الوقت- عقدت المائدة المستديرة المتخصصة لمعهد "أنديشه سازان نور" للدراسات، بمناسبة "ذكرى المقاومة الإسلامية". وبحث الاجتماع، الذي حضره خبراء إقليميون وخبراء من غرب آسيا، الأبعاد المختلفة لـ "فصائل المقاومة" في المنطقة.
الجزء الأول من الاجتماع: شرح مفهوم المقاومة
في بداية اللقاء، رحب الدکتور"سعد الله زراعي" مدير معهد "أنديشه سازان نور" للدراسات بالخبراء والمشاركين، واستعرض أبعاد المقاومة المختلفة في المنطقة.
في هذا الاجتماع، عرّف "الدكتور زارعي" المقاومة، واعتبر أن معناها واسع جدًا.
وبحسب "زارعي"، فإن المقاومة اليوم لديها علامات وبطاقة هوية وحضارة، وتقوم على نمو الإنسان وكرامته.
وفي هذا الصدد، قال مدير معهد أنديشه سازان نور للدراسات: "المقاومة تتطور الآن لتلعب دورًا خارج المنطقة، وجمهورية إيران الإسلامية عضو في المقاومة، ومن جهة أخرى، المقاومة تنطلق من الجمهورية الإسلامية، وقيادة المقاومة موجودة نوعاً ما في جمهورية إيران الإسلامية. واليوم تقترب المقاومة من حدود الدول المعادية ومن بينها الولايات المتحدة باعتبارها العدو الرئيسي، وهذا أمر بالغ الأهمية".
بدوره صرح السيد "حسن كاظمي قمي" الخبير في الشؤون الإقليمية والسفير الإيراني السابق لدى العراق، بخصوص موضوع المقاومة:
"يعد الشرق الأوسط اليوم مركزًا للتطورات السياسية والجيوسياسية التي لها تأثيرها على مستقبل النظام الدولي، ونظراً لأهمية غرب آسيا، يمكن أن يكون لقضايا المنطقة آثار عميقة في تشكيل النظام الدولي الجديد. من ناحية أخرى، فإن النطاق الجغرافي للمقاومة اليوم لا يقتصر على جمهورية إيران الإسلامية فحسب بل يمتد من شمال إفريقيا إلى اليمن و...".
وبحسب كاظمي قمي، فإن التطورات الدولية اليوم تشمل المواجهة بين جبهة المقاومة ومعارضيها، وهذه مسألة مهمة للغاية، وكل الضغوط الاستکبارية على إيران تتم بسبب هذه المعارضة.
وأضاف السفير الإيراني السابق في العراق: "العقوبات والضغوط على إيران ترجع إلى الكشف عن خطط العدو وفضحها، رغم أن طريق الجمهورية الإسلامية الإيرانية يزداد إشراقاً يوماً بعد يوم، والاقتدار الإقليمي لإيران يظهر بوضوح على المستوى الدولي، والاقتصادات الرئيسية في العالم اليوم مستعدة للتعامل مع إيران على الرغم من العقوبات الأمريكية، وهذا يدل على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنصر بناء وحاسم، وهذه الظروف ترجع إلى وجود المقاومة في إيران".
وقال الخبير في الشؤون الإقليمية: "سماحة القائد يؤكد على المقاومة أيضاً، ويعتبر المقاومة نموذجاً، ونرى نفس مسار المقاومة بعد إيران في العراق واليمن وفلسطين وسوريا. لقد حققت فلسطين انتصاراتها بعد أن سلكت طريق المقاومة. فلسطين خسرت كل مكاسبها في المراحل السابقة للتسوية، لكنها تمكنت من استعادة غزة عندما واصلت المقاومة".
وأوضح السفير الإيراني السابق في العراق الأبعاد المختلفة للمقاومة في المنطقة، وتابع في هذا الصدد: "وفيما يـتصل بالعراق، استطاعت المقاومة ضد المحتل العبور بالعراق من مشاکله، وفي سوريا من عام 2011 حتى اليوم، كل جبهات الاستکبار دعمت الإرهاب وفتحت كل الحدود لدعم الإرهاب في سوريا، لكن في النهاية استطاعت المقاومة أن تنتصر في سوريا، وهذا هو الطريق الذي انطلق من إيران".
وبحسب خبير الشؤون الإقليمية، فإن المقاومة في لبنان كانت فعالةً جدًا أيضًا، وخلال العدوان على لبنان في حرب الـ 33 يومًا عام 2006، تمكنت مقاومة الشعب اللبناني التي استمرت 33 يومًا من كسر العقيدة الأمنية للکيان الصهيوني المحتل. وفي اليمن أيضاً فشلت السعودية في تحقيق أهدافها، لأن المقاومة كانت بيد القوات اليمنية، واليوم تلعب أنصار الله دوراً مشروعاً في الساحة الإقليمية والدولية، وشکلت حكومة الإنقاذ الوطني، ولا يمكن للرئيس اليمني المستقيل الهارب العودة. واليوم، يمكن رؤية ترابط العلاقات الإيرانية اليمنية على الرغم من معارضة وعرقلة الولايات المتحدة.
وبشأن المقاومة في العراق، أشار كاظمي قمي إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق وقال: "انسحاب الولايات المتحدة من العراق نهائي وفق قرار مجلس النواب".
في الوقت نفسه، أضاف الخبير في شؤون المنطقة: "المقاومة لا تعني الفوضى، بل المقاومة تأتي من نظام وسلطة الشعب، والحشد الشعبي يأتي من سلطة الشعب، وعندما تظهر هذه القوة في الميدان فلا مجال للإرهابيين والمحتلين. ولهذا عرقلت المقاومة المخطط غير الشرعي للولايات المتحدة في المنطقة. وإذا كانت حرب الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا للتفكيك وخلق الانقسامات، ولكن مع المقاومة فشلت هذه الخطط وبقيت حكومات المقاومة مثل الحكومة السورية. واليوم، جبهة المقاومة في لبنان لا يمكن مقارنتها بما كانت عليه قبل عام 2006، واليوم يحذر سيد المقاومة العدو علانيةً من أي اعتداء".
وبحسب كاظمي قمي، فإن نموذج المقاومة الذي کان قائده "الشهيد الفريق سليماني"، حقق النصر أينما دخل، ومن المهم الحفاظ عليه.
ثم جاء الدور لمداخلة "حسين أكبري" الخبير في الشؤون الإقليمية والسفير الإيراني السابق لدى ليبيا، والذي قال عن المقاومة:
"بعد رحيل الإمام الخميني(رحمه الله)، شهدنا أحداث البوسنة والهرسك، ورغم الجهود التي بذلت ضد المقاومة والمسلمين، بقي المسلمون في تلك الجغرافيا، وبحسب الخبراء فإن مصير التطورات لم يكن معروفاً لولا وجود إيران".
وعن الأبعاد التبيينية للمقاومة، قال أكبري: "اليوم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقف خطاب المقاومة ضد الأعداء، وفشل خطاب الديمقراطية الليبرالية أمام المقاومة. وبينما يسعى تيار الاستکبار للهيمنة على الأمم، إلا أن الأمم والشعوب تسعى إلى الاستقلال ومواجهة الاحتلال، ومن جملة ذلك نجد أن دولاً مختلفةً عبر التاريخ تحتفل باستقلالها، حتى في الغرب، وبالتالي فإن الاستقلال أمر طبيعي وفطري للبشر، والإنسان يسعى للحرية والنضال ضد الهيمنة والاحتلال، والمقاومة تقوم على هذه القيم الفطرية".
وبحسب أكبري، استطاعت المقاومة اليوم أن تلعب دورها في مجال القوة الناعمة، وفي مجال القوة الصلبة أيضاً، كانت إنجازات المقاومة في مناطق جغرافية مختلفة كبيرةً جدًا مقارنةً بنظام الهيمنة، ورغم أن نظام الهيمنة له أدوات مختلفة بما في ذلك المنظمات الدولية، لكن إنجازات المقاومة كانت ملحوظةً جداً، وجبهة الاستکبار لم تحقق شيئاً.
ووفقاً لأكبري، استطاعت المقاومة أن تحيي هذا الأمل في نفوس الشعوب، حتى تتمكن من مقاومة نظام الهيمنة.
كما ذكر السفير الإيراني السابق في ليبيا في تعريفه للمقاومة: "كل دولة في العالم اليوم، بغض النظر عن أي دين أو مدرسة فکرية، إذا كانت تسعى إلى الاستقلال السياسي والثقافي، فهي جزء من جبهة المقاومة".
الجزء الثاني من الاجتماع: إنجازات المقاومة
وفي جانب آخر من اللقاء، أشار كاظمي قمي الخبير في شؤون المنطقة إلى إنجازات المقاومة، وقال في هذا الصدد:
"يجب الانتباه إلى أن الولايات المتحدة ليست على استعداد للتفاوض علی أساس رابح-رابح، وقد ثبت ذلك لجميع المراقبين المحايدين. من ناحية أخرى، إذا كانت الولايات المتحدة تسعى للتفاوض مع إيران تحت أي ذريعة، فهذا يشير إلى أن جمهورية إيران الإسلامية دولة قوية بحيث تجعل الولايات المتحدة ترغب في التفاوض معها، ولذلك عندما تريد الولايات المتحدة التفاوض، فهذا يعني أن إيران لديها القوة والنفوذ، لأنه لولا قوة إيران لما كانت الولايات المتحدة تريد التفاوض".
وتابع كاظمي قمي: "من ناحية أخرى، لم تفي الولايات المتحدة أبدًا بالتزاماتها، ليس فقط في الاتفاق النووي، بل عدم الامتثال هذا ظهر في اتفاقيات دولية أخرى، والاتفاقيات مع الولايات المتحدة كانت دائمًا ضد الدول. ومع ذلك لا يمكن القول إن تكلفة المقاومة أكثر من تكلفة التسوية، وهذه المقارنة غير صحيحة، لأن التسوية تأخذ كل ممتلكات ورؤوس أموال الدول، ولكن في المقاومة ورغم بعض التكاليف، فهذه التكاليف استثمار للدول، والطريق الذي أوجده الشهداء وقيادة النظام في اتجاه المقاومة، هو الطريق الذي يمكن رؤيته في جميع أنحاء العالم اليوم. فالمقاومة لا تقتصر على الجمهورية الإسلامية، ويمكن رؤيتها في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وغيرها من مناطق المقاومة، والتي يؤكد جميعها على دعم المظلومين، وهذا هو المسار الذي أسسه الإمام الراحل".
وبحسب "كاظمي قمي"، اليوم إذا مدت فنزويلا يد الصداقة لإيران، فلأنها تعلم أن إيران داعم حقيقي للدول المستقلة، وأن مستقبل النظام الدولي يعتمد على أركان مختلفة، وأحد هذه الأركان هو نظام المقاومة، والذي ينبغي على جمهورية إيران الإسلامية أن تكون لديها خطة ورؤية طويلة المدى في هذا الصدد.
ثم تحدث "حسين أكبري" بخصوص إنجازات المقاومة، وقال:
"هناك وجهات نظر مختلفة في العالم حيال التطورات، بما في ذلك النظرة الليبرالية الديمقراطية التي تدعي حل المشاكل الإنسانية، وبعض نظريات التسوية التي ترفض النضال في قضية فلسطين، لكن نظرية الإمام کانت مبنيةً على القرآن، وهي تعني أنه أينما وجد مستضعفٌ يجب الدفاع عنه، وأينما وجد مستکبرٌ يجب مواجهته، والشعار الرئيسي للمقاومة هو نفس شعار الإمام".
وأضاف: "اليوم، لدينا علاقات دولية، وفي هذه العلاقات الدولية، ستحظی الدول بالقوانين الدولية إذا كانت لديها القوة، ولن تحظی بالقوانين الدولية إذا لم تكن لديها القوة".
"بعض مناطق العالم الإسلامي أيضاً خضعت للاحتلال، بسبب الظروف التي تلت الحرب العالمية الثانية، ونتائج هذا الاحتلال تظهر الآن في بعض أجزاء الشرق الأوسط، بما في ذلك الجرائم التي ترتکب ضد الشعب الفلسطيني، ولكن للأسف، في العلاقات الدولية، لا يعطون فلسطين حقوقًا قانونيةً، لأنها لا تملك القوة".
"والسؤال الذي يطرح نفسه هو، إلى أي مدى ستستمر الولايات المتحدة في عدوانها، وأين هي نقطة توقف الولايات المتحدة؟ هذا في حين أنه كلما زاد الرضوخ للولايات المتحدة، زاد العدوان الأمريكي أکثر فأکثر".
كما تحدث السفير الإيراني السابق في ليبيا عن سلوك الدول في النظام الدولي، قائلاً:
"ينقسم العالم حاليًا إلى أربع مجموعات:
الدول التي تريد فرض الهيمنة مثل الولايات المتحدة، والدول التي تقبل الهيمنة مثل الدول الخليجية، والدول المناهضة للهيمنة مثل دول وفصائل المقاومة، وأخيراً الدول المحايدة التي تشكل جزءًا كبيرًا من العالم".
وبحسب أكبري، فإن الدول التي ترضخ للهيمنة، مثل السعودية، قدمت أكثر من تريليون دولار أو أكثر من الأموال والخدمات للغرب لتوفير الأمن للسعوديين، لكنها فشلت في تأمين نفسها ضد أضعف دولة مثل اليمن. ولذلك، ينظر المهيمنون إلى الأشخاص الذين يقبلون الهيمنة مثل السعودية كأداة، والذين قبلوا التسوية أمام الطغاة قد تخلوا في الواقع عن استقلالهم وأمنهم، وفي الحقيقة تخلوا عن كل شيء، والتسوية هي نفس قبول الهيمنة التي يخطط لها الديكتاتوريون، ولكن المقاومة متطورة لدرجة أنها تواجه المستکبرين مباشرةً.
وأضاف الخبير في شؤون المنطقة: "الشهيد سليماني رمز للمقاومة، وبن سلمان والسعودية رمز لقبول الهيمنة، والولايات المتحدة رمز للهيمنة الحالية في العلاقات الدولية".
الجزء الثالث من الاجتماع: التطورات في لبنان وجبهة المقاومة
وتعلق الجزء الثالث من الاجتماع بالتطورات الأخيرة في لبنان، بالنظر إلی الانفجار الكبير في مرفأ بيروت، وكذلك استقالة الحكومة اللبنانية مؤخراً.
وفي هذا الصدد، قال حسن كاظمي قمي سفير إيران السابق في العراق:
"في سيكولوجية التطورات في لبنان بعد الانفجار الكبير في مرفأ بيروت، من الضروري النظر إلى التطورات والمواقف، حتى نتمكن من الرد على بعض الالتباسات".
وبحسب كاظمي قمي، فإن إحدى القضايا التي أثيرت في لبنان بعد الانفجار، كانت تغيير النظام السياسي في لبنان. لقد زار لبنان رئيس دولة غربية، وفي ظل الوضع الصعب الذي يعيشه الناس إذ يحتاجون للمساعدة، يطالب الرئيس الفرنسي بتغيير سياسي، مهدداً بأنه إذا لم يفعل ذلك اللبنانيون، فسيقوم بذلك بنفسه، وهذا الموقف بحد ذاته كان نوعًا من التدخل.
وأضاف السفير الإيراني السابق في العراق: "الموضوع الثاني کان الهجوم على الحكومة والضغط لتقديم استقالتها، والموضوع الآخر ارتبط بخلق جو إعلامي ضد جبهة المقاومة، بهدف الضغط عليها. ولذلك، فإن القضية الأخرى التي شهدناها بعد هذا الانفجار، كانت توجيه الاتهامات لجبهة المقاومة. ومجموع هذه التطورات يظهر الضغط على حزب الله في لبنان، والمواقف تدل على ذلك. وبالتالي، بعد انفجار بيروت كانت هناك توجهات ضد جبهة المقاومة في لبنان، وهذا ما کان يريده الصهاينة".
وتابع الخبير في الشؤون الإقليمية: "الأمين العام لحزب الله اللبناني دعا إلى إجراء تحقيقات مستقلة من قبل المؤسسات اللبنانية المحلية، وإعطاء الأولوية لمساعدة الشعب وعدم تسييس القضية، وموقف الأمين العام لحزب الله هذا يأتي مقابل المواقف التي تدعو إلى تحقيقات دولية. لذلك، اليوم في لبنان، يجب بذل الجهود للمضي قدماً وفق استراتيجية السيد حسن نصرالله، وموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية يسير في نفس الاتجاه، وخلال هذه الأحداث لا ينبغي إضعاف جبهة المقاومة، والسيد حسن نصرالله أکد في خطابه أن جبهة المقاومة يجب ألا تقلق، بل يجب أن تحافظ على استعدادها".
وعقب هذه التصريحات، قال حسين أكبري السفير الإيراني السابق لدى ليبيا:
"يبلغ عدد سكان لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين في هذا البلد حوالي 5 ملايين، لكن عدد اللبنانيين في الخارج يبلغ 12 مليوناً، وهؤلاء اللبنانيون يعيدون أموالاً طائلةً إلى لبنان. من ناحية أخرى، يتمتع لبنان بموقع استراتيجي، والحكومات اللبنانية كانت دائمًا تحت النفوذ الأمريكي منذ عقود، وكانت حكومة "حسان دياب" الحكومة المستقلة الوحيدة في هذا البلد".
وبحسب أكبري، فإن إنجاز الحكومات المدعومة من الولايات المتحدة هو ديون بقيمة 140 مليار دولار، لكن حكومة دياب حاولت التصرف بشكل مستقل لكنها تعرضت لضغوط. أما مرفأ بيروت فكان يخضع لدوريات أميركية وفرنسية لمسافة تصل إلى 12 ميلاً، يليها التواجد الصهيوني، رغم أن المحاولات تبذل حالياً لاتهام حزب الله.
وفيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في لبنان، قال السفير الإيراني السابق لدى ليبيا: "الولايات المتحدة بدأت بفرض عقوبات وممارسة ضغوط على لبنان، رغم أن الولايات المتحدة لن تنجح في لبنان کفشلها في سوريا والعراق، والوضع الحالي هو استمرار لعملية الضغط التي بدأها الغرب ضد حزب الله. وبخصوص استقالة رئيس الوزراء، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من استقالة رئيس الوزراء، فإن قوة حزب الله قادرة على منع أي تهديد، وبالتالي لن يشهد لبنان حربًا أهليةً".
وبحسب أكبري، فإن استمرار الاضطرابات في لبنان أمر مشكوك فيه على الرغم من تشکيل حكومة موالية للغرب، ومن المحتمل أن يتبع الغرب طرقًا أخرى للضغط على حزب الله بعد الاضطرابات. اليوم، حزب الله لديه أكبر عدد من المؤيدين في لبنان، وفي حال جری استطلاع للرأي، سيحصل حزب الله بلا شك على أكبر عدد من الأصوات. كما أن قوة حزب الله أمام الصهاينة تخلق شعوراً بالفخر لدى اللبنانيين.
وحول آفاق لبنان المستقبلية، قال أكبري: "آفاق لبنان المستقبلية تسير في الاتجاه الذي يسعى فيه المعارضون إلى خلق ظروف مؤاتية للضغط على حزب الله، لأن المؤامرات ضد حزب الله لم تنجح حتى الآن، وفي الوقت نفسه فإن حزب الله اللبناني يكتسب المزيد من القوة يوماً بعد يوم، ونظراً لقوة حزب الله، تضطر الجهات اللبنانية الفاعلة الأخری إلى وضع موقع حزب الله في الاعتبار، مثلما لم يتخذ الرئيس الفرنسي الذي زار لبنان، موقفاً ضد الحزب".
وفي ختام اللقاء، قال الدکتور سعد الله زارعي عن مستقبل لبنان:"الغربيون يواجهون الآن فراغ السلطة في لبنان، والنظام السياسي القديم فقد شرعيته بوجود سعد الحريري وجعجع، وهم أول المتهمين بالفساد في لبنان. من ناحية أخرى، لا مكان للحركة الاحتجاجية الحالية في لبنان لأنها تنتمي إلى نفس حركة المعارضة، بما في ذلك جعجع، ولا يمكن لفرنسا الرهان على هذا التيار المعارض".
وبحسب مدير معهد "أنديشه سازان نور" للدراسات، فإن دياب خلق فرصةً باستقالته، لأنه من ناحية، أخرج نفسه من مرمی اتهامات المحتجين في الشوارع عبر إعلان استقالته، ولكن في الوقت نفسه، تتمتع الحكومة بالسلطة كحكومة مؤقتة ويمكنها إدارة الأوضاع.
ووفقاً للخبير في الشؤون الإقليمية، فإن لدى حزب الله اللبناني حالياً ثلاثة سيناريوهات:
الانتخابات المبكرة: في الوقت الذي تنقسم فيه السلطة في لبنان، لا يبدو أن الانتخابات هو الحل، لكن حزب الله ليس لديه مشكلة مع الانتخابات وسلطة الشعب.
توسيع قوة الجيش: حزب الله يشدد على توسيع قوة الجيش، والحزب يحاول التأكيد على كفاءة الجيش، ويمكن للجيش أن يدير ملف الانفجار.
موضوع الفساد: في هذا الصدد أيضًا، وبما أن الانفجار الكبير في بيروت كان بسبب الفساد، فإن حزب الله يشدد على محاربة الفساد.
وبحسب الدکتور زارعي، في الوقت نفسه، يمكن توقع المزيد من العنف في الاحتجاجات المقبلة في لبنان، وقد تكون هناك عمليات اغتيال، معظمها سيكون في مناطق معينة من بيروت، مما يضر بالاحتجاجات ويقلل من عدد المتظاهرين، وقد تتجه التطورات المستقبلية في لبنان نحو مسار تآکلي، على الرغم من أن الانتخابات البرلمانية يمكن أن تخلق أجواءً جديدةً في لبنان.
كما ختم الخبير في الشؤون الإقليمية بالقول: "في الوضع الراهن، نتوقع أن تتحمل المقاومة اللبنانية بعض التكاليف، لأن البعض سيعمد إلی اختلاق أكاذيب دعائية ضد حزب الله اللبناني، ولكن بما أننا نشهد تيارات مستقرة في لبنان، فإن هذه التيارات ستظهر كفاءاتها، ولن تواجه أزمةً عبر الإدارة المتماسكة للتطورات الحالية، وتأكيد السيد حسن نصر الله أن حزب الله لن يتضرر يستند إلى موقف المقاومة هذا. کما تجدر الإشارة إلى أنه لا يختفي كل شيء بوقوع حادث واحد، ولا ينبغي القلق بشأن بعض الحوادث سريعاً جداً. في غضون ذلك، تسعى المقاومة إلى الهدوء في لبنان وتحاول تجنب التسييس في تحقيق انفجار بيروت، وفي المقابل يريد المعارضون والمؤيدون للغرب الفوضى والاحتجاجات، حتى إذا اتسمت بطابع العنف".