الوقت- في ظل الوساطة الرامية لإنهاء الأزمة الخليجيّة، وجهود إدارة الرئيس الأمريكيّ المنتهية ولايته، دونالد ترامب، لتسوية الأزمة التي نشبت بين الدول الخليجية في 5 من يونيو/حزيران عام 2017، والتي كان آخرها زيارة صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، للسعودية ومن ثم قطر، أثارت تغريدة لمستشار ولي عهد أبو ظبي السابق، عبد الخالق عبد الله، الكثير من التساؤلات حول الدور الإماراتيّ ومحاولات تخريب المصالحة الخليجيّة قبل أن تبدأ، حيث أكد المسؤول الإماراتيّ أن "المصالحة مع قطر لن تتم دون موافقة ومباركة الإمارات".
قطار المصالحة
ضجت المواقع الإخباريّة العربيّة بتصريحات أستاذ العلوم السياسية الإمارتي، عبد الخالق عبد الله، الذي أشار إلى أنّ قطار المصالحة الخليجية لن يتحرك مليمتراً واحداً بدون علم وموافقة ومباركة الإمارات المسبقة، وجاءت التصريحات الإماراتيّة بعد أيام من إعلان دولة الكويت عن وجود تفاهمات لإنهاء الأزمة الخليجية، أو ما يعرف بـ "مقاطعة قطر" أو "الحصار الرباعيّ" على الدوحة.
وقد أثارت تصريحات الأكاديميّ المعروف بقربه من ديوان محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي وحاكم الإمارات الفعلي، ضجة كبيرة في الأوساط السياسيّة الخليجيّة حيث أوصلت رسالة "شبه رسميّة" إلى الدول الخليجيّة وعلى وجه الخصوص السعوديّة، بأنّ الدور الإماراتيّ حاسم في نجاح تلك القضيّة الشائكة والمعقدة، والتي لا يمكن أن تنتهي بمجرد "إعلان المصالحة".
وحتى اللحظة لم تعبر أبو ظبي بشكل واضح عن موقفها الصريح من إعلان الكويت، بعد أن عطلت الأخيرة قبل أشهر، اتفاقا خليجياً بوساطة أمريكية لإنهاء الأزمة الخليجية، بعد سلسلة من المناقشات بين كبار قادة قطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة ترامب منذ أشهر لإعادة المياه إلى مجاريها مع قطر، لكن الإمارات غيرت المعادلة في اللحظة الأخيرة، وطلبت من الرياض أن ترفض مقترح المصالحة الأمريكيّ، الذي يحاول تعزيز الجبهة المعاديّة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.
وفي الوقت الذي شكلت فيه الإمارات "حجر الزاوية" في إشعال فتيل الأزمة بين الدول الخليجية وتصعيدها، سعت لإفشال جهود التوصل إلى حل الأزمة الخليجية، بعد أن فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصاراً برياً وجوياً وبحرياً على قطر، بسبب اتهامات بدعمها للإرهاب بالإضافة إلى علاقتها مع طهران.
أسباب خفيّة
صعدت الرياض من جهودها في الفترة الأخيرة لحل أزمتها المستمرة مع قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات، بالتزامن مع خسارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة، والذي كان يعرف بمدى تقاربه مع آل سعود، وترغب السعودية في إنهاء القطيعة مع الدوحة في محاولة من ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، لكسب ود الإدارة القادمة للرئيس الجديد جو بايدن من جهة، وتقديم ذكرى الوداع إلى ترامب الذي حول المملكة إلى "بقرة حلوب" لواشنطن في عهده، من جهة أخرى.
وفي تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط قبل أسبوعين، نقلاً عن مستشار للسعودية والإمارات، إلى أنّ “هذا سيكون بمثابة هدية لبايدن، وأضاف أنّ بن سلمان يشعر وكأنه في "مرمى النيران” بعد هزيمة ترامب في الانتخابات ويريد صفقة مع قطر ليظهر أنّه مستعد وجاهز لتقديم الطاعة، وتتركز مطالب القيادتين السعودية والإماراتيّة من قطر في تخفيف حدة قناة الجزيرة الناطقة بالعربيّة والتابعة لنظام آل ثاني، وانهاء انتقادها للسعودية، في الوقت الذي تتهم القناة بأنّها "أداة دعائية للنظام القطريّ"، فيما تريد الدوحة التأكّد من عدم وجود شروط مسبقة قبل أيّ محادثات ثنائيّة، ناهيك عن إجراءات “بناء الثقة” مثل رفع الحظر الجويّ والسماح بحريّة تنقل المواطنين القطريين إلى الدول التي فرضت الحظر.
يشار إلى أنّ مستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ، روبرت أوبراين، قال في وقت سابق: " آمل أن أرى الخطوط الجويّة القطريّة قادرة على التحليق فوق الدول العربيّة المقاطعة في الـ70 يوما المقبلة أي قبل نهاية فترة ترامب الرئاسيّة، حيث تحاول واشنطن حل الأزمة الخليجيّة ليس كُرمى عيون الخليجيين بل لتأطير العلاقة بين طهران والدولة الأولى في العالم من حيث نصيب الفرد والتي تستخدم المجال الجويّ الإيرانيّ في رحلاتها من وإلى قطر.
وما ينبغي ذكره، أنّ السعودية والإمارات قدمتا قائمة من 13 مطلباً لإيقاف العقوبات على قطر، من بينها إغلاق قناة الجزيرة، وتقييد العلاقات مع طهران، وإغلاق القاعدة العسكريّة التركيّة.
العلاقات السعوديّة – الإماراتيّة
رغم تراجع السعودية عن مواقفها بعد بضعة سنوات على قرار المقاطعة العربيّ، لا يبدو أنّ الإمارات ترغب في ردم الهوة مع قطر، وإنّ اشترك البلدين في النظر إلى تركيا (الحليف الإخوانيّ لقطر) بوصفها تهديداً حقيقيّاً لأمن الدول الخليجية لم يمنع الرياض من كسر الجليد عن العلاقات التركية – السعودية، وإنّ انخراط الإمارات والسعوديّة في الحرب على اليمن فيما يسمى "التحالف العربيّ"، لا يعني عدم وجود "فجوة سياسيّة" بين البلدين في ملفات عديدة أهمها الملف اليمنيّ والقطريّ.
وبغض النظر عن الاختلاف بين البلدين حول ليبيا ودعم العقيد المتقاعد، خليفة حفتر، وغيرها من الملفات، لم تتبع الإمارات السياسة السعودية في عدد من الملفات.
بناء على ذلك، تتجه العلاقات الإمارتيّة – السعوديّة نحو التأزم وإن لم يظهر ذلك على السطح، والدليل هو التصريحات شبه الرسميّة الصادرة عن مسؤولين سابقين وأكاديميين معروفين من كلى البلدين، فيما يتصدر الملف القطريّ أبرز عناوين الخلاف بين القيادات السعوديّة والإماراتيّة.