الوقت- توفي آية الله السيد محمد سعيد حكيم، أحد مراجع التقليد الأربعة للشيعة في النجف بسكتة قلبية في 3 سبتمبر 2021.
ولد السيد محمد سعيد طباطبائي الحكيم في 1 فبراير 1936 في مدينة النجف الأشرف. وكان من أبرز رجال الدين الشيعة في العراق بعد آية الله علي السيستاني. آية الله السيد محمد سعيد الحكيم هو حفيد المرجع الكبير السيد محسن الحكيم وابن أخت الشهيد محمد باقر الحكيم. بالإضافة إلى علمه ووعيه الديني خلال حياته، كان لديه أيضًا نشاط سياسي كبير وترك أعمالًا قيمة. وأثار وفاة هذه المرجعية الدينية العراقية الرفيعة المستوى موجة من ردود الأفعال داخل العراق وخارجه.
الحياة السياسية واعمال اية الله الحكيم
بعد أن تعلم آية الله السيد محمد سعيد حكيم التعاليم الدينية والعقائدية ووصوله إلى مرتبة الاجتهاد، أصبح أحد النشطاء المناهضين للطاغوت في عهد صدام. تلك الأنشطة التي أدت في النهاية إلى ثماني سنوات في السجن في البلاد. وسبب سجنه مساعيه لاطلاق وتعزيز مسيرة الأربعين في العراق، ولذلك كان من فقهاء الشيعة الذين سجنهم النظام البعثي لإحيائهم التراث الأربعيني.
بعد وفاة آية الله العظمى السيد أبو القاسم خوئي عام 1992، أعلن السيد محمد سعيد مرجعيته. وتزامن إعلانه للمرجعية مع إقبال شيعة العراق على تقليد آية الله العظمى السيستاني. لم تقتصر سلطته في العراق على تدريس التعاليم الدينية، حيث سعى أيضاً إلى حل المشاكل العلمانية والأيديولوجية للشيعة في البعيدين عن طريق إرسال حملات دينية-شعبية إلى المناطق المحرومة وقبائل المناطق النائية في العراق.
لمحمد سعيد حكيم آراء جديدة في بعض المسائل الفقهية.. فهو يعتبر، كمثال، أن مجازاة المرتد في الدنيا ليست من وظائفنا. كما أنه وحد قارات آسيا وأفريقيا وأوقيانوسيا بشأن مسألة رؤية الهلال. وبحسب هذه الفتوى، إذا شوهد الهلال في إحدى مدن إحدى هذه المناطق، يكون للمناطق الأخرى نفس الحكم الديني.
في السنوات التي أعقبت عام 2003، بالإضافة إلى النجف، كان لديه مكاتب في مدن عراقية أخرى، يجيب على الأسئلة ويتلقى الأموال الدينية، من بين أعماله الهامة:
1- المحکم فی اصول الفقه، (هذه المجموعة في 6 مجلدات مع بحث استدلالي للأُصول).
2- الدورة الفقهية "مصباح المنهاج"، وهي شرح للفقه الاستدلالي لـ "منهاج الصالحين" لسيد محسن حكيم.
3- قدم أطروحته العملية - بعد طلبات ومراجعات متكررة من العديد من العلماء والأشخاص لتقليده - في 3 مجلدات باسم "منهاج الصالحين".
4- مناسك الحج والعمرة.
5- حاشية شاملة في كتاب الأصول "الكفاية" للأخوند الخراساني في 3 مجلدات.
ردود الفعل على وفاة آية الله الحكيم
أثار رحيل آية الله العظمى السيد محمد سعيد طبطبائي الحكيم، بسبب موقعه الخاص في المشهد الداخلي العراقي، ردود فعل القادة والمسؤولين المحليين والأجانب. وبحسب وكالة العهد، فقد أعرب حزب الله في لبنان عن تعازيه للعالم الإسلامي في بيان تعازيه بوفاة آية الله السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره شریف)، وقال حزب الله في لبنان في بيان: تأثر العالم الإسلامي اليوم بنبأ رحيل المرجع العظيم والفقيه آية الله العظمى السيد محمد سعيد حكيم، وتابع البيان: "بعد حياة طويلة من النضال من أجل دين التوحيد وإعلاء مكانة الأوساط الدينية وقضايا العالم الإسلامي، انضم إلى الرفيق الاعلى".
وفي رد فعل لافت للنظر، نشرت السفارة الأمريكية في بغداد رسالة على صفحتها على موقع فيسبوك تعزية في وفاة آية الله السيد محمد سعيد حكيم، المرجع الشيعي الكبير في العراق. وأكدت السفارة الأمريكية كذلك أن آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم كان رمزا للسلام والمحبة والمودة في جميع أنحاء المنطقة.
وعلى الصعيد العراقي، قدم الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي واجب العزاء في وفاة آية الله السيد محمد سعيد طبطبائي الحكيم. وأكد برهم صالح في بيانه: آية الله الحكيم كان من أعظم رجال الأمة الإسلامية الذين، في ترسيخ قيم العدل والإيمان والمحبة والسلام، جمع العلم بالعمل، وسار بصبر على طريق العلم والجهاد. وأعرب عن تعازيه للأمة الإسلامية والمرجعيات الشيعية الرفيعة ولأسرة السيد محمد سعيد الحكيم. كما أكد مصطفى الكاظمي في بيان: أن آية الله الحكيم قضى حياته في خدمة العلم والفقه والتعليم والاجتهاد، وقضى سنوات من عمره في الجهاد ضد طاغوت وتعرض لتعذيب شديد في سجون النظام البعثي. وقال الحلبوسي: "تلقينا نبأ وفاة أحد شيوخ وعلماء النجف الأشرف، آية الله العظمى السيد محمد سعيد حكيم، ببالغ الحزن والأسى". نتقدم بأحر التعازي للأمة الإسلامية والمراجع العظيمة وآل الحكيم.
كما أعرب السيد عمار الحكيم في رسالة عن وفاة آية الله الحكيم عن تعازيه لكبار المسؤولين الشيعيين. وجاء في رسالة السيد عمار الحكيم: "وفاة أحد أبرز رموز مدينة العلم والفقه في النجف أشرف والحوزات وأحد أركان العلم والإرشاد والفقه، المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد حكيم، كبير عائلة آل الحكيم العظيمة، آل العلم والفقه والشهادة، كان مأساة كبرى لنا وللمسلمين وأتباع أهل البيت (ع) والشعب العراقي. كان هذا العالم العظيم من الشخصيات البارزة في الزهد والعلم والإخلاص للدين والوطن، وأحد أسرى النظام الديكتاتوري المظلم، رضي الله عنه ورضي برحمة الله.
وفي سياق متصل أعرب فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي، عن تعازيه بوفاة هذا القديس. وفي اتصال هاتفي مع عائلة آية الله الحكيم، أشاد بموقفه في خدمة الإسلام والمسلمين، وعلى وجه الخصوص دعمه للحشد الشعبي منذ اليوم الأول لتأسيسه.
كما أصدر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، مسعود بارزاني، بيانا يعزي فيه بوفاة رجل دين شيعي رفيع المستوى في العراق. وقال بارزاني في هذا الصدد: "تلقينا نبأ وفاة المرجع الديني رفيع المستوى لآية الله العظمى السيد محمد سعيد طباطبائي الحكيم ببالغ الحزن والأسى؛ نقدم تعازينا للعالم الإسلامي والمراجع العظام وعائلته الغالية.
وكتب رئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان بارزاني، وهو يعزي في وفاة آية الله الحكيم، في رسالة: "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة المرجع الديني الكبير الراحل آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، كان من الشخصيات البارزة في الفقه والاجتهاد، وكرس حياته لمحاربة الظلم وتعزيز مبادئ الأخوة والمحبة والتسامح بين جميع شرائح الشعب العراقي. وتابع: "بمناسبة هذه المأساة الكبرى نعرب عن خالص تعازينا ومواساتنا للعائلة الحكيمة والمراجع العظام والشعب العراقي".
على صعيد آخر، أعرب نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، في رسائل منفصلة إلى آية الله السيستاني، الكاظمي، وبرهم صالح، عن تعازيه بوفاة آية الله السيد محمد سعيد حكيم. كما بعث ولي العهد الكويتي الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح ورئيس الوزراء الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، برقية تعزية إلى المراجع الشيعية في رسائل مماثلة بوفاة المرجع، طالبين الرحمة لهم والصبر لعائلته وأقاربه.
كما أصدر المجلس الاسلامي الاعلى لشيعة لبنان بيان عزاء في وفاة اية الله السيد محمد سعيد طبطبائي الحكيم. وجاء في البيان: أمضى آية الله العظمى السيد محمد سعيد طبطبائي حكيم 87 عامًا من حياته في التدريس وتأليف وتجميع الأحكام الدينية. وتابع هذا التجمع: إنه من عائلة علمية كبيرة ضحت بعشرات الشهداء ودربت العلماء على طريق العلم والفضيلة والجهاد. وكان آية الله الحكيم من الذين وقفوا في وجه الظلم والطغيان وتمسكوا بالحق وكان له نصيب كبير في حركة الأمة الإسلامية وعزز طريقها في التقدم. قضى حياته في خدمة الأمة الإسلامية ونصرة أممها والدفاع عن حقوق الأمة الإسلامية وخاصة قضية فلسطين.