الوقت - قتل التحالف العسكري الذي يغزو اليمن بقيادة السعودية والإمارات مرة أخرى يمنيين أبرياء في جريمة شنعاء وغير إنسانية بمناسبة يوم مظلم آخر في فترة حكم النظامين السعودي والإماراتي منذ سبع سنوات في حرب اليمن.
أفادت وسائل إعلام يمنية، صباح الجمعة، أن مقاتلات سعودية استهدفوا سجنًا مؤقتًا في محافظة صعدة (شمال غرب)، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وأن مصير العديد من المدفونين تحت الأنقاض غير معروف. ويوجد في السجن أكثر من 2000 سجين يمني وسجناء من جنسيات أخرى، حيث كان السجن مركزًا للاجئين الأفارقة الفارين من خلال اليمن إلى مناطق أخرى. وتتباين الإحصائيات حول عدد القتلى والجرحى في الحادث. وقال يحيى شايم مدير مكتب الصحة في صعدة إن نحو 150 قتيلا وجريحا نقلوا إلى مستشفيات المحافظة وإن عدد القتلى آخذ في الارتفاع، وأشار إلى أن المحافظة تواجه نقصًا حادًا في المعدات. وبعد ساعات أفادت قناة المسيرة عبر قناتها الرسمية "تلغرام" أن معلومات أولية أشارت إلى مقتل وجرح 140 سجيناً. وبحسب المسيرة، أعلن محافظ صعدة أن المستشفيات امتلأت بالشهداء والجرحى وأن هناك حاجة ماسة للأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات صعدة. وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان لها إن مستشفى صعدة "استقبل حوالي 200 جريح وعدد المرضى مرتفع للغاية لدرجة أنها لم تستطع استقبال المزيد من المرضى".
وحسب مصادر التحالف السعودي، فقد تم تنفيذ أكثر من 70 هجوما في محافظات مختلفة خلال الساعات الماضية، بينما لا تزال الغارات الجوية الأكثر دموية في التحالف السعودي الإماراتي مدنية، حيث قُتل أكثر من 60 بالغًا في غارات جوية في جميع أنحاء البلاد يوم الجمعة، وقتل ثلاثة أطفال بصواريخ أطلقت على مدينة الحديدة الساحلية الغربية، وفقًا لبيان صادر عن منظمة أنقذو الطفل. قبل أسابيع قليلة، ادعى التحالف السعودي أن مدينة الحديدة تشكل تهديدا للملاحة، مبررا هجماته على ميناء الحديدة الذي يستقبل الجزء الرئيسي من استيراد البضائع والمساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة الناس في الأزمة والحصار في اليمن، وادعى أن هذا الميناء يستخدم في تهريب السلاح. لطالما رفض مسؤولو أنصار الله هذه القضية بشدة، حتى أنهم أعلنوا استعدادهم لقبول المراقبة الدولية لأعمال الميناء لتفنيد مزاعم التحالف السعودي.
إدانة الهجمات ووعد بالانتقام اليمني
في أعقاب الضربات الجوية للتحالف الأخيرة ضد المدنيين، والتي أثارها الغضب من الهزائم المتتالية في الحرب، لا سيما الاستيلاء على السفينة الحربية الإماراتية العدوانية، وكذلك عمليات الصواريخ والطائرات المسيرة الناجحة في عمق الإمارات. نظم اليمنيون، أمس (الجمعة)، مظاهرات حاشدة في صنعاء ومدن يمنية أخرى تندد بهجمات التحالف العربي على صعدة والحديدة. كما تعهد محمد عبد السلام المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية ورئيس فريق صنعاء التفاوضي بالانتقام ردا على هجمات التحالف السعودي على المدنيين اليمنيين عبر حسابه على تويتر. وأضاف أن "قتل الأسرى في سجن صعدة والمدنيين في الحديدة وصنعاء وهجوم المعتدين على المنشآت المدنية لن يركع الشعب [اليمني] ولن يكسر إرادته". وتابع محمد عبد السلام: "بل هذه الجرائم ستدفع أمتنا للرد بأي طريقة ممكنة وبكل ما لديها من قوة وحقوق".
جدير بالذكر أن عملية الطائرات المسيرة والصاروخية الأخيرة في العمق الاستراتيجي لدولة الإمارات والتي صدمت أبو ظبي، جاءت بعد عدة تحذيرات أولية لرؤساء حكومة هذا البلد لسحب أقدامهم من الحرب. الآن، مع تهديد صنعاء بالرد والانتقام، سيتعين علينا الانتظار لنرى أين ستحدث الجولة الجديدة من عمليات الصواريخ والطائرات بدون طيار هذه المرة في أعماق الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية. وبالتالي، فإن الضربات الجوية للتحالف السعودي لن تخيف القادة والشعب اليمنيين فحسب، بل ستقوي أيضًا روح المقاومة والدافع على الانتصار.
مهاجمة المدنيين والاعتراف بالهزيمة
يقتل التحالف السعودي بوحشية المدنيين اليمنيين كل يوم منذ أن دخل في مستنقع الحرب في اليمن قبل سبع سنوات بوعد كاذب باستعادة السلام والاستقرار. عدوان خلف عشرات الآلاف من القتلى وشرد الملايين، وهو ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وبحسب الأمم المتحدة، تسببت الحرب اليمنية في مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر بنهاية العام الماضي. بمثل هذا السجل الأسود، لم يقتصر الأمر على فشل التحالف السعودي في إظهار الوجه الشرعي للعدوان على اليمن على الساحة الدولية، بل أن كل ما طانت تخشاه السعودية والإمارات وداعموهما من أن تقوي اليمن وتحول هذا البلد المهم إلى منطقة مقاومة أخرى في المنطقة قد حدث. وبكل يأس من الهزيمة في الحرب، لجأ السعوديون إلى الدعاية الإعلامية الكاذبة والهجمات العمياء على المدنيين.
على مدى السنوات الماضية، تمكنت جماعة أنصار الله من تحقيق قدرات كبيرة في مجال تطوير الأسلحة بخبرات يمنية بحتة. وفي أواخر آذار 2020 أعلن اليمنيون أن أبرز أنظمة الصواريخ التي دخلت الخدمة في السنوات الخمس الماضية هي "قاهر، بركان، بدر، القدس 1، نكل، قاسم، ذو الفقار". في أوائل مارس 2021، تم الكشف عن صواريخ بالستية بعيدة المدى من طراز قاسم 2 وقدس 2، بالإضافة إلى نماذج جديدة من الطائرات بدون طيار تسمى وياد وصمد 4. أفادت وسائل إعلام يمنية أن بعض هذه الصواريخ يبلغ مداها 700 إلى 1500 كيلومتر (434 إلى 932 ميلاً)، وهو ما أصبح كابوساً للقادة السعوديين والإماراتيين. في الواقع، إن الحرب التي خاضوها اسميا من أجل "الدفاع عن النفس" عرّضت بلدانهم لمخاطر أكبر مما كانت عليه قبل سبع سنوات.
المؤامرة الأمريكية الجديدة وضرورة مواجهة المجتمع الدولي
بعد عملية أنصار الله الأسبوع الماضي في أبو ظبي، دعت الإمارات العربية المتحدة إلى إعادة تصنيف الحركة على أنها إرهابية من قبل الولايات المتحدة. تقول حكومة جو بايدن الآن إنها قد تعيد تقديم حركة أنصار الله كحركة إرهابية، لذا فإن هناك مؤامرة محاكة لمعاقبة اليمنيين بشكل عام، وقد تمنع وصول مثل هذه الكمية الصغيرة من المساعدات الإنسانية الدولية التي تمر عبر حصار السعوديين وتصل إلى محتاجي اليمن. نظرًا لأن أنصار الله يسيطرون على الحكومة في المناطق التي تعيش فيها الغالبية العظمى من اليمنيين، فإن تسمية الجماعة على قائمة الإرهاب سيعني وضع عشرات الملايين من الناس تحت حصار أشد مما عانوه من أي وقت مضى. إذا حدث ذلك، يمكن أن يحكم على مئات الآلاف وربما الملايين من الأشخاص بالموت عن طريق المجاعة والمرض. في عامه الأول في المنصب، لم تفشل حكومة بايدن فقط في الضغط على التحالف السعودي لإنهاء الحرب اليمنية، على الرغم من الشعارات الانتخابية، على العكس من ذلك، تماشياً مع سياسات الحكومة السابقة، استأنفت تجارة الأسلحة المعتادة مع السعودية والإمارات. وفي الوقت نفسه، فإن الجرائم العمياء للتحالف العسكري السعودي الإماراتي، وكذلك خطة القتل الممنهج للمدنيين في اليمن من خلال العقوبات والحصار، هي وصمة عار على جبين المجتمع الدولي والمدافعين الكاذبين عن حقوق الإنسان بين الحكومات الغربية لن تمحى أبدا.