الوقت- لا نبالغ إذا قلنا أن الغابة لها قانونها الخاص بينما هذا العالم لا يسير وفق أي قانون، حيث ظهرت في السنوات القليلة الماضية عدوانية ولا انسانية غير معقولة من قبل بعض دول المنطقة ولأسباب غير مقنعة تصب جميعها في إطار "الأطماع" وتركيا التي تحاول أن تختبأ خلف اصبعها تمارس هذا الظلم والاانسانية على الشعب السوري منذ بداية الأزمة السورية وعلى طول الحدود المشتركة، حيث تنشر قواتها داخل الأراضي السورية دون اذن من الحكومة السورية في اعتداء واضح على السيادة السورية، ومع ذلك تسوق لنفسها أنها جاءت لتحمي الشعب السوري وتحمي أمنها القومي من الأكراد، لنحاول أن نتفق مع تركيا في هاتين النقطتين لترى ان كانت ما تدعيه صحيحاً، ولكن تصرفاتها لا تدعنا نتفق معها ولا ثانية واحدة، هل تعطيش سكان الحسكة لأكثر من اسبوعين هو لحماية الشعب السوري وحماية أمنها، مالمبرر للقيام بمثل هذه الخطوة الغير انسانية؟.
الأغرب من هذا أن العالم يراقب ما يجري في الحسكة بصمت مطبق وكان الذين يموتون عطشاً ليسوا من هذا العالم، حيث لم تتدخل الدول الكبرى ولا حتى المنظمات الانسانية لرفع هذا الظلم عن شعب الحسكة؛ نحن نتكلم عن أكثر من مليون مواطن يموتون عطشاً دون أن أي خطوة فعلية على ارض الواقع، لماذا لا يتحرك العالم الاسلامي على الأقل ويدين ما تقوم به تركيا وينقذ آلاف الناس ويؤمن لهم أبسط حاجاتهم الأساسية التي تمثل أبسط حقوقهم.
تركيا أوقفت تشغيل محطة مياه علوك، لتمارس عملية عقاب جماعي غير إنسانية وغير أخلاقية تهدف للضغط على السكان الذين يقطنون في مناطق سيطرة القوات الكردية وهو ما أفضى خلال الأيام الماضية إلى كارثة في المدينة وأريافها.
محاولات الأهالي والدولة السورية لانقاذ ما يمكن انقاذه
لم يستطع الأهالي القيام بأي خطوة كبيرة على اعتبار انهم محاصرين ومع ذلك قدكوا جميع امكانياتهم لانقاذ الوضع، حيث حفروا آبار محلية لتوفير مياه الشرب، لكنها في الحقيقة ملوثة وغير صالحة للشرب، والخطوة الثانية التي قاموا بها هي مناشدة العالم لانقاذهم عير وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إطلاق هاشتاغات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل #الحسكة_عطشى و #أنقذوا_الحسكة #الحسكة_تختنق_عطشاً، بالإضافة لمطالبتهم جميع المنظمات الدولية العاملة في المحافظة لتحييد مياه الشرب عن النزاع العسكري والسياسي باعتبار هذا النوع من الضغط يُصنّف جريمة حرب متكاملة.
وانتشرت عبر منصّات التواصل الاجتماعي في سورية أوسع حملة تضامن مع أهالي الحسكة وتصدّر هاشتاغ “العطش يخنق الحسكة” مواقع التواصل.
وبعد هاشتاغ "العطش يخنق الحسكة" الذي انتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت تظهر محاولات أخرى لترويج صور ورسوم تعبيرية علها تسهم في لفت انتباه العالم إلى أزمة عطش حقيقية تعيشها المدينة وجزء كبيرا من ريفها، ويقدر عدد الواقعين تحت خطر العطش بمليون شخص.
ومع اشتداد معاناة السكان، يتسابق العديد منهم على الصهاريج التي سيرتها الجهات الحكومية، للحصول على جزء من حاجتهم من مياه الشرب، مع اعتماد السكان على مياه الآبار السطحية المالحة، التي تمّ حفر نحو 300 بئر في عدد من أحياء المدينة، بهدف الاستخدامات المنزلية.
مناشدات وادانات سورية
سوريا تحذر من استمرار الكارثة في الحسكة وتنبّه الأطراف "التي تدعي حرصها على القانون الإنساني الدولي من مغبة استمرار استخدام المياه كوسيلة حرب".
أدانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بأشد العبارات الجريمة المستمرة التي ترتكبها القوات التركية من خلال قطعه مياه الشرب عما يزيد على مليون مواطن سوري في مدينة الحسكة وجوارها مؤكدة أن قطع المياه عن المواطنين جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي بما في ذلك اتفاقيات جنيف المتعلقة بوضع المدنيين زمن الحرب.
وقالت الوزارة في: "لقد قام النظام التركي وأدواته وبمباركة من الإدارة الأمريكية والإرهابيين على الجانبين الأمريكي والتركي باستخدام المياه كسلاح حرب ضد المدنيين السوريين من نساء وأطفال وشيوخ ومقعدين لأغراض سياسية لا إنسانية وذلك من خلال التوافق على قطع مياه الشرب عن محطة مياه علوك لما يزيد على 16 مرة خلال الأشهر الأخيرة حيث تراوحت مدة قطع المياه بين أسبوع وعدة أسابيع".
وأكدت الوزارة أن "سوريا تطالب أصحاب الأصوات التي ارتفعت دون أن تهدأ بما في ذلك في منظومة الأمم المتحدة وخاصة مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية بأن تكون على مستوى المسؤولية وتثبت احترامها لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وذات الشيء ينطبق على دول الاتحاد الأوروبي وقياداته".
وختمت وزارة الخارجية والمغتربين بيانها بالقول:" تعيد سوريا التذكير بأن ما تشهده محافظة الحسكة من كوارث وماس جاء تجسيدا لأهداف الاحتلال العسكري التركي والاحتلال العسكري الأمريكي لأراض سوريت.. وما تحالف قوات الاحتلال العسكرية التركية وقوات الاحتلال الأمريكية مع الإرهابيين من "داعش" و"جبهة النصرة" و"قسد" وغيرها من التنظيمات الإرهابية إلا عدوان على سيادة واستقلال سوريا وانتهاك جسيم لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.. وآن الأوان لهذا الاحتلال كي ينتهي".
من جانبه دعا مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، المنظمة الدولية للتدخّل لإنهاء مُعاناة سكان مدينة الحسكة السورية جرّاء قيام السلطات التركية بقطع مياه الشرب.
وفي اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أطلعه الجعفري على الوضع المأساوي في مدينة الحسكة وضواحيها جرّاء قطع “النظام التركي” لمياه الشرب عن محطّة علوك والآبار المغذية لها.
وأكّد مندوب سوريا الدائم أن هذا السلوك العدواني التركي يُشكّل “جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”، مضيفا أن الوضع الناجم عن هذه الجريمة لا يُحتمل، لا سيما في ظل المناخ الحار وخطر انتشار جائحة كورونا، وطالب الجعفري الأمين العام التدخّل بشكل فوري و”بذل مساعيه الحميدة لوقف هذه الجريمة”.
وتقوم الحكومة السورية بمحاولات نقل مياه بشكل عاجل عبر الصهاريج إلى سكان المحافظة بالرغم من أن قسما كبيرا منها يقع تحت سيطرة قوات "قسد" والفصائل الكردية المناوئة للحكومة السورية.
ويبدو أن تركيا أقدمت على قطع المياه من المصدر الوحيد الذي يغذّي أهالي المحافظة كردٍّ على قطع الإدارة الذاتية الكردية المسيطرة على أجزاء من محافظة الحسكة للكهرباء عن منطقة رأس العين وتل أبيض اللتان تقعا تحت سيطرة القوات التركيّة في الشمال.
في المقابل تبرّر الإدارة الكردية قطع الكهرباء بتخفيض الجانب التركي الوارد المائي من محطة علوك إلى أقل من 10% من طاقتها الفعلية، واقتصاد الضخ على مضخة واحدة من أصل 10، ويحاول سكان الحسكة حفر الآبار كبديل عن تحكّم أنقرة بماء الشرب، إلا أنّ مياه تلك الآبار حسب السكان ليست صالحة للشرب بسبب ملوحتها وتلوّثها بمياه الصرف الصحي.