الوقت- قبل أقل من ستة أشهر من الانتخابات النيابية اللبنانية، أطلقت مختلف الأحزاب المؤثرة حملات في الداخل والخارج للنهوض بأهدافها.
خطة الولايات المتحدة للانتخابات النيابية اللبنانية
لطالما كانت الانتخابات النيابية اللبنانية ذات أهمية كبيرة للاعبين الأجانب بقيادة الولايات المتحدة منذ العصور السابقة.
ورغم عدم نجاح الخطط الأمريكية والغربية لإزالة حزب الله من المشهد السياسي والحكومة اللبنانية، لكن واشنطن وحلفاءها قد ضاعفوا جهودهم للتأثير على العملية الانتخابية على مدى السنوات القليلة الماضية، لأنهم يعتبرون الانتخابات النيابية المدخل الوحيد للتأثير على القرارات السياسية اللبنانية من خلال أدواتهم الخاصة.
ولهذا السبب، باتت الخطط الرئيسية للولايات المتحدة وحلفائها للانتخابات البرلمانية لعام 2022 في لبنان مدرجةً على جدول أعمال واشنطن وحلفائها الداخليين في لبنان، منذ بداية احتجاجات أكتوبر 2019.
في غضون ذلك، أنفق الأمريكيون الكثير من الأموال لإدارة حملتهم ضد حزب الله وحلفائه داخل لبنان، في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية. وفي هذا الصدد، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقريرًا بعنوان "السيطرة على حزب الله"، يتضمن خطة عمل للسيطرة على حزب الله من خلال اختراق مجتمع المقاومة وأنصاره.
في هذه الورقة البحثية، يؤكد الأمريكيون على أن المجتمع الدولي يجب أن يبدأ في التأثير على الشيعة اللبنانيين وحلفاء حزب الله، وتزويدهم بشبكة بديلة من الخدمات والمساعدات من خلال المنظمات الشعبية المستقلة.
كذلك، من أجل خلق الفجوة بين حزب الله والمجتمع الشيعي، يجب اعتماد استراتيجية طويلة الأمد للتأثير على هذا المجتمع بطرق مختلفة، ولا سيما من خلال منظمات الإغاثة. ومن الجدير بالذكر أنه لا يزال يجب منع نفوذ حزب الله في المشهد السياسي اللبناني واستمرار وجوده في هذه الساحة.
كما أكد التقرير على دعم الطلاب الذين شاركوا في احتجاجات أكتوبر 2019 في لبنان، ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الذين لديهم القدرة على القيام بدعاية واسعة النطاق ضد حزب الله على الإنترنت، وكذلك الشباب المحترفون الذين بلغوا مرحلة النضج بعد الاضطرابات الأخيرة في لبنان.
ووفقًا للتقرير، يجب أيضًا الاستعانة بالشخصيات السياسية والعسكرية التي يمكن أن توسع الفجوة بين مؤيدي حركة أمل وحزب الله.
الجهات الفاعلة في مشروع الولايات المتحدة المناهض لحزب الله عشية الانتخابات
إضافة إلى ذلك، مع اقتراب الانتخابات النيابية اللبنانية، هناك حديث متزايد عن دعم الولايات المتحدة لبعض المنظمات والأفراد، ومعظمهم مصنفون على أنهم ما تسمى منظمات المجتمع المدني.
ويكاد لا يخفى على أحد الآن أن مشروع واشنطن الجديد في لبنان، هو استبدال المسؤولين اللبنانيين الذين فشلوا جزئياً في مواجهة حزب الله بفريق جديد يسمى المجموعات المدنية.
بعض السياسيين، والإعلاميين، والمشاهير، والنشطاء، وإلخ، هم من بين أدوات الولايات المتحدة للقيام بدعاية مناهضة لحزب الله وتحسين صورة الأدوات الأمريكية، وخاصةً أعضاء تيار 14 آذار عشية الانتخابات النيابية.
ولهذا السبب، من المرحلة الحالية وحتى الانتخابات النيابية، سيشهد لبنان تنفيذ عدد كبير من البرامج على شكل مهرجانات من قبل بعض شخصيات المجتمع المدني، الذين يحاولون استفزاز المواطنين اللبنانيين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية صعبة ببعض الشعارات.
هذه البرامج لها مظهر إنساني مثل توزيع الأقنعة والمستلزمات الصحية وإقامة حملات للتبرع بالدم وغيرها، والتي طبعاً ستنفذ بتغطية إعلامية عالية وتماشياً مع سياسات الولايات المتحدة وتحت إشراف هذا البلد وأدواته داخل لبنان.
ربما قبل أشهر قليلة، عندما كانت الخطة الأمريكية الشهيرة ذات المراحل الخمس ضد لبنان جاريةً، وانفجر الوضع الأمني نتيجة الفراغ السياسي والانهيار المالي والاقتصادي، اعتقد الكثيرون أن أهداف الولايات المتحدة وحلفائها في الانتخابات النيابية اللبنانية ممكنة؛ وخاصةً أن أدوات واشنطن حاولوا بمناوراتهم العديدة تقديم حزب الله وفريق الرئيس المتحالف مع الحزب، على أنه السبب الرئيسي للأزمة في لبنان وعدم الخروج من المأزق السياسي.
كيف أحبط حزب الله الخطط الأمريكية
مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فإن ما أشعل غضب أبناء هذا البلد خلال الأشهر القليلة الماضية، كان أزمة المحروقات الكبيرة والطوابير الطويلة أمام محطات الوقود.
وخاصةً أن سعد الحريري، بصفته ممثلاً عن تيار 14 آذار وأحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة والسعودية، أبقى الوضع السياسي في لبنان في حالة من عدم اليقين لمدة عام تقريباً، واستمر الفراغ السياسي في هذا البلد.
وفي مثل هذه الظروف، فإن مبادرة حزب الله لاستيراد الوقود من إيران أنقذت الناس من أزمة الوقود، وفتحت الكثير من العقد في عملية تشكيل الحكومة.
وهكذا، مع انتهاء المأزق السياسي، تم إحباط المرحلة الأخيرة من الخطة الأمريكية ضد لبنان؛ وبعد ذلك، حتى مناورات تيار 14 آذار، بمن فيهم زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وسعد الحريري وأنصارهما، للتأثير على مبادرة حزب الله، لم تحقق نتيجةً تذکر.
في الواقع، كان تركيز خطط الولايات المتحدة وحلفائها ضد حزب الله هو تشويه صورة الحزب في الرأي العام اللبناني، لكن المقاومة عززت شعبيتها لدى اللبنانيين من خلال حل أزمة الوقود وإخراج البلد من المأزق السياسي.
حتى المناطق السنية في لبنان، مثل منطقة عكار، التي تعرضت لأضرار جسيمة مؤخرًا بسبب حريق في ناقلة وقود، صرحت بأن السعودية وتيار 14 أذار، ومنهم سعد الحريري الذي اعتمد عليه المكون السنّي اللبناني بشكل كبير، لم يساعدوا أنصارهم في هذه الظروف العصيبة، والجهة الوحيدة التي جاءت لمساعدتهم هي حزب الله.
ومن النتائج البارزة الأخرى لمبادرة حزب الله لإنقاذ لبنان، إعادة فتح العلاقات بين لبنان وسوريا، وهو بالتأكيد ما لا تحبذه واشنطن وتيار 14 آذار.
إن إقامة علاقات ممتازة بين دمشق وبيروت، حيث تسارع جميع الدول العربية والأوروبية للعودة إلى سوريا، ومن ناحية أخرى عدم مساعدة الدول الخليجية ولا سيما السعودية للبنان، يمكن أن تقود اللبنانيين تدريجياً إلى الشرق، وإلى الدول المحسوبة على المقاومة.
وكل هذا يعني تدمير المشروع الأمريكي طويل الأمد والمناهض للبنان، وفشل أدواته؛ ولا بد من القول إن كل هذه الجهود والحصار الخانق الذي فرضه الغرب والولايات المتحدة بهدف الضغط على المقاومة اللبنانية، جاء بنتائج عكسية.
الانتخابات النيابية اللبنانية لها أهمية كبيرة بالنسبة للأمريكيين، لأنهم يعتقدون أنه بإضعاف وجود المقاومة في البرلمان، سيكون من الممكن ضرب حزب الله في الحكومة المقبلة.
لكن كل الأدلة تظهر أن مرشحي حزب الله سيفوزون بمقاعد البرلمان في هذه الانتخابات، وإضافةً إلى مرشحي التيار الوطني الحر وحركة أمل، ستدخل إلى البرلمان قوى جديدة ومرشحون جدد من حلفاء المقاومة، حتى تتحقق معادلة الوجود المؤكد لـ "حزب الله" في الحكومة المقبلة.