الوقت- أعلنت الكاتبة والأديبة الأيرلندية، سالي روني، رفضها القاطع ترجمة روايتها الأخيرة “أيها العالم الجميل، أين أنت؟” للعبرية من قبل دار نشر إسرائيلية. و قرار الكاتبة هذا أثار ردود فعل متباينة بين التضامن معها واتهامها بمعاداة السامية.
كاتبة عالمية
حققت الكاتبة والأديبة الأيرلندية سالي روني نجاحاً عالمياً منذ أن نشرت عملها الأول “محادثات مع الأصدقاء” في عام 2017. كما تم تحويل عملها الثاني “أناس عاديون” الذي أدرج في قائمة الكتب المرشحة لجائزة بوكر الأدبية في عام 2018 وباعت منه أكثر من مليون نسخة، إلى دراما تلفزيونية حازت على عدة جوائز.
في سبتمبر المنقضي 2021، نشرت روني روايتها الثالثة، التي حملت عنوان “أيها العالم الجميل، أين أنت؟”، وسرعان ما أصبح هذا العمل أحد أكثر الكتب مبيعاً في بريطانيا وإيرلندا. بيد أنه سيتوجب على قرائها في الكيان الإسرائيلي التحلي بالصبر لبعض الوقت. إذ وفق تقارير إعلامية، رفضت الكاتبة، طلب ناشر إسرائيلي، ترجمة روايتها الأخيرة إلى العبرية.
رفض قاطع دعماً للفلسطينيين
في هذا السياق قالت روني إن رفضها طلب ناشر إسرائيلي ترجمة روايتها الأخيرة إلى العبرية جزء من مقاطعة ثقافية على أساس معاملة الكيان الإسرائيلي “العنصرية” للفلسطينيين.
وأضافت روني نقلاً عن تقارير منظمات حقوقية “إن نظام الهيمنة والتمييز الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين يتوافق مع تعريف الفصل العنصري بموجب القانون الدولي”.
كما أوضحت الكاتبة البالغة من العمر ثلاثين عاماً، أنها وفي ظل الأوضاع الحالية “لا تشعر أنه سيكون من الصواب قبول عقد جديد مع شركة إسرائيلية لا تنأى بنفسها علانية عن الفصل العنصري، وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني التي نصت عليها الأمم المتحدة”.
دعم لحركة مقاطعة الكيان الاسرائيلي
الكاتبة روني كشفت عن دعمها لحركة مقاطعة الكيان الإسرائيلي، وقالت “في هذه الحالة بالذات، أنا أستجيب لنداء المجتمع المدني الفلسطيني وحركة BDS”، وهي اختصار لـ”المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”، التي صنفها البرلمان الألماني على أنها حركة ذات أساليب “معادية للسامية” منذ عام 2019.
لكن الكاتبة تعتبر حركة المقاطعة أنشئت “على أساس نموذج المقاطعة الاقتصادية والثقافية التي ساعدت على إنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا”.
وكانت دار نشر “مودان” الإسرائيلية قامت بترجمة ونشر روايتي “محادثات مع الأصدقاء” (2017) و”أناس عاديون” (2018) للكاتبة الأيرلندية. ولأن أعمالها حققت أرقام مبيعات جيدة في الكيان الإسرائيلي، أرادت دار النشر شراء حقوق أحدث رواياتها أيضاً.
من جهتها أكدت روني، أن ترجمة كتابها الأخير “أيها العالم الجميل، أين أنت؟” إلى العبرية، ستكون بمثابة “شرف لها”، بيد أنها استدركت قائلة “لكن في الوقت الحالي، اخترت عدم بيع حقوق الترجمة هذه لدار نشر مقرها الكيان الإسرائيلي”.
تضامن وانتقادات من الداخل اليهودي
في تغريدة لها على “تويتر”، عبرت منظمة الصوت اليهودي من أجل سلام عادل – إيرلندا عن تضامنها مع الكاتبة “بصفتنا جالية متنامية من اليهود في إيرلندا الذين يقاومون الاحتلال الإسرائيلي، فإننا نظهر تضامننا مع قرار سالي روني”.
في المقابل قوبل قرار روني بانتقادات واضحة من قبل جهات رسمية في الكيان الإسرائيل، إذ سجلت ردود فعل قوية ومزاعم معاداة السامية ضد الكاتبة الأيرلندية.
وقالت ممثلة من معهد سياسة الشعب اليهودي “اختارت روني طريقًا يعد لعنة للجوهر الفني للأدب”. وكتبت في موقع فورورد الإخباري اليهودي “إن هناك رفضًا لجوهر الأدب ذاته وقدرته على جلب إحساس بالتماسك والنظام إلى العالم، من خلال اختيار روني استبعاد مجموعة من القراء بسبب هويتهم القومية”.
كما سلطت تغريدات مختلفة الضوء على حقيقة أن روايات روني متوفرة أيضاً باللغتين الصينية والروسية. كما تساءلت الكاتبة والصحافية البريطانية سارة فين “لماذا تقاطع "إسرائيل" وليس الصين؟ أم أنه ربما لا يتعلق الأمر بحقوق الإنسان على الإطلاق”؟
وصرحت الكاتبة أنه “بالطبع، عدا عن الكيان الإسرائيلي هناك دول عدة مذنبة بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.. كان هذا صحيحًا أيضًا في حالة جنوب أفريقيا خلال الحملة ضد الفصل العنصري هناك”.
روني كاتبة مشهورة ولكن لن تنشر في الكيان مجدداً
لدى روني المولودة في بلدة كاسلبار بغرب إيرلندا عدد كبير من القراء المتعلقين بها وممن يتتبعون أخبارها ومنشوراتها. وتهيمن أعمالها التي تروي قصصًا عن الشباب على الخطاب الأدبي بشكل مستمر.
وكواحدة من أشهر الكاتبات الشابات في العالم ستستمر أعمالها السابقة في الظهور في الكيان الإسرائيلي باللغتين العبرية والإنجليزية. وسيتمكن القراء الإسرائيليون أيضًا من طلب أحدث أعمالها “أيها العالم الجميل، أين أنت؟” باللغة الإنجليزية على مواقع الإنترنت الأجنبية.
وتتناول روايتها الجديدة القضايا الاجتماعية والسياسية مثل عدم المساواة والطبقات الاجتماعية والرأسمالية. يأتي عنوانها “أيها العالم الجميل، أين أنت؟” من قصيدة كتبها فريدريش شيلر وقام فرانز شوبرت بتلحينها في عام 1819.
ردود أفعال بعض المنظمات الداعمة لها
من جانبها، قالت “الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل” (PACBI) إنها “ترحب بحرارة بقرار المؤلفة”، وتابعت في بيانٍ تلقّت (رأي اليوم) نُسخةً منه:”تنضم روني إلى عدد لا يحصى من المؤلفين الدوليين في دعم المقاطعة الثقافية المؤسسية لقطاع النشر المتواطئ في الكيان الإسرائيلي، تمامًا كما دعم الفنانون التقدميون ذات مرة مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا”.
وتصدرت الرواية،التي نشرت الشهر الماضي، قائمة الكتب الأكثر انتشارًا في المملكة المتحدة وأيرلندا.
ومن الجدير بالذكر أنّ الكاتبة الشابة قامت بالتوقيع مؤخرًا على خطاب مفتوح دعت فيه إلى “إنهاء الدعم الذي تقدمه القوى العالمية للكيان الإسرائيلي وجيشه، خاصة الولايات المتحدة”، كما حثت الحكومات على “قطع العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية” مع إسرائيل.
وفي أيار (مايو) الماضي وقعت روني على رسالة ضد الفصل العنصري، التي دعت إلى “وقف فوري وغير مشروط للعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين”، وطلبت من الحكومات “قطع العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية”.
وفي الشهر ذاته، كان روجر ووترز -المؤسس المشارك لـ”بينك فلويد” (Pink Floyd)- من بين 600 موسيقي وقعوا رسالة مفتوحة يطلبون فيها من زملائهم الفنانين مقاطعة العروض في الكيان الإسرائيلي حتى تكون هناك “فلسطين حرة”.
وقالت مجموعة “موسيقيون من أجل فلسطين” في رسالة “بصفتنا موسيقيين، لا يمكننا أن نصمت. اليوم، من الضروري أن نقف مع فلسطين. وندعو زملاءنا للتأكيد علانية على تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. فالتواطؤ مع جرائم الحرب الإسرائيلية يتحقق بمجرد الصمت، واليوم الصمت ليس خيارا. ندعوكم للانضمام إلينا باسمكم في رفض أداء الأعمال الفنية في المؤسسات الثقافية الإسرائيلية المتواطئة، والوقوف بحزم في دعمكم للشعب الفلسطيني وحقه الإنساني في السيادة والحرية”.
الفن يقود إلى السياسة
على صلةٍ بما سلف، قالت مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب إنّ ايرلندا بدون أدنى شك تحولّت إلى أكثر دولة أوروبية معادية للكيان الإسرائيلي وتقوم بدفع الدول الأوروبية الأخرى لاتخاذ مواقف متطرفة وغير قابلة للتهاون ضد الكيان، لافتةً إلى أنّه عندما وصل السفير الإسرائيليّ الأسبق، بوعاز موداعي، إلى العاصمة دبلن استقبلته إحدى الصحف المركزية في ايرلندا بعنوان ضخم على الصفحة الأولى: “أهلاً وسهلاً بك في جهنم”.
نتمنى أن تستلهم بعض الدول العربية والدول المطبعة التي هرولت مسرعة إلى أحضان الكيان الصهيوني من هذه الحركات وهؤلاء الأشخاص ذوي الضمير الصاحي والملهم.