الوقت - يواجه العراق على اثر نتائج انتخابات العاشر من اكتوبر والدورة الاولى لمجلس النواب التي عقدت في التاسع من كانون الثاني (يناير) الماضي، أزمة وانقساما سياسيين، لا سيما بين الفصائل الشيعية والحزبين الكرديين الرئيسيين، بشأن تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس الجهورية، والوضع معقد لدرجة أنه يمكن وصفه بأنه مأزق سياسي.
لكن في هذا السياق، فإن أزمة الاتفاق بين القادة والأحزاب السياسية الرئيسية على شكل وطبيعة الحكومة المقبلة محسوسة بالكامل. حيث حظيت التيارات الحاضرة في هيئة "الإطار التنسيقي" للبيت الشيعي بأقل الخلافات وأكثر استقراراً سياسياً في عملية تشكيل الحكومة.
وفي أحدث تحرك لها، قررت الهيئة تشكيل ائتلاف جديد. حيث أعلن "حامد الموسوي"، ممثل ائتلاف فتح البرلماني بزعامة هادي العامري، السبت 19 فبراير، أن الكتل الحاضرة ضمن الخطة التنسيقية تعتزم تشكيل ائتلاف جديد يسمى "الثبات الوطني "وسيضم 88 نائبا.
الخطوة الأولى هي التجزئة
تحرك الأحزاب السياسية الشيعية لتحويل برنامج تعاونها من هيئة منسقة مسؤولة عن الإدارة السلسة للانتخابات (لكنها تتنافس في الساحة الانتخابية) إلى ائتلاف شامل يضم تحالفات أكثر قوة وشخصيات شيعية بارزة. وهذا يمثل أولاً بداية حقبة جديدة من الوحدة الشيعية، ليس كفصيل برلماني فقط لغرض تشكيل الحكومة، ولكن كتحالف سياسي وبرلماني، بمقاعد عديدة وجمهور كبير، وسيكون في الواقع الفصيل السياسي الرئيسي. في الواقع، حتى الآن، كان الإطار التنسيقي يعتبر مجرد مكان تجمع لقادة الائتلافات الرئيسية في البيت الشيعي، مثل ائتلاف فتح، وائتلاف النصر، وائتلاف دولة القانون، والائتلاف الوطني، إلخ. بل ومن الممكن فصل هذه الائتلافات والمشاركة في فصائل برلمانية مختلفة.
لكن مع الإعلان عن تشكيل ائتلاف جامع، تُظهر المجموعات الشيعية صورة تحالف انتخابي واسع وكامل لا يمكن تقسيمه إلى عدة أجزاء في عملية التفاوض الوزاري، الشروط الأساسية للانضمام إلى هذا الفصيل رفضها الصدريون.
ثانيًا، إن تشكيل الائتلاف يمهد الطريق أمام مجموعات وممثلين آخرين منتخبين في البرلمان للانضمام إلى هذا الكيان السياسي الجديد، لأن الإعلان عن التحالف كما ذكرنا يعني استقرار التحالف في المستقبل وعدم انفصاله. وقال تركي العتابي، زعيم لجنة التنسيق الشيعية، يوم السبت، "هناك ممثلون مستقلون سينضمون قريباً إلى إطار التنسيق، وبالتالي زيادة عدد الأعضاء في البرلمان". استمرار هذا الاتجاه في الأيام المقبلة سيهيئ بطبيعة الحال الظروف لتحالف الثبات الوطني للتحرك نحو تشكيل فصيل برلماني.
تحييد المؤامرة الكبرى
لكن ربما يكون هناك بُعد مهم وهدف آخر للمجموعات الموجودة في إطار التنسيق لتشكيل تحالف يسمى " الثبات الوطني" يمكن أن يكون مرتبطًا بتحييد الأعمال الإرهابية المشتبه بها والمؤامرات التي نُفِّذت بشكل متكرر ضد شخصيات سياسية متنافسة في الأشهر والأسابيع الأخيرة، والتي تسعى لزعزعة الوضع، وبث الفتنة في البيت الشيعي، وتشويه سمعة مجموعات المقاومة في نظر الرأي العام. في الواقع، اختيار اسم الثبات الوطني للتحالف الجديد ليس اختيارًا عشوائيًا لا علاقة له بالوضع الحالي في العراق.
ويشير هذا العنوان إلى معارضة كل فئات التحالف للأعمال الإرهابية المزعزعة للاستقرار والمناهضة لأمن وسلم الشعب والعملية السياسية. يشار الى انه بعد اعلان الهجوم على مقر حزب التقدم برئاسة محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي السابق، أدان مقتدى الصدر هذه الخطوة بشدة، حيث غرد: "مرة أخرى، نسمع أصوات الحيوانات البرية التي لا تفهم شيئًا سوى [لغة] التهديد". وقال مخاطباً المنفذين: "كفى تهديدا.. لن نعيد البلاد الى الفاسدين ولن نبيع الوطن إلى خارج الحدود". ودفعت هذه المواقف المجموعات الموجودة في الإطار التنسيقي إلى إصدار بيان أمس يدين الاعتداءات، ويطالب بالتحقيق والتعاون مع القضاء والأمن لتحديد الفاعلين ومعاقبتهم. كما حذرت المجموعات من إساءة استخدام بعض الأطراف لزعزعة استقرار البلاد وإحداث فتنة أهلية.
لكن ائتلاف الثبات الوطني هو أولاً مرحلة جديدة في العلاقات بين المجموعات الشيعية العراقية الرئيسية في الساحة السياسية، وثانيًا استراتيجية قوية لإفشال مؤامرات أعداء المقاومة وخلق خريطة واضحة في الحكومة أو البرلمان على مدى السنوات الأربع المقبلة.