الوقت- أقل ما يمكن قوله أن الوضع في غزة كارثي ومزري، وهذا ليس أمراً مستغرباً بعد حصار لا يزال قائما منذ أكثر من 14 عام، يفرضه كيان العدو الاسرائيلي على القطاع، ولاننسى أن مصر تضييق الخناق على الفلسطينيين أيضاً، من خلال اغلاق معبر رفح في وجه الطلبة والمرضى والحالات الطارئة ولا تفتحه سوى لايام معدودة، وفوق كل هذا جاءت كورونا لتزيد الطين بلة وتعقد الأوضاع الاقتصادية والصحية وتشدد الحصار.
ما يمكن أن نقوله اليوم، إن قطاع غزة يعاني أوضاعاً كارثية تجعل من واقعة ومستقبله محفوفاً بالتحديات والمخاطر، بسبب عوامل متعددة أبرزها الحصار الإسرائيلي الذي جعل القطاع تتعمق فيه الأزمات، وما أحدثه من دمار هائل في البيئة والمرافق الاقتصادية، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، إضافة إلى الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية برام الله على الموظفين ومخصصات الأسرى والشهداء، وما أفرزته جائحة كورونا.
إضافة إلى الأزمات الأخرى المتمثلة في استمرار انقطاع الكهرباء وأزمة المياه وتراجع الخدمات الصحية وارتفاع نسب الفقر والبطالة ومعدلات العنف الاجتماعي، الضغوظ النفسية وتوقف بعض المنشآت الإقتصادية وغيرها من التحديات الإنسانية والاجتماعية الأخرى، والتي ساهمت في تفاقم الوضع الإنساني.
حالياً يواجه عشرات الآلاف من الشباب في قطاع غزة صعوبة الحياة، ويأتي هذا في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
ووفق مركز الإحصاء الفلسطيني ارتفعت معدلات البطالة بين فئة الشباب والخريجين في الفئة العمرية من 20-29 سنة الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس لتتجاوز 72% .
ومؤخراً كشف تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على أن معدلات الفقر في قطاع غزة قفزت من 40% في عام 2005 إلى 56% في العام 2020، فضلاً عن ارتفاع فجوة الفقر من 14% إلى 20% وتضاعفت تكلفة انتشال القطاع من الفقر أربع مرات.
يربط الاحتلال أي تخفيف للحصار وتحسين الواقع الاقتصادي بتقديم حماس وسلطة غزة تنازلات سياسية تتعلق بالتهدئة، رغم أنها واقعة فعلاً بحيث باتت هي القاعدة والتصعيد بمثابة الاستثناء طوال السنوات السابقة، وأخيراً وصل الابتزاز الإسرائيلي إلى حد استغلال التدهور الاقتصادى بظل جائحة كورونا لدفع حماس إلى القبول بصفقة تبادل أسرى لا تلبي الحد الأدنى المقبول فلسطينياً، وفق السوابق التاريخية المماثلة.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، لم يستطع الصمت أكثر على الجرائم الاسرائيلية وحصار غزة، ودعا من خلال تقريره السنوي إلى إنهاء مأساة حصار غزة المستمرة منذ 15 عامًا، مؤكدًا أن الترتيبات الجارية لإجراء الانتخابات الفلسطينية العامة تتطلب ضمانات دولية جادة لإنهاء الحصار دون اشتراطات متعلقة بنتائج الانتخابات.
وبين التقرير الذي حمل عنوان "حياة شبه مستحيلة في غزة بعد 15 عاماً من الحصار" أنه وخلال العقد الماضي بلغ نصيب الفرد الواحد في قطاع غزة من الخسائر الاقتصادية بفعل الحصار نحو 9 آلاف دولار أميركي بسبب الإغلاق طويل الأمد والعمليات العسكرية التي تعرض لها القطاع، واستناداً إلى المعطيات التي توصل لها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تقريره الصادر في شهر تشرين الثاني من العام الماضي خلص إلى أن التكلفة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العقد الماضي قدرت ب 16.7 مليار دولار أمريكي.
الأوضاع الصحية
وفيا يتعلق بالقطاع الصحي، أشار التقرير أنه الأكثر تأثراً ودلالة على تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، فبجانب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية ما تزال المشافي ومراكز الرعاية الأولية في غزة تعمل بمستويات متدنية من طاقتها الاستيعابية وفاقمت أزمة فيروس كورونا ذلك التدهور.
الانتخابات وانهاء الحصار
ودعا الأورومتوسطي ووفق المعطيات التي وصفها بالكارثية في قطاع غزة على ضرورة أن تشمل الترتيبات الجارية للانتخابات الفلسطينية حراكاً محلياً وإقليمياً ودولياً لإنهاء بعدم تكراره مستقبلاً، معتبراً أن المدخل الصحيح لإنجاح الانتخابات صدور قرار دولي ملزم بإنهاء الحصار على غزة الذي اتفقت المرجعيات القانونية الدولية على أنه يشكل جريمة حرب.
المعابر
ووفق التقرير، فإنه وقبل فرض الحصار على قطاع غزة، بلغ المعدل الشهري لخروج الفلسطينيين من حاجز إيرز الذي تديره إسرائيل حوالي 30,000 حالة خروج. وفي عام 2019 بلغ المعدل الشهري لخروج الفلسطينيين عبر حاجز إيرز حوالي 14,960 حالة، أما في عام 2020 فقد بلغ المعدل الشهري لحالات الخروج من قطاع غزة حوالي 4,600 حالة، أي بتراجع بلغ نحو 85% عن معدل ما قبل فرض الحصار عام 2006.
أما فيما يتعلق معبر رفح مع مصر، ففي عام 2019، بلغ المعدل الشهري لخروج ودخول الفلسطينيين من خلاله نحو 12,172 حالة، أما في عام 2020، فقد بلغ المعدل الشهري نحو 4,245 حالة فقط.
المئات من أهالي قطاع غزة ينتظرون فتح المعبر على أحر من الجمر ليتمكنوا من السفر لتحقيق أهدافهم على اختلافها، مناشدين الجانب المصري بالنظر إليهم بعين الرحمة من أجل تسهيل سفرهم وفتح المعبر بأسرع وقت، لكي لا تُدمَّر مصالحهم.
وكان معبر رفح البري قد فتح آخر مرة في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أمام حركة المسافرين لمدة 3 أيام، ولم يفتح بعدها رغم المناشدات المستمرة من المواطنين. وفي إحصائية تقريبية لعمل المعبر في عام 2020، فقد تم فتحه 90 يومًا في العام، في حين بلغت أيام الإغلاق 275 يومًا. وفي أيام فتحه بلغ عدد المغادرين من غزة 25120 مسافرًا، في حين وصل 25530 عالقًا، في حين بلغ عدد المرجعين من الجانب المصري لدواعٍ أمنية وغيرها 2245 مرجعًا.
في الختام؛ يجب أن نوجه تحية شكر للغزاويين الذين يقاومون الاحتلال بكل ما يملكون من قوة ورباطة جأش، وقد أثبتوا حتى اللحظة أنهم قادرون على المقاومة ومواجهة الحصار، وهم يعلمون تماما أن المقاومة هي الحل الوحيد لردع العدو الاسرائيلي الذي يراهن على استسلام اهالي القطاع.