وأدى عدم الاستقرار السياسي في الكويت إلى إضعاف شهية المستثمرين، في بلد يعد أحد أكبر مصدري النفط في العالم.
وأعاقت المواجهة بين السلطة التنفيذية والبرلمان الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد الكويتي الراغب بتنويع موارده، وهو وضع يتناقض مع الجيران الأعضاء الخمسة الآخرين في مجلس التعاون الخليجي، الماضون في مشاريع لتنويع اقتصاداتهم وجذب المستثمرين الأجانب. وقالت بوشهري لوسائل الاعلام، إن أهداف البرلمان المقبل هي "السعي نحو الاستقرار وتحريك الملفات العالقة سواء كانت سياسية أو اقتصادية"
يبدو أن الأزمة لن تفارق الكويت، بعد فوز المعارضة بأغلبية مقاعد مجلس الأمة، ما يجعل الدولة الخليجية في طريقها لتكرار مشهد المواسم الماضية، من خلال مواجهة مفتوحة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وتتكوّن المعارضة في الكويت، من شخصيات سياسية مستقلة بعيدة عن الأسرة الحاكمة، تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية في الدولة النفطية، وغالبًا ما يترشح هؤلاء من دون برامج انتخابية محدّدة. وتهزّ الدولة، الواقعة بالقرب من إيران والعراق، أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي حُلّ مرّات عدّة. وغالبًا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية، على خلفية قضايا تشمل الفساد.
وحسب النتائج الرسمية، حصل نواب المعارضة على 29 مقعدًا من أصل 50، بينما فازت امرأة واحدة فقط هي جنان بوشهري. ومن ثم فإن البرلمان الجديد مشابه لذلك الذي حُلّ وكانت المعارضة تسيطر عليه أيضًا، إذ احتفظ 38 من أعضائه الخمسين بمقاعدهم. وكانت هذه المرة الثانية التي تشارك فيها المعارضة، المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، في العملية الانتخابية منذ أن أنهت مقاطعتها للانتخابات التشريعية عام 2022. وعاد كل من رئيسي مجلس النواب السابقين، مرزوق الغانم وأحمد السعدون، إلى البرلمان. ومن المتوقع أن يترشح السعدون لمنصب رئيس مجلس النواب مرة أخرى.
استمرار الخلافات
يقول مراقبون، إن الكويتيين لم يعودوا قادرين على تحمل المشاكسات بين البرلمان والحكومة، وخاصة أن الخلاف بينهما يلقي بتأثيرات تمتد إلى مصالح المواطنين، بتعقيد مهمة رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف الصباح، في إصلاح الاقتصاد والمالية العامة. ويشير المراقبون، إلى أن ما يزيد مخاوف الكويتيين من تصعيد سياسي مفتوح، هو فوز مرزوق الغانم رئيس البرلمان الأسبق بعضوية المجلس الجديد، بعد أن عزف عن خوض انتخابات 2022، ما يعني آليًا عودة خلافاته مع رئيس الحكومة الحالي، لو حصل على دعم من كتل عدة، لرئاسة المجلس، في منافسة منتظرة مع الرئيس السابق أحمد السعدون. ولا يستبعد المراقبون، أن ينجح رئيس الحكومة في كسب ثقة كثير من نواب المعارضة السابقة، التي تضم إسلاميين وقبليين وليبراليين ومستقلين وسُنة وشيعة، والحصول على تأييدهم لمواجهة التصعيد المتوقع.
بدوره، توقع الكاتب الكويتي، عايد المناع، أن يكون البرلمان الحالي أقل حدة من السابق، وأن تكون هناك محاولة للتهدئة مع السلطة التنفيذية. لكنه لم يستبعد أن يواجه رئيس الوزراء الحالي، متاعب من عدد محدود من النواب، الذين رأوا انحيازه وعدم حضوره المجلس، الذي أعادته المحكمة الدستورية، مجلس 2020. وأضاف المناع في مقابلة له، إن هؤلاء النواب، قد يطرحون مواضيع الاستجواب وإلى آخره "لكن الأغلبية -باعتقادي- قد لا تكون معهم، لذلك أتوقع فترة أقل حدة وأقل توترًا في المستقبل، وخاصة إذا جاءت حكومة قرأت جيدًا نتائج الانتخابات".
وشدد على ضرورة أن تتناسب الحكومة الجديدة مع نتائج الانتخابات، وأن يكون لديها برنامج واضح للنهوض بالبلد، وتحقيق تطور وتنمية في شتى المجالات، التعليم والصحة والسكن، وأيضًا تنويع مصادر الدخل، ومحاربة التطرف والإرهاب وإلى آخره، اجتثاث الفساد، خلال مراحل سابقة كانت هناك ملاحقات له، نتمنى أن تتواصل. لذلك أتوقع أن الأمور تكون أهدأ نسبيًا، ولكن في النهاية هناك تطورات قد تحدث، يعني لا نعلم ما الذي سيحدث، إنما توقعاتنا أن الأمور ستكون أهدأ من السابق.
تغيير طفيف
من جانبه، يقول أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف لوكالة فرانس برس: "على الحكومة أن تتعامل مع برلمان أكثر شراسةً من نسخة 2022 التي كانت أصلًا شرسةً". وأضاف: "لذلك يُتوقع أن تكون هناك مطبّات على الطريق". إلى ذلك، قال الخبير الدستوري محمد الفيلي، إن البرلمان الحالي لم يكن به تغيير كبير حيث إن جزءًا كبيرًا من وجوه المشهد السابق تتكرر، معربًا عن خشيته أن يعاد العرض من حيث وقف في السابق، ويعود صراع الأقطاب في البرلمان. وأضاف الفيلي إنه "من السابق لأوانه معرفة توجه هذا المجلس وعلاقته بالحكومة، والأهم من سيكون الرئيس، فهناك من أعلن أنه سيدعم أحمد السعدون للرئاسة، وهناك من سيدعم مرزوق الغانم، وفي النهاية نحن أمام سياسيين يلعبون وفق منظور لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، لكن المصالح هي الأهم"، حسب صحيفة العرب.
وتعيش الكويت -منذ سنوات- صراعًا مستمرًا بين الحكومة والبرلمان، عطّل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي، لاسيما إقرار قانون الدين العام، حيث تعتمد الميزانية العامة على الإيرادات النفطية بنحو 90 في المئة. وبعد أزمة طاحنة بين الحكومة السابقة، التي كان يقودها الشيخ صباح الخالد والمعارضة، حلَّ ولي العهد، الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير العام الماضي، برلمان 2020 ودعا لانتخابات جديدة، جرت في سبتمبر وفازت فيها أغلبية من النواب المعارضين. وقضت المحكمة الدستورية -مارس الماضي- ببطلان انتخابات 2022 وإعادة برلمان 2020، الذي لم يكن على وفاق مع الحكومة، التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح ابن أمير البلاد.
وفي أول مايو حُل برلمان 2020، مرة ثانية بمرسوم أميري، وعاد إلى الشعب لاختيار ممثليه من جديد. وقال صندوق النقد الدولي الاثنين الماضي إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت في التعافي من ضغوط الجائحة على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد قريبًا، أمر بالغ الأهمية. وخشية حصول امتناع كبير عن المشاركة في الاقتراع، نشرت السلطات لافتات كبيرة في شوارع العاصمة لدعوة المواطنين للتصويت بكثافة في ثاني انتخابات خلال عامين.