الوقت - إحدى التحديات الجديدة التي خلقت مشاكل ومخاوف خطيرة للعديد من جيوش العالم، تتمثل في كيفية الدفاع ضد هجمات الطائرات دون طيار.
في السنوات الأخيرة، وقعت عدة هجمات مهمة وفعالة باستخدام طائرات دون طيار في منطقة غرب آسيا، وفي كثير من الحالات، على الرغم من أنظمة الدفاع المتقدمة، والتي كُتبت ملامحها في العديد من المقالات والتقارير، كان المهاجمون هم الذين هزموا المدافعين المدججين بالسلاح.
على الرغم من أنه في المعركة بين أوكرانيا وروسيا، يمكن رؤية حالات مختلفة من فعالية أنظمة الدفاع، لكن لا يزال عدوان الجيش السعودي في اليمن، من نواح كثيرة، هو أكبر ميدان عمل ضد أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الغربية المعروفة والطموحة ضد الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات دون طيار.
بعد فترة دفاعية، أظهرت الهجمات الأخيرة للمقاومة اليمنية في عمق الأراضي السعودية، بما في ذلك الهجوم الشهير عام 2019 على منشآت شركة أرامكو النفطية، مدى ضعف الدفاع الجوي السعودي في مواجهة الهجمات، على الرغم من الاستثمار الكبير من قبل السعوديين والدعم المباشر من الولايات المتحدة.
فيما يتعلق بالدفاع الجوي الفعال ضد تهديد الطائرات دون طيار، لا يزال الخبراء والمحللون يشيرون إلى الجيش السعودي كمثال مهم. ليس فقط في حالة هجوم الطائرات دون طيار اليمنية وصواريخ كروز على مصافي أرامكو، ولكن أيضًا في حالات أخرى من الهجمات على المطارات والقواعد العسكرية وخطوط نقل الطاقة، كانت أنظمة الرادار والدفاع السعودية، بما في ذلك صواريخ باتريوت الأمريكية الصنع، في صمت تام، ولم ينتبه السعوديون إلا عندما أبلغهم صوت الانفجار بوقوع هجوم.
الحل السعودي المؤقت لتعويض مشاكل باتريوت
حتى مع وجود طائرات أواكس، أظهرت النتائج أن صواريخ باتريوت لم تتمكن من فعل أي شيء، وفي النهاية اضطرت السعودية لإنشاء دوريات جوية مكثفة بطائرات مقاتلة من طراز F-15، وتمكنت من تحقيق بعض النجاحات ضد الطائرات دون طيار اليمنية.
بالطبع، في وقت الهجوم على أرامكو والذي تسبب في الكثير من المشاكل في قدرة السعودية على تكرير النفط وتصديره، كانت طائرات الأواكس والمقاتلات الحديثة تطل على سماء السعودية واليمن بأكملها، ما يثير التساؤل بشأن فاعلية هذه الأجهزة، ويدل على أن جزءاً كبيراً من الإعلانات السابقة عنها غير حقيقية.
مع وصول الطائرات دون طيار وصواريخ كروز، أصبح من الواضح أن منظومة باتريوت لن تكون قادرةً على فعل أي شيء في هذا المجال.
بسبب الضعف الكبير للدفاع الأرضي قصير المدى للسعوديين، فإن مهمة اعتراض الطائرات اليمنية دون طيار وصواريخ كروز والتصدي لها، قد أوکلت للمقاتلات السعودية، لكن هذا التكتيك جلب أيضًا الكثير من التكاليف.
إن مسألة زيادة ساعات الطيران في السنوات الأخيرة من أجل الحفاظ على مظلة واقية ضد الطائرات دون طيار وصواريخ كروز، والوصول بشكل أسرع إلى فترة الإصلاحات الدورية، إضافة إلى تكاليف الطيران لطائرات الدعم مثل نظام الإنذار المبكر والتحكم والتزويد بالوقود، وخاصةً أن أمريكا قطعت أيضًا رحلات الدعم في هذا القطاع، فرضت الكثير من التكلفة والضغوط على الأسطول السعودي، وهناك حديث عن مئات الملايين من الدولارات لرحلات هذه الطائرات المأهولة في السنوات الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن صواريخ باتريوت السعودية في بداية الحرب كانت من طراز باك 2، والذي تمت ترقيته لاحقًا إلى طراز باك 2 – GEM، وأخيرًا تمت إضافة نموذج باك 3 أيضًا.
تتمتع سلسلة باك 2 بقدرة متعددة الأغراض ضد الأهداف الجوية، مثل الطائرات والمروحيات والطائرات دون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، ويركز الطراز 3 بشكل أكثر تحديدًا على الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية. ووفقًا للأرقام والإحصاءات المؤدية إلى العام الماضي، تمتلك السعودية أكثر من ألفي صاروخ من نوع باك 2، و ألف صاروخ من نوع باك 3.
في غضون ذلك، وفقًا للأنباء التي نُشرت هذا الصيف، ستشتري الحكومة السعودية 300 صاروخ باتريوت من نوع باك 2 GEM-T في عقد تبلغ قيمته حوالي 30 مليار دولار، وإلى جانب هذه الصواريخ، هناك أيضًا الدعم الفني وقطع الغيار اللازمة.
بشكل عام، هذا العدد من الصواريخ والمبلغ الذي دفعه السعوديون، هو 10 ملايين دولار لكل صاروخ. هذا في حين أنه أثناء محادثات صيف 2019، أعلن المشرعون الأمريكيون أن كل طلقة باتريوت ستكلف حوالي 5 ملايين دولار، ومن الأفضل لجيش هذا البلد أن يبحث عن صواريخ أرخص وأكثر جاذبيةً للعملاء الأجانب الذين يستخدمون نظام باتريوت.
أن يتم بيع الصاروخ الذي وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه غالي الثمن، وتبلغ سعر الطلقة منه حوالي 5 ملايين دولار وتسبب في خسارة العملاء، إلى السعودية مقابل ضعف السعر تقريبًا، يجب تفسيره بما يتماشى مع مسألة حلب الأبقار الحلوب في المنطقة.
اعتراف أمريكا بنقاط ضعف باتريوت غير المعلنة
لكن بعد أن استسلمت الأسلحة التي صنعتها وصدرتها أمريكا لتهديد الطائرات دون طيار على مدى السنوات القليلة الماضية مرارًا وتكرارًا، أفادت وسائل الإعلام الأمريكية في السنوات التي أعقبت هجوم أرامكو، عن خطط لإصلاح الثغرات والمشاكل في نظام باتريوت.
حسب هذه التفاصيل، تقوم شركة رايثون الأمريكية بصفتها المُصنِّع الرئيسي لنظام باتريوت، ببناء رادار جديد لهذا النظام الشهير ولكن بأداء ضعيف في السنوات الأخيرة، والمهم في هذا الرادار الجديد أن تغطيته 360 درجة، على عكس رادار باتريوت السابق، الذي غطى 120 درجة فقط، أي ثلث المساحة المطلوبة في السماء.
هذا الخبر الذي نشر أول أمثلة عنه في وسائل الإعلام الأمريكية منذ منتصف آذار(مارس) الماضي، يدل على أنه إضافة إلى الضعف الجسيم والواضح لهذا النظام لتغطية وإنشاء مظلة دفاع جوي للسعودية، وبطبيعة الحال زبائن باتريوت الآخرين، فإن أمريكا تكمل اختبار منتجاتها في مجالات حقيقية وبعيدة عن أراضيها وقواتها، من خلال تدمير اقتصاد مشتري هذه الأسلحة.
وفقًا للتفاصيل المنشورة في السنوات الماضية، فإن اسم نظام الرادار الجديد هو Lower-Tier Air & Missile Defense Sensor أو LTAMDS باختصار، ووفقًا لتقديرات خبراء الشركة المصنعة، فإن تسليمه سيطول حتى عام 2022. لكن في الأيام الأخيرة، تم نشر تفاصيل جديدة عن برنامج الجيش الأمريكي هذا، والتي تكشف عن زوايا جديدة.
هناك عوامل جديدة في الطريق لإصلاح مشكلة باتريوت
حسب معلومات جديدة من بعض المجلات المتخصصة، فإن سعر نظام رادار باتريوت الجديد المسمى LTAMDS، والذي تمّ فيه، حسب الشركة المصنعة، تصحيح المشاكل المتعلقة بالعمى في بعض الزوايا، هو أكثر من 100 مليون دولار لكل نظام، وتقرر تسليم 17 من هذه الأنظمة للقوات البرية الأمريكية.
ويعدّ تصميم وبناء هذا النظام أحد الأولويات الرئيسية الخمسة والثلاثين لتحديث الجيش الأمريكي، حيث يبقی نظام الدفاع باتريوت جاهزًا للعمل وبيعه.
والملفت هنا أنه بخلاف صاروخ نظام باتريوت الذي يشتريه الجيش السعودي بضعف السعر الحقيقي، فإن الأسعار مختلفة تمامًا في مشتريات أخرى، ومع إضافة عناوين شبيهة بحق التوحش، يتم بيعها للسعودية.
على سبيل المثال، بلغ سعر كل صاروخ "اسلم إيه آر" عام 2013 نحو 500 ألف دولار حسب إعلان البحرية الأمريكية، والصاروخ الذي يفترض أن تكون قيمته مليون دولار في أسوأ الأحوال وربما بصافي الربح، يباع للسعوديين بسعر يقارب 3 ملايين دولار.
لذلك، يمكن الافتراض من الآن فصاعدًا أنه إذا وافقت أمريكا على بيع الجيل الجديد من رادارات نظام الباتريوت للسعودية أو دول عربية أخرى، إضافة إلى أن الرقم الأساسي البالغ 100 مليون دولار لكل رادار سيکون له زيادة كبيرة، فإن الدول التي تمتلك هذا الدفاع الصاروخي الشهير لا يمكنها الشكوى من الولايات المتحدة، والقول إنه لماذا على الرغم من ارتفاع التكاليف والإعلانات، فإن صواريخ باتريوت المباعة لم تكن قادرةً على توفير الأمن الجوي لها، ومن خلال إطلاق صواريخ بملايين الدولارات، فإن النتيجة الوحيدة کانت إفراغ فقط خزانة السعودية وترسانتها فحسب.
والآن، أصبح من الممكن بشکل أفضل فهم تأکيدات المرشد الأعلی للثورة في إيران للحكومة والمسؤولين العسكريين، والذي تحدث باستمرار عن ضرورة التحرك نحو زيادة القدرة المحلية في تصميم وإنتاج الأسلحة، إلى جانب التعاون المتوازن مع البلدان الأخرى في هذا المجال.
بالتأكيد، كما حدث في الماضي، في المستقبل أيضًا سيواجه مشترو الأسلحة، وخاصةً أنظمة الدفاع، من أمريكا الكارثة التي حدثت للسعودية، ولكن ليس من الواضح هل يمکن تعويض الخسائر التي تلحقها هذه الضربات بالاقتصاد والجيش والسياسيين أم لا.
وهکذا، وبعد دراسة عدد قليل من عقود الدول العربية مع أمريكا، من الممكن أن نفهم بشكل أفضل وأعمق تصريحات المرشد الإيراني الأعلی في تموز 2018 في حفل التخرج السنوي لطلبة جامعة الإمام الحسين(عليه السلام) العسکرية، حين خاطب الذين يتحدثون عن جواز الاستسلام لأمريکا، وقال: إن "تكلفة الاستسلام أعلى بكثير من تكلفة المقاومة والصمود، ومزايا ومكاسب الصمود أكبر بمئات المرات من تكاليف الاستسلام، والاستسلام لعدو عنيد لن يؤدي إلا إلى الخضوع وفقدان الهوية".
وفي الختام، تجب أيضًا الإشارة إلی أنه مع تشغيل الجيل الجديد من صواريخ الحرس الثوري الإيراني بسرعة تفوق سرعة الصوت، لا يوجد من الناحية العملية نظام دفاعي، حتى باتريوت وثاد المجهزين بالرادارات من الجيل الجديد، قادران على اعتراض هذه الصواريخ وتدميرها.
کما أنه لن يكون لمثل هذا التخطيط والإجراءات أي فوائد عملية وملموسة لأعداء إيران، كما هو الحال في السنوات الأخيرة، حيث إنه في ظل صمت إعلامي تام، تم تدمير نظام الدفاع في السعودية تمامًا من خلال الضرب الدقيق لطائرات دون طيار اليمنية البسيطة والرخيصة.