الوقت- ذكرت منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" أن تعذيب السجناء السياسيين في البحرين يضر بعلاقاتهم مع مجتمعهم بعد الإفراج عنهم.
وأكدت هذه المنظمة الحقوقية أن: السجناء السياسيين وسجناء الرأي في البحرين يعانون من آثار نفسية واجتماعية واسعة النطاق بسبب التعذيب الذي يتعرضون له، أثناء الاحتجاز والاستجواب وأثناء السجن.
نشرت هذه المنظمة تقريرا بعنوان "جراح خفية لضحايا التعذيب بعد سنوات من سوء المعاملة في السجن". يتضمن التقرير شهادات من ضحايا التعذيب أنفسهم حول الآثار النفسية والاجتماعية طويلة المدى للتعذيب على حياتهم.
جاء في هذا التقرير: عندما تعتقل السلطات البحرينية شخصاً بسبب نشاطات سياسية واجتماعية، تكون عملية الاعتقال والاستجواب والاحتجاز عنيفة، بما في ذلك تدمير ومصادرة ممتلكات عائلة السجين، وتعريض أسرته للتهديد والمضايقة والإهانات.
وأكدت منظمة "أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين": مختلف مظاهر التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون ومعتقلو الرأي في البحرين أثناء الاستجواب والسجن، وما له من تأثيرات نفسية طويلة المدى، تشمل صعوبة في التركيز، وكوابيس، والأرق، وفقدان الذاكرة، والتعب المزمن، والقلق، وما إلى ذلك.
بناءً على إفادات 4 من ضحايا التعذيب، أعلنت هذه المنظمة الحقوقية أن السلطات البحرينية حرمت السجناء من الرعاية الصحية النفسية بعد حرمانهم من الخدمات الصحية.
وحسب هذا التقرير فإن ضحايا التعذيب في سجون آل خليفة يتعرضون لمشاكل اجتماعية في حياتهم الشخصية، منها الحياة الزوجية والعائلية والعمل، بعد خروجهم من السجن، إضافة إلى الآثار النفسية. كما يخشى أطفالهم إعادة اعتقال والديهم كما يعاني هؤلاء السجناء من عدم الثقة بأي شخص ويميلون إلى العزلة، كما أن بعضهم تركوا وظائفهم بسبب القلق والتوتر.
يبحث هذا التقرير في إفادات 6 من ضحايا التعذيب تحدثوا عن الآثار الاجتماعية للتعذيب خلال فترة سجنهم، بما في ذلك صعوبة استئناف حياتهم المهنية، والمشاكل المالية الناجمة عن ذلك، والشعور بالخزي على أسرهم.
قدمت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين التوصيات بعد التشاور مع معالج يعمل مع ضحايا التعذيب البحرينيين.
تدعو هذه التوصيات إلى إجراء تحقيقات نزيهة في مزاعم التعذيب من أجل محاسبة الجناة، ووضع برنامج لتحديد ضحايا التعذيب، والتدخل بمجرد إثارة مزاعم التعذيب، وتقديم تعويضات تشمل العلاج الجسدي والنفسي، وكذلك برامج الدعم النفسي لأهالي الضحايا بهدف تدريبهم وتمكينهم.
تعذب السلطات البحرينية السجناء السياسيين في سجون آل خليفة بأبشع الطرق الممكنة جسديا ونفسيا لدرجة حرمانهم من الخدمات الطبية والتعليم.
على مدى العقد الماضي، تم نشر العديد من التقارير حول الوضع المؤسف لسجون آل خليفة وقد أدى ذلك إلى مطالبة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتحسين أوضاع السجون ووقف التعذيب وسوء معاملة السجناء السياسيين.
تعرّض السلطات البحرينية السجناء السياسيين لجميع أنواع التعذيب، حيث تم إخفاء 14 سجينًا قسريًا في 10 أغسطس 2022، وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها أسرهم للكشف عن مصيرهم، لا تتوافر معلومات عنهم حتى الآن، كما أن العديد من السجناء السياسيين البحرينيين حرموا من الحق في إكمال تعليمهم، كما يشتكي سجناء "جو" من الطعام غير الملائم في السجن.
طبعا جزء صغير جدا من السجناء الموجودين في المعتقلات والسجون في البحرين هم من لديهم برنامج سياسي مشروع ويريدون تنفيذ بعض التغييرات في النظام البحريني، وهي تغييرات وعدت السلطات البحرينية بفعلها في الماضي ولكن لم تفِ بتلك الوعود.
وبعض هؤلاء السجناء مسجونون دون محاكمة ويواجهون التعذيب الجسدي والنفسي داخل السجن كما قضى البعض الآخر مدة عقوبتهم؛ لكن قرار الإفراج عنهم لم يتخذ بعد. كذلك تم طرد أولئك الذين تم إطلاق سراحهم من وظائفهم وأُجبر البعض الآخر على قضاء إقامة إلزامية في مكان ما بعد إطلاق سراحهم من السجن، وهم تحت المراقبة وحتى مُنعوا من مغادرة البلاد.
كما تسببت الظروف غير الملائمة للسجون البحرينية بسبب انتشار المرض بين المعتقلين وعدم توفير الرعاية الطبية الكافية لهم ومشكلة الاكتظاظ في وفاة عدد منهم. اعتبارًا من نوفمبر / تشرين الثاني 2015، تم تسجيل حوالي 2500 نزيل في سجن جو، الذي كان فيه طبيبان فقط، واحد لكل نوبة.
القمع الطائفي في سجون آل خليفة
أصبح التغني و التفاخر بشعارات الحريات الدينية في البحرين كذبة مكشوفة للملأ و تدليسا لا مثيل له فالتضييق على شيعة البلاد و منعهم من إحياء شعائر خلال موسم عاشوراء و تمزيق يافطات عاشوراء و التهديد و الوعيد لخطباء المنابر الحسينية ما هو إلا تكريس للهيمنة و التسلط و المعاناة التي تعيشها الطائفة الشيعية في البحرين. و مساعي النظام الخليفي البحريني لطمس معالم ذكرى عاشوراء و تقييد إحياء مراسمها يظهر جلياً في سجن جو المركزي حيث كشف معتقلون سياسيون في السجن عن قيام إدارة السجن بمنعهم بشكل رسمي من القيام بأي مراسم عاشورائية بحجة وجود مخالفات.
مع حلول شهر محرم الحرام، منعت السلطات البحرينية، إقامة مراسم الإحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، حيث اقتحمت قوات الأمن تجمع المعزّين المشاركين في مجالس العزاء والمواكب الحسينية و أقدمت على إزالة اللافتات الحسينية من بلدات بحرانية عدة من بينها المصلى والسهلة الجنوبية والبلاد القديم، وذلك في إطار استمرار سياسة منع المسلمين الشيعة من إحياء ذكرى عاشوراء وإجراءات استفزازية تثير الضمير الديني ومحاربة للمظاهر الحسينية.
وقال معتقل الرأي حسين هلال أحمد في اتصال هاتفي: “إن السلطات على الرغم من ادعائها حماية الحريات الدينية، لكنها أبلغتنا في مبنى 7 (مبنى 15 سابقًا) بعدم السماح لنا بإقامة شعائرنا الدينية”.
موضحاً أن “المنع جاء على لسان عدد من الضباط أبرزهم “الرويعي” و”أحمد العمادي”، وجاء المنع بسبب ما أسموه وجود بعض المخالفات”.
وأشار المعتقل إلى أن “هذا المنع لم يكن الأول وأن الأمر حدث في الأشهر الماضية، فقام نزلاء مبنى 7 بتنظيم اعتصام سلمي داخل السجن رفضوا بموجبه الدخول إلى الغرف، فما كان من شرطة السجن إلا تهديدهم باستخدام القوة في حال عدم فض الاعتصام، وبعد فض الاعتصام تمت معاقبة نزلاء المبنى بإخراجهم للباحة الخارجية لمدة 20 دقيقة فقط لكل غرفة وحدها، وفي حال مكوث نزلاء الغرفة أكثر من المدة المسموحة تتم معاقبة العنبر بأكمله ويمنع من الخروج للباحة الخارجية”.
الإهمال الطبي في السجون البحرينية
تتزامن سياسة الإهمال الطبي في السجون البحرينية مع اتخاذ إدارة سجن "جوّ" إجراءات تعسفية بحق بعض معتقلي الرأي، شملت تقليص وقت الخروج إلى الساحة الخارجية ومنع التقاء وتجمع المعتقلين فيها، إضافة إلى مصادرة ملابسهم وحاجياتهم الخاصة، وقطع التواصل مع ذويهم.
و قد خرجت العديد من الشكاوى من سجن جو في البحرين توثّق سوء الرعاية الطبية. وخصوصاً في ظل فشل إدارة السجن بشكل روتيني في توفير الرعاية الطبية المناسبة للسجناء سواء عن طريق الإهمال أو بشكل متعمد. حيث إن عيادة السجن تفتقر إلى الطاقة التشغيلية الملائمة لعدد السجناء وإلى الأطباء المختصّين. و تعتمد الرعاية الصحية هناك على المسكنات لا أكثر، في ظل الإهانات المتعددة التي يطلقها أطباء السجن بحق معتقلي الرأي والسجناء على خلفية الازمة السياسية منذ عام 2011.
ووصفت منظمة سلام معاقبة إدارة السجن للمعتقلين السياسيين عبر حرمانهم من الرعاية الطبية والبيئة الصحية الجيدة والطعام المناسب للمرضى منهم بالأمر المروع.
ونبهت إلى أن إدارة السجن ترفض في أغلب الأحيان نقل السجناء السياسيين المرضى إلى المستشفيات المتخصصة، كما لا يتم تسليم السجين ملفه الصحي للاطلاع عليه.
ويتم الامتناع عن إبلاغ العوائل في الوقت المناسب في حال إصابة أي معتقل بمرض خطير، وكذلك للقاضي تنفيذ العقاب وفقا للسرية المهنية بهدف تنفيذ تدابير الحماية اللازمة لضمان الرعاية الصحية الكاملة.
من جانبها تحدّثت الناشطة البحرينية "ابتسام الصايغ" حول الإهمال الطبي في السجون البحرينية: "لا يمكننا حصر العدد الدقيق لحالات الإهمال الطبي بسبب تعرض الضحايا وذويهم وكل من يسهم في الإبلاغ عنهم للضرر. هناك معلومات متضاربة حول عدد المصابين بمرض السل مثلًا، أما مرضى الجرب وغيره من الأمراض الموسمية فلا يتلقون أي رعاية طبية ولا يحصلون على الدواء المناسب. القلق اليوم حقيقي وجاد على صحة وحياة جميع المعتقلين. لا نريد أن يخرج هؤلاء المعتقلون من السجون نعوشًا أو شبه نعوش".
وقالت إنّ العمل الحقوقي داخل البحرين ينطوي على مخاطر كبيرة، إذ قالت: "أتعرض وفريقي العامل في البحرين لمضايقات لا تتوقف على خلفية عملنا، ما يشعرنا بعدم الأمان واحتمالية الاستهداف".
تبقى الإشارة في الختام، إلى أنَّ السجناء السياسيين في سجون آل خليفة ينتمون إلى الطائفة الشيعية، وهو ما يكشف أزمة "ثقة" بين النظام وهؤلاء المواطنين الذين يشكلون حوالى 60% من السكان، رغم تأثيرات "التجنيس السياسي" الذي يستهدف التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية للبلاد. من هنا، ينبغي تفهّم مطالب أفراد هذا المكوّن الاجتماعي الواسع في البحرين، والنظر في المظالم التي يعانونها، والتي تتلخّص في الأساس في التجهيل السياسي وانعدام العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.