الوقت- دخلت السياسية في العراق مرحلة جديدة مع تحرك الصدر لإخراج أنصاره إلى الشوارع والإعلان عن معارضته للسوداني، الشخصية التي رشحها الإطار التنسيقي الشيعي لمنصب رئاسة الوزراء، حيث أدى موضوع حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة الآن إلى انقسام المعارضة وأنصارها، وجّه مقتدى الصدر في خطابه يوم الأربعاء 3 آب رسالة واضحة حول الحلول التي يراها مناسبة، بما في ذلك إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان الحالي وإجراء إصلاحات جذرية، في حين قال إنه لا فائدة من التحدث مع خصومه.
منذ انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2021، يعاني العراق من شلل سياسي كامل بسبب عدم قدرته على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، أسفرت الانتخابات المبكرة عن برلمان لا يتمتع فيه أي حزب بأغلبية مطلقة، حيث حصل التيار الصدري على 73 مقعدًا من أصل 329 مقعدًا، منذ عام 2003، جرت العادة في العراق أن تتفق الأحزاب المهيمنة في المشهد السياسي على اسم رئيس الوزراء، لكن هذه المرة، لم تتمكن الأحزاب السياسية من الوصول إلى هذا الهدف بعد عدة أشهر من المفاوضات، وبينما أراد "التيار الصدري" تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" بالتحالف مع السنة والأكراد، أرادت القوى الموجودة في إطار التنسيق وحلفاؤها الحفاظ على صيغة التوافق والحكومة الائتلافية. وبكونه غير قادر على تحقيق الأغلبية في الحكومة التي يريدها، بدأ الصدر يضغط على منافسيه، وبعد استقالة نوابه، بدأ الآن بالضغط لحل البرلمان.
شروط حل مجلس النواب في الدستور العراقي
إضافة إلى معارضة قسم من التيارات السياسية والهيئة الاجتماعية من أنصارها، يواجه طلب حل مجلس النواب عقبات قانونية تجعل العمل صعبًا. وفقا للمادة 64 من الدستور العراقي، يمكن حل البرلمان بإحدى الطريقتين التاليتين. أولاً: بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء وموافقة أغلبية نواب مجلس النواب. والطريقة الثانية هي تقديم طلب من قبل ثلث نواب مجلس النواب والموافقة عليه بأغلبية النواب.
ومع ذلك، في كلتا الحالتين، فإن موافقة البرلمان مطلوبة. مع العلم أن النواب لا يستطيعون مناقشة مثل هذه الخطة بسبب الاعتصامات. يتطلب إجراء الانتخابات أيضًا تشريعات جديدة، حيث عندما رفضت المحكمة الفيدرالية شكوى إطار التنسيق بشأن نتائج عد الأصوات وأيدت نتائج الانتخابات السابقة باعتبارها قانونية، فقد تطلبت من البرلمان تمرير تشريع جديد بشأن العد والفرز اليدوي للانتخابات المستقبلية.
لذلك، حتى لو وافق الجميع على حل مجلس النواب والانتخابات، فيجب تشكيل حكومة انتقالية قبل ذلك لمدة عام لتغيير القانون والمفوضية الانتخابية، وخاصة أن العراق يحتاج إلى إقرار الموازنة العامة وتخصيص 400 مليار دينار على الأقل لإجراء الانتخابات.
وفي هذا الصدد، صرح المتحدث باسم المفوضية المستقلة للانتخابات، جمعة الغلاي، يوم الأحد، في معرض نفيه موعد إجراء انتخابات مبكرة، أن "ميزانية الانتخابات عادة لها ميزانية خاصة قد تكون مع الميزانية الاتحادية أو تخصص بشكل منفصل، وهذا يتطلب قانونا ". وقد جعل هذا الأمر صعبًا على الصدر لأن حتى إطار التنسيق، باعتباره أكبر فصيل برلماني، جعل موافقته على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة مشروطة بإجراء عمليات قانونية وجاء في بيان الإطار التنسيقي أن التحالف "يدعم أي وسيلة قانونية لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب، بما في ذلك إجراء انتخابات مبكرة بعد التوصل إلى توافق وطني حولها وخلق بيئة آمنة لتنفيذها" واحترام المؤسسات الدستورية وعدم عرقلة عملها ".
انتخابات مبكرة واحتمال حدوث مأزق سياسي
من ناحية أخرى، أدى الإصرار على إعادة إجراء الانتخابات إلى طرح سؤال بلا إجابة حول حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، ما هو الضمان لعدم الوقوع في جولة أخرى من التخبط السياسي، سواء من ناحية النتائج السياسية؟ أو من حيث قبول التيارات السياسية لها؟ أليس كذلك؟
في الواقع، يجب أن يتم الاتفاق على إجراء الانتخابات من خلال الحوار والاتفاقات السابقة وضمان قبول العملية السياسية من قبل جميع الأطراف. شروط تشكيل الحكومة موجودة إذا لم يكن هناك تجاوز للتيارات السياسية وقبول واقع المشهد السياسي العراقي، ومن ناحية أخرى، على افتراض استمرار الإصرار على السيطرة على مجلس الوزراء في المستقبل، فلا يوجد احتمال لإمكانية إنهاء المأزق السياسي.
تمر عملية تشكيل الحكومة في العراق على أساس الدستور من خلال الاتفاق العام بين المكونات الثلاث، العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد، فضلاً عن الاتفاقات بين الفصائل بين كل من هذه المكونات. ولا يُتوقع على الإطلاق أن يكون التيار الصدري قادرًا على إظهار أداء أقوى من الجولة السابقة للانتخابات، وسيؤدي الاتجاه نحو الاحتكار مرة أخرى إلى تقارب الحركات السياسية الأخرى في مجلس النواب الشيعي لخلق التوازن.
بالتأكيد إعادة التأكيد على الإصلاحات الأساسية من قبل الصدر أو حتى التلميح إلى التحرك نحو تغيير النظام إلى الرئاسة، بعد تشجيع أنصاره على حضور المنطقة الخضراء والجلوس في البرلمان، بهدف إحياء العلاقة مع حركة تظاهرات تشرين 2019، وهي حركة احتجاجية تدعى "قوى تشرين"، التي استطاع الصدر في الانتخابات الماضية أن يفوز في الانتخابات من خلال جذب أصوات جزء من هؤلاء المتظاهرين، لكن ما يُعقَد إمكانية إحياء هذه العلاقة هو حديث نشطاء هذه الحركة عن الدور الذي لعبه التيار الصدري ضد مشاهد الاحتجاج في أكثر من مناسبة، إضافة إلى تقلباته المستمرة في السنوات الماضية، ويرى مراقبون أنه من غير الممكن الحصول على موقف موحد من قوى تشرين أو باقي القوى المدنية المرتبطة بحركة احتجاج 2019، وخاصة أن هذه القوى ليست جبهة واحدة تتمتع بتوحيد الرأي في صناعة القرار السياسي.
من ناحية أخرى، أظهرت الحركات الحالية في الإطار التنسيقي أن لديها قاعدة شعبية مستقرة وقوية، وأن الخطاب السياسي الوطني والمسؤول للإطار التنسيقي الموجه نحو التفاوض، يضمن استمرار الحفاظ على ثقله البرلماني بل تعزيزه في الانتخابات المقبلة. لذلك، وبشكل عام، لا يمكن حل البرلمان بهذه السهولة وإجراء انتخابات مبكرة فقط لإرضاء الصدر، ولكن أيضًا احتمالات إجراء انتخابات مستقبلية لن ترضي مطالب أنصار حل البرلمان وسيزيد فقط من تعقيد الوضع.