الوقت- دخل ميزان القوى في المنطقة وساحة الصراع بين محور المقاومة والمحور الأمريكي الصهيوني مرحلة جديدة بعد معركة سيف القدس. على عكس توقعاتهم وحساباتهم، وكذلك دخل الصهاينة في حرب كانت نتائجها مجهولة بالنسبة لهم، ولا تزال العواقب جارية وقد تؤدي إلى حرب أكبر.
موازين الصراع بعد معركة سيف القدس
بعد انتهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا في غزة، أصبح الكيان الصهيوني في مأزق كبير بين قبول الهزيمة والاستسلام للمقاومة أو الدخول في حرب جديدة. من جهة، قبول هزيمة إسرائيل في وجه المقاومة أمر لا يطاق، ومن جهة أخرى يعرف النظام أن بدء أي حرب، سواء في غزة أو في الخارج أو حتى في جنوب لبنان، سيصاحبها خسائر مادية وبشرية لا يحتملها، إضافة إلى أن للإسرائيليين ليس لديهم القدرة على مواجهة تداعيات هذه الحرب بسبب عدم ثقتهم بجيشهم ومسؤوليهم. من ناحية أخرى، فإن التطورات الأخيرة على حدود غزة والوضع المضطرب للمستوطنات الإسرائيلية حول المنطقة ونيران انتفاضة الحرية في الضفة الغربية وحتى أراضي عام 1948، أدت إلى تأجيج الداخل الصهيوني بشكل كبير وهم قلقون من انفجار على جبهتهم الداخلية. أثار مقتل قناص إسرائيلي على حدود غزة غضب المستوطنين الصهاينة ضد الجيش، ثم هروب ستة أسرى فلسطينيين من سجن "جلبوع" التابع للنظام الصهيوني، الأمر الذي شكل صدمة كبيرة لتل أبيب. واستهزأت به وسائل الإعلام، وضاعفت المخاوف الأمنية للنظام الصهيوني. وإدراكًا منهم لعدم قدرتهم على الدخول في صراع جديد مع المقاومة، حاول الصهاينة في الأسابيع الأخيرة تهدئة الوضع نوعًا ما من خلال الاستسلام لشروط المقاومة وتقديم التسهيلات لتخفيف الحصار عن غزة ودخول مواد البناء إلى القطاع لإعادة الإعمار.
الوضع الملتهب في الأراضي المحتلة
لكن في الأيام الأخيرة، وخاصة بعد الإجراءات الإجرامية للقادة الصهاينة ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون، والتي صاحبها غضب وانتفاضة فلسطينية في جميع المناطق وكذلك خارج الأراضي المحتلة، فإن الوضع في فلسطين على وشك الانهيار. حذرت جماعات المقاومة من استعدادها لدخول معركة "سيف القدس 2" للدفاع عن الفلسطينيين بعد استشهاد شاب فلسطيني في مواجهات مع الصهاينة في الضفة الغربية والقدس المحتلة. تشير هذه التطورات إلى أن حدوث جولة جديدة من الاشتباكات بين المقاومة والعدو الصهيوني في غزة لا يمكن اعتباره غير متوقع.
طائرات بدون طيار إسرائيلية تصطدم بمواقع المقاومة الواحدة تلو الأخرى
بالتزامن مع هذه الأحداث نشهد تحليق طائرات مسيرة تابعة للنظام الصهيوني في مواقع المقاومة، والتي تم إسقاطها الواحدة تلو الأخرى خلال الأشهر الماضية. يشير هذا الموضوع أولاً إلى الأعمال الاستفزازية ضد للمقاومة وثانيًا إلى حقيقة أن المقاومة، بعد فشل نظام "القبة الحديدية" الذي كان الصهاينة يفخرون به سابقًا، تظهر هذه المرة قدراتها الاستخباراتية والدفاعية على العدو، وهذا يظهر أنه بالإضافة إلى الحرب الصاروخية، فإن حرب الطائرات بدون طيار لديها أيضًا الكثير لتقوله. في 15 آب (أغسطس)، عقب زيادة قدرة الدفاع الجوي السوري على اعتراض الصواريخ الإسرائيلية، أعلن الجيش السوري عن اسقاط طائرة مسيرة سكاي رايدر على الأراضي السورية. بعد شهر، في 22 سبتمبر / أيلول، أُسقطت طائرة إسرائيلية بدون طيار أخرى في سوريا. الخميس الماضي، 30 سبتمبر، أعلن حزب الله في بيان أن قوات المقاومة تمكنت من إسقاط طائرة بدون طيار صهيونية في الساعة 13:55 بالتوقيت المحلي يوم الخميس. واستهدفت الطائرة المسيرة بسلاح مناسب في منطقة "وادي المريمين" في منطقة يتر بجنوب لبنان. وبعد يوم، قامت طائرة مسيرة صهيونية باطلاق قنابل الغاز على المتظاهرين،ثم سقطت في أيدي المتظاهرين الذين دمروها بعد ذلك.
تداعيات إسقاط الطائرة الصهيونية المسيرة باتجاه تل أبيب
تحلق الطائرات الصهيونية بدون طيار في مواقع المقاومة غالبًا لأغراض التجسس أو استفزازية أو جمع معلومات من الجانب الآخر. لهذا السبب، يجب أخذ إسقاط الطائرات الإسرائيلية بدون طيار في الاعتبار وخصوصاً من قبل حزب الله في جنوب لبنان. حيث أفادت المصادر ذات الصلة بأن هذه الطائرة المسيرة هبطت بسلام وبدأ الخبراء في عملية إخلاء المعلومات من كاميراتها وكيفية توجيه هذه الطائرة المسيرة. يعلم الجميع جيدًا أن الطائرات الإسرائيلية بدون طيار لها مهمة تجسس ومجهزة بأنظمة تصوير ومراقبة متطورة جدًا وهي الآن في أيدي المقاومة اللبنانية وحلفائها، وهذه ضربة قاتلة للصهاينة. في الماضي القريب، حلقت هذه الطائرات بدون طيار فوق غزة وجنوب لبنان وهي واثقة من عدم وجود نظام دفاعي متقدم لإسقاطها، لكن خلال الأيام الثلاثة الماضية، ظهرت معادلات جديدة. من جهة أخرى، كان إسقاط هذه الطائرة يعني سرعة تنفيذ تحذيرات السيد حسن نصر الله للصهاينة الذي أعلن المجال الجوي اللبناني خط المقاومة الأحمر. بمعنى أنه لن يمر أي عدوان دون إجابة. وشدد الأمين العام لحزب الله في لبنان أواخر عام 2020: "تضاعف عدد صواريخ أرض - جو منذ العام الماضي، ويمكننا استهداف أي هدف بدقة على طول الأراضي الفلسطينية المحتلة".
الحقيقة أن الإسرائيليين لا يستطيعون الشعور بالأمان والاستقرار في ظل هذه الإنجازات العسكرية للمقاومة الإسلامية في لبنان وقطاع غزة، والتي لها عواقب وخيمة على الروح الصهيونية والرأي العام. بالإضافة إلى ذلك، فإن إسقاط الطائرة بدون طيار سيوجه ضربة كبيرة للصناعة العسكرية الإسرائيلية وسوق بيع هذه الطائرات بدون طيار إلى دول أخرى مثل الهند وأوكرانيا وبعض الدول العربية في الخليج الفارسي. طبعا يجب أن نرى نتائج عمل المقاومة هذا وتداعياته على الكيان الصهيوني في المرحلة المقبلة. ولهذا يعتقد الكثيرون أنه في ظل الوضع الذي أشعل فيه الصهاينة نيران الحرب في جميع أنحاء الأرض بقتل الفلسطينيين، لا عجب إذا رأينا إسرائيل تتراجع عن أعمالها المعادية للفلسطينيين وتتراجع عن هجماتها الصاروخية على عمق سوريا من الأجواء اللبنانية. التطور الجديد هو أن حماس وحزب الله يمتلكان أنظمة دفاع قوية تمكنت من تعقب الطائرات الإسرائيلية بدون طيار. بالتأكيد، لن تكون سماء غزة وجنوب لبنان آمنة بعد الآن لطائرات النظام الصهيوني بدون طيار، وأي طائرة مسيرة غازية تحلق في سماء غزة وجنوب لبنان لن تعود بأمان إلى قاعدتها.