الوقت- بعد مرور ثلاث سنوات على الأزمة الخليجية والحصار الجائر الذي فرضته السعودية والإمارات وعدد من الدول العربية على دولة قطر، وفشل جميع المحاولات الدبلوماسية والسياسية لحل هذه الأزمة، أعلن وزير الخارجية الكويتي، الشيخ "أحمد ناصر المحمد الصباح"، قبل عدة أسابيع عن إجراء مباحثات مثمرة لحل الأزمة الخليجية، بعد جهود كويتية واقليمية. وأضاف الشيخ "أحمد" في بيان قصير ألقاه عبر التلفزيون الكويتي، أن كل الأطراف التي شاركت في مباحثات المصالحة، أعربت عن حرصها على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي، يحقق التضامن الدائم بين الدول. وخلال الفترة الماضية، صرح نائب وزير الخارجية الكويتي، "خالد الجار الله"، أنه تم التوصل اتفاق نهائي للأزمة الخليجية. وقال "الجار الله"، "إن الخلاف الخليجي طوي، وتم التوصل إلى اتفاق نهائي برعاية كويتية". وأشار الجار الله إلى أن "خطوات ما بعد اتفاق إنهاء الخلاف الخليجي ستكون مدروسة ومحسوبة بشكل جيد".
وأكد نائب وزير الخارجية على "وجود جهود كبيرة ومتواصلة من جميع أطراف الخلاف الخليجي لحل الأزمة". وفي كلمة بثها تلفزيون الكويت، يوم أمس الجمعة، قال نائب الوزير الكويتي إن مباحثات مثمرة جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية المستمرة منذ 2017 بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من ناحية أخرى. واعتبر وزير الخارجية القطري في تغريدته على "تويتر"، بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية. وسبق أن حاولت الكويت وكذلك سلطنة عمان وإيران وعدد من الدول الاقليمية بذل جهود وساطة لإنهاء الأزمة الخليجية، دون أن تكلل جهودهما بالنجاح. وفي 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات السياسية والتجارية وروابط النقل مع قطر، متهمة إياها بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة، التي اعتبرت أن الحظر المفروض عليها يهدف إلى النيل من سيادتها.
وقبل عدة أيام أعلنت العاصمة القطرية، أن الشيخ "تميم بن حمد" أمير البلاد سوف يشارك في اجتماع دول مجلس التعاون الخليجية الذي عُقد يوم أمس الثلاثاء في مدينة العُلا السعودية وهذا الأمر أكد على ذوبان الجليد بين الرياض والدوحة وأن طرفي النزاع وافقا أخيراً على المصالحة وفتح الحدود بين البلدين ورفع الحظر الجوي والبري الذي فرضته السعودية وعدد من الدول العربية على قطر. وحول هذا السياق، قال رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض "محمد عبدالسلام"، يوم أمس الاثنين، إن ما يحصل على صعيد الخليج يؤكد أن سياسة الحصار والحرب والعدوان وصلت إلى حائط مسدود. وأشار "عبدالسلام" إلى أن الاحترام المتبادل هو أسلم وأقصر الطرق لتحقيق الأمن والاستقرار.
ومن جانبه، بارك عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن "محمد علي الحوثي" لقطر وشعبها رفع الحصار، مرحبا بعودة العلاقات القطرية السعودية. وفي تغريدة عبر "تويتر"، كتب "الحوثي": "نبارك لقطر وشعبها رفع الحصار ونبارك عودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية". وأعرب عن تمنيه بأن تكون هذه الخطوة بداية لإنهاء الحروب والتوترات في المنطقة، وعودة الحكمة العربية بتعزيز التآخي وإيقاف الحرب في اليمن وفك الحصار عنه. كما حدد القيادي في جماعة "أنصار الله"، ثلاثة محاور يمكن على أساسها أن تتضح نتيجة المصالحة بين قطر ودول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) في ضوء انعقاد القمة الخليجية اليوم بمدينة العُلا السعودية. وقال القيادي "الحوثي" في تغريدة على حسابه في "تويتر": "محك المصالحة الخليجية مع قطر برعاية الكويت ثلاث محاور ستؤكد حتمية النتيجة… أن لا يكون فك الحصار شكلي بمعنى عودته بعد القمة. أن لا تكون من أجل التطبيع، بحيث يكون هو هدف القمة، وأهم مخرج لها خصوصا مع حضور وفد أمريكي بالقمة. أن يكون نابعا عن استقلالية كل دولة مع الحفاظ على علاقاتها الندية الدولية".
وعلى صعيد متصل، أعلنت الكويت عن اتفاق لفتح الحدود والأجواء بين السعودية وقطر اعتبارا من الليلة، مشيرة إلى أمير الكويت "نواف الأحمد الصباح" أجرى اتصالين مع أمير دولة قطر الشيخ "تميم بن حمد" وولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" من أجل توقيع بيان قمة العلا. وقال ولي العهد السعودي إن "قمة مجلس التعاون ستكون قمة جامعة للكلمة موحدة للصف وستترجم التطلعات نحو لم الشمل والتضامن". وأعلن الديوان الأميري في قطر أن الأمير "تميم بن حمد آل ثاني" سيترأس وفد بلاده لحضور القمة الخليجية في العلا بالسعودية. وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في حزيران 2017 ووضعت شروطاً للمصالحة، بينما اعتبرت قطر القرار الخليجي بأنه حصار عليها.
ولقد أشارت العديد من التقارير شبه الرسمية إلى أن القمة الخليجية التي تنعقد يوم أمس الثلاثاء في مدينة العُلا السعودية ربما تشهد الإعلان عن رفع القيود المفروضة على استخدام قطر للمجال الجوي للدول المحاصِرة، جنبا إلى جنب مع تدشين مفاوضات رسمية مباشرة لحل نقاط الخلاف بين الطرفين. كان هذا الاختراق فيما يبدو ثمرة لجهود دبلوماسية مكثفة قادتها الكويت على مدار الأسابيع الماضية. ولكن رغم تلك المؤشرات الإيجابية، هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى عدم المبالغة في التفاؤل، وتدفع للنظر إلى التطورات الحالية بقدر أكبر من الحذر. فكما هو معلوم، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تنجح فيها جهود الوساطة في إحداث اختراقات محدودة في جدار الأزمة الصلب. وقد وقع أبرز هذه الاختراقات خلال النصف الأخير من العام الماضي 2019 الذي شهد مؤشرات إيجابية غير مسبوقة حول قرب الوصول إلى تفاهم خليجي، في مقدمتها حضور رئيس الوزراء القطري السابق "عبد الله بن ناصر آل ثاني" اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي الطارئ في مكة، في مايو/أيار للعام المذكور، لمناقشة المخاوف الأمنية الجماعية للدول الخليجیة أعقاب الهجمات على ناقلات النفط وخطوط أنابيب النفط السعودية، في زيارة هي الأولى لمسؤول قطري إلى المملكة منذ بدء الحصار.
وفي الختام يمكننا القول أنه ينبغي علينا الانتظار لما سوف تقدمه لنا الايام القادمة، وذلك من أجل معرفة طبيعة وحقيقة هذه المصالحة وهل سوف تتمكن الدول المتصالحة من الثقة ببعضها البعض مجدداً أم أن تلك المصالحة سوف تظل حبراً على ورق، خاصةً وأن الرياض تبذل الكثير من الجهود للسيطرة على منطقة الخليج الفارسي وفرض إرادتها وقوانينها على تلك الدول العربية الصغيرة.