الوقت- في تقرير للمرصد الأورومتوسطيّ لحقوق الإنسان - مقره جنيف -، بعنوان “معاقبة الصحفيين.. قيود إسرائيل على حرية التنقل والحركة"، كُشف أن الاحتلال الصهيونيّ يمنع عشرات الصحفيين الفلسطينيين من السفر والتنقل بشكل غير قانونيّ وغير مبرر بالإضافة إلى مساومتهم للحصول على هذا الحق مقابل التعاون مع الأجهزة الأمنيّة، في سياسة يبدو أنها تُمارس بشكل عقابيّ على خلفية عملهم الصحفي أو تعبيرهم عن آرائهم، لأنّ المرصد وثق بالفعل حالات قام فيها جهاز الأمن العام الإسرائيليّ "الشاباك" بابتزاز ومساومة صحفيين فلسطينيين على حقهم في حرية التنقل والحركة، مع غياب "الحماية الدولية" اللازمة لهم ولمؤسساتهم الإعلامية من الانتهاكات الصهيونيّة.
وبسبب عدم وجود محاسبة وملاحقة لقادة الاحتلال إضافة لعدم تقديمهم للمحكمة الجنائيّة الدوليّة جراء ما اقترفوه من عدوان ممنهج بحق الصحفيين الفلسطينيين، حيث إنّ الاحتلال ارتكب منذ بداية العام (2021) مئات الانتهاكات بحق الصحفيين، ومؤخراً أكّد صحفيون فلسطينيون أنّ الضباط الصهاينة قالوا لهم إنه يمكن أن يُزال عنهم قرار المنع من السفر في حالة واحدة هي التعاون معهم وتقديم معلومات أمنيّة عن الفلسطينيين أو العمل لصالح الكيان الغاصب، في انتهاكات اسرائيليّة تعرقل العمل المهني الصحفيّ، يفاقمها ضعف دور المؤسسات الدولية وعدم اتخاذها أيّ إجراءات حقيقيّة للضغط على حكومة العدو لوقف اعتداءاتها تجاه الصحفيين.
وفي الوقت الذي يتحدى فيه الصحفي الفلسطيني الظروف الصعبة وفقدان المأوى، يصدم الصحفيون بجبروت الاحتلال الباغي فإما أن تكون عميلاً لهم أو تترك المهنة الإعلاميّة بشكل كامل، أو تتعرض للاعتداءات الجسديّة والنفسيّة من خلال الضرب والاحتجاز والاقتحامات المنزليّة والتهديد بالملاحقة المتواصلة في حال رفض العروض، في ظل تمادي قوات المحتل المجرم بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الأبرياء.
وباعتبار أنّ الاحتلال وأجهزته العسكريّة والأمنيّة يتعمد عرقلة عمل الصحفيين في تغطية جرائمه، تجري عمليات المنع من السفر والتنقل وفقاً لقرارات إداريّة تصدرها السلطات الصهيونيّة، بما فيها جهاز المخابرات دون اتباع إجراءات قانونيّة أو قضائيّة ودون إعلام الصحفيين بالقرار وقت صدوره أو بالجهة التي أصدرت القرار والأسباب التي دفعتها لذلك، الشيء الذي دفع المرصد الحقوقيّ للتأكيد على ضرورة التوقف عن ملاحقة واعتقال وتهديد الصحفيين والتحقيق معهم بشكل عشوائيّ على المعابر والحواجز العسكريّة بسبب نشاطهم الصحفي.
أيضاً، وكما تم استهداف برج "الجلاء" الذي ضم 8 مؤسسات إعلامية، منها مكاتب واستوديوهات قناة الجزيرة ومقر وكالة الصحافة الأميركية "أسوشيتد برس". ومكتب بشكل عمديّ، في محاولة لطمس صوت الإعلام، يحاول العدو من خلال قراراته العدوانيّة ضد الصحافة والصحافيين إخفاء أو التقليل من حجم التغطية لجرائمه الشنيعة مع وصول الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين لحد لا يمكن السكوت عنه.
يُشار إلى أنّ المرصد الحقوقيّ دعا سلطات العدو الصهيونيّ إلى الالتزام بمسؤولياتها كسلطة قائمة بالاحتلال، وإزالة قرارات المنع من السفر التي صدرت ضد صحفيين فلسطينيين على خلفية عملهم الصحفي أو ممارستهم لحقهم في حرية التعبير عن الرأي، خاصة أنّ تل أبيب ملزمة بمنح الصحفيين الفلسطينيين حقهم في الحركة والتنقل داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها من دون عرقلة أو قيود، بموجب القانون الدوليّ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسانيّ.
في النهاية، إنّ المنهج الإسرائيليّ يتلخص بعبارة "اخرسوا أيها الصحافيين، حتى نمارس جرائمنا بصمت وساديّة بعيداً عن أنظار العالم"، في وقت تتحدث فيه منظمات حقوقيّة بأنّ 25 صحفيّا فلسطينيّا معتقلين في السجون الصهيونيّة، من إجمالي أكثر من 4 آلاف أسير تعتقلهم في سجونها منذ فترات مختلفة، والسبب هو "قيامهم بواجبهم المهني والصحفيّ وتوثيق جرائم الاحتلال”، الذي يسعى بكل ما أوتيّ من قوة لتغييب كافة القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته لأرواح الفلسطينيين، وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص عواصم الخيانة.