الوقت- توقف أمين عام حزب الله في خطابه الذي تلا تفجيري برج البراجنة الانتحاريين، عند قصص البطولة و الفداء بالنفس لحماية الغير كما حصل مع الشهيد الشاب عادل ترمس، مشيرا إلى أن هذه القصص تعبر عن إيمان هؤلاء الناس بما نص عليه القرآن من صبر و توكل على الله و تضحية في سبيل الله و حماية و مساعدة الآخرين. فمن هو هذا الشهيد الذي ملأت صوره مواقع الانترنت و التواصل الاجتماعي؟
عادل ترمس، ابن الـ32 سنة. شاب لبناني من قرية طلوسة الجنوبية و سكان برج البراجنة، أب لولدين، أكرم الذي يبلغ من العمر عامين وثلاثة أشهر، و ملاك التي تبلغ من العمر ستة أعوام. تحول عادل بين ليلة و ضحاها من ميكانيكي سيارات الى بطل برتبة شهيد و رمزا للمواجهة و نموذجا عن الشعب الأبي البطل، نموذج عن "أشرف الناس" كما يحلو للسيد حسن نصرالله بأن يسميهم. و في القصة فإن عادل ترمس تصدى لأحد الانتحاريين خلال التفجيرات التي ضربت في ضاحية بيروت الجنوبية، منطقة برج البراجنة، و التي تسببت بإستشهاد 43 شخصا وجرح العشرات، فخلف وراءه عائلة تعزيها نخوة ابنها أمام ألم الفراق و الرحيل. يقول والد عادل متحدثا عن ابنه "عادل كان في عمله، وانصرف عند الخامسة مساء تقريبا و وصل إلى المنزل، وقال لزوجته إنه ذاهب للصلاة في المسجد، فطلبت منه زوجته البقاء لتناول الطعام مع طفليه لإحساسهما بالجوع فوعدها بعدم التأخر، و كما هو معلوم فإن ليلة الجمعة هي ليلة قراءة دعاء كميل، و خلال الدعاء وقع الانفجار الأول." يتابع والد عادل "أكرم ترمس"، ناقلا عن أشخاص كانوا في الموقع ساعة الحدث: " إن الناس خرجوا لرؤية ما حصل بعد الانفجار الأول، وبينهم عادل الذي وجد شخصا يسير من منطقة "مستشفى الرسول الأعظم" وهو يكبّر، فقام بالالتفاف حوله والقبض عليه من الخلف و وضعه على الأرض، لكن الانتحاري تمكن من تفجير نفسه".
و يتابع "وقفت على الشرفة عندما سمعت الانفجار الأول و قمت بالاتصال بعادل، لكنه لم يرد، غير أن والدته قصدت منزله و تمكنت من التحدث إلى زوجته التي أكدت لها أنها تحدثت معه بعد الانفجار الأول و لكنه لم يرد عليها بعد الانفجار الثاني، فنزلت والدته إلى الشارع لتسأل عنه، ليخبرها أحد الشهود العيان بأن عادل استشهد."
عائلة عادل ترمس كمعظم عوائل الشهداء دعت الى التهنئة باستشهاد ابنها و ليس الى تقديم العزاء، و تؤكد زوجته باسمة ترمس بأن زوجها كان يحلم بالشهادة ضد التكفيريين و اسرائيل، و قد جاءت الشهادة اليه بنفسها، و هي محتسبة عند الله فقدانه و صابرة و تعده بأن تكبر ابنيها على خط والدهم الشهيد.
جدير بالذكر بأن قصة عادل ترمس ليست الأولى من نوعها، ففي آذار من العام الماضي، اشتبهت دورية للمقاومة عند مدخل قرية "النبي عثمان" في البقاع الشمالي بسيارة دفع رباعي، فتقدم قائد الدورية الشهيد "عبد الرحمن القاضي" من الانتحاري و طلب تفتيش السيارة بالقوة فما كان من الانتحاري إلا أن فجر نفسه فورا مما ادى الى استشهاد القاضي و شخص آخر كان برفقته و قد نجت المنطقة في ذلك اليوم من كارثة كبيرة لولا تدخل العناية الالهية و وعي أمن المقاومة.
هذه القصص حصل مثلها في العراق و أفغانستان و غيرها و كلنا سمعنا عن قصة الشهيد عبد الجليل الأربش، ذاك الشاب الذي كان عائدا من أمريكا حيث يدرس الهندسة الكهربائية ليتزوج و يعود الى دراسته، و خلال صلاة الجمعة اعترض الأربش احد الارهابيين الذي كان يتنكر بزي امرأة ما دفع الانتحاري لتفجير نفسه بالشهيد و رفاقه و بذلك يكون "الأربش" قد فدى بروحه أرواح العشرات من المصلين. هذه القصص التي نسمعها عن مدنيين اعترضوا الانتحاريين و فدوا بنفسهم ليحيا الغير، تبرز الوجه المقاوم و الفدائي من مجتمع يخرج أبطالا في ساحات القتال، كما تظهر حقارة الارهاب الذي يحاول التعويض عن الضربات التي يتلقاها في الميدان، بقتل المدنيين سعيا منه لتحطيم معنويات شعب المقاومة و اذا به كل مرة يصطدم بحقيقة معاكسة بأن "اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر".