الوقت- لا تكفّ الهيئات الحقوقيّة الدوليّة والناشطون في مجال حقوق الإنسان عن تحركاتهم للضغط على السلطات السعودية لإطلاق سراح الناشطين الحقوقيين البارزين ولا سيما الناشطة لجين الهذلول الناشطة السعودية المعروفة في مجال حقوق المرأة، وولي عهد السعودية السابق الأمير محمد بن نايف، وشقيق العاهل السعوديّ الأمير أحمد بن عبد العزيز، ولا تبدي المملكة أيّ تعاون في مجال حقوق الإنسان رغم الانتقادات الدوليّة المكثفة والدعوات المكررة للرضوخ للقوانين الإنسانيّة والأخلاقيّة.
لا يخفى على أحد أنّ السعوديّة تواجه مشاكل دوليّة كبيرة بينها جريمة تقطيع الصحافيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، داخل قنصليّة بلاده في اسطنبول، وقضية حرب اليمن التي أماطت اللثام عن وجوه حكام آل سعود، ناهيك عن سجناء الرأيّ والمدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية وبعض كبار الأمراء المنافسين لولي العهد الحالي محمد بن سلمان، وأبرزهم ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف (61 عاما) والأمير أحمد بن عبد العزيز (78 عاما) واللذان تم اعتقالهما في آذار خلال حملة "القضاء على المنافسين" ضد كبار أفراد العائلة المالكة.
وخلال لقاء مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، قدمت منظمات حقوقيّة وشقيقة الناشطة الهذلول أدلة حيّة إلى لجنة تقصي حقائق بريطانيّة تحقق في ظروف احتجاز الأميرين السعوديين والهذلول، ومن بين لجان حقوق الإنسان التي تشارك في اللقاء "هيومن رايتس ووتش" و"الحرية الآن Freedom Now" و "داون DAWN" و"QST" و "مبادرة الحرية" و "مينا" لحقوق الإنسان والتي ستقدم أدلة حيّة إلى اللجنة البرلمانيّة التي تحقق في ظروف احتجاز المعتقلين السياسيين السعوديين.
وتنعقد جلسة الأدلة الحيّة المُدينة لانتهاكات السلطات السعوديّة وسط دعوات لدول مجموعة العشرين لمقاطعة قمة مجموعة الـ20 الاقتصاديّة، التي تستضيفها الرياض أواخر تشرين الثاني المقبل، حتى إطلاق سراح النشطاء الحقوقيين والمعتقلين داخل زنازين المملكة، وسيترأس الجلسة رئيس لجنة تقصي الحقائق، عضو البرلمان المحافظ، كريسبين بلانت، بمشاركة اثنين من زملائه في اللجنة، المتحدثة باسم حزب الديمقراطيين الأحرار للشؤون الخارجية، ليلى موران، والنائب المحافظ ،عمران أحمد خان، إلى جانب المستشارة القانونيّة هايدي ديجكستال.
ومن الجدير بالذكر أنّ لجنة تقصي الحقائق اجتمعت مع السفير السعوديّ لدى بريطانيا، خالد بن بندر، ودعت الحكومة السعودية للمشاركة في الجلسة، لكن السعودية لم تستجب بعد للدعوة، وكان السفير السعوديّ قد صرح لصحيفة الغارديان البريطانيّة، أنّ بلاده "تدرس" العفو عن الناشطات المعتقلات، وبينهن "لجين الهذلول" المضربة عن الطعام منذ أسبوعين، قبل استضافة قمة مجموعة الـ20.
يشار إلى أنّ تصريحات ابن رئيس الاستخبارات السعوديّة السابق، بندر بن سلطان، وخليفته في سفارة المملكة في لندن، تحدثت عن أنّ نقاشاً يدور في وزارة الخارجيّة بشأن ما إذا كان استمرار احتجاز الناشطات يكلف المملكة ضرراً سياسياً يفوق جدوى اعتقالهن، مدعيّاً أنّ القضاء السعوديّ قد توصل إلى أنّ الناشطات مذنبات بأكثر من مجرد الدفاع عن الحق في القيادة.
وباعتبار أنّ السعوديّة هي الرئيس الحاليّ لمجموعة الـ20 للاقتصادات الكبرى، فشلت الرياض بتلميع سجلها "المُشين" في حقوق الإنسان، والتي أنفقت مليارات الدولارات على استضافة فعاليات ترفيهيّة وثقافيّة ورياضيّة كبرى، واعتمدتها كاستراتيجيّة مقصودة لحرف الأنظار عن جرائمها المتفشيّة، وخاصة بعد مطالبات البرلمان الأوروبيّ بوضع ملف حقوق الإنسان في صُلب كل مناقشات مجموعة الـ 20.
يُذكر أنّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمّم المتحدة، انتقدت بشكل لاذع في وقت سابق، المحاكمة السعوديّة في قضيّة مقتل الصحافيّ جمال خاشقجي، وشدّدت على ضرورة مقاضاة المسؤولين عن مقتله ووجوب صدور أحكام تتناسب مع حجم الجريمة، وذلك في ردٍ على الأحكام التي أصدرتها السعودية حول تلك القضيّة، معتبرةً أنّها تفتقر للشفافية، وأنّ القضية شابها خلل في تحديد المسؤولين الحقيقيين عن الجريمة.
كذلك، قادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، والتي تتخذ من مدينة نيويورك الأمريكيّة مقراً لها، حملة عالميّة لتحرير نشطاء تحتجزهم السلطات السعودية بشكل غير قانونيّ ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات سابقة، وذلك قبل قمة افتراضية تعقدها المجموعة، في المملكة، أواخر الشهر الحاليّ، وذكرت المنظمة، في بيان، أنّ رئاسة مجموعة الـ20 منحت حكومة ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان "درجة غير مستحقة من الهيبة الدوليّة" بالرغم من اعتدائها المستمر على الحريات.
إضافة إلى كل ذلك، خسرت السعودية انتخابات مجلس حقوق الإنسان، التي جَرت قبل أسابيع، في قاعة الجمعيّة العامة للمنظمة الدوليّة، والذي يضم 47 دولة حول العالم، وكانت آسيا والمحيط الهادئ هي المنطقة الوحيدة التي جرى التنافس على تمثيلها في انتخابات 2020، حيث حصلت السعودية، الرئيس الحاليّ لمجموعة الـ 20 الاقتصاديّة، على أقل الأصوات بين الدول المتنافسة، فيما يتطلب الفوز بعضوية المجلس الحصول على ثلثي أصوات أعضاء الجمعية العامة أي نحو 193 دولة.