الوقت - أثارت طريقة القتل المأساوية لجورج فلويد البالغ من العمر 46 عاماً في 25 مايو 2020 على يد ضابط أمريكي في مينيابوليس موجة من الاحتجاجات العارمة في أمريكا، والتي تبدو منقطة النظير وغير مسبوقة في تاريخها السياسي من حيث الوسعة والشمولية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ندد مراراً بالمتظاهرين، واتهمهم بأنهم إرهابيون ويساريون، وتجاهل مطالبهم. حتى أنه دعا إلى قمع المتظاهرين في عدة مناسبات، وتحدث عن استخدام الجيش لقمع الاحتجاجات.
في وسائل الإعلام الأمريكية التي أفادت في أواخر الأسبوع الماضي أن المتظاهرين استولوا على أجزاء من سياتل باعتبارها أكبر مدينة في شمال غرب المحيط الهادئ، وبعد أيام من الاشتباكات مع الشرطة، سيطروا في نهاية المطاف على مقر شرطة المدينة. تم تغطية هذا الخبر بحساسية خاصة من قبل وسائل الإعلام اليمينية القريبة من ترامب ، كما علق ترامب على التطورات في مرحلتين. وهنا، من الضروري تناول التطورات التي حصلت من أجل توضيح أبعاد احتجاجات سياتل.
احتلال سياتل حقيقة أو تضخيم للحقيقة؟
على الرغم من دعاية وسائل الإعلام اليمينية حول سقوط واحتلال سياتل من قبل المتظاهرين ، تشير الأدلة إلى أن وسائل الإعلام تحاول عمداً تضخيم قضية الاحتلال في البداية ، وعلى مستوى آخر ، تتحدث عن وجود حركة "أنتيفا" المناهضة للفاشية والفوضوية.
وفي هذا الصدد ، ذكرت قناة "سي ان ان" الأمريكية فجر الجمعة (بتوقيت طهران) أن بعض وسائل الإعلام اليمينية زعمت أن نشطاء مسلحين تابعين لحركة "أنتيفا" استولوا على أجزاء من سياتل ويعتزمون توسيع المناطق التي تخضع لهم.
في غضون ذلك، أكدت "سي ان ان" أن المحتجين احتلوا "جزءا صغيرا" من سياتل ، وأعلنوا أنها "منطقة حكم ذاتي". حيث كتب "سي ان ان" أنه تم إخلاء مبنى قسم شرطة سياتل بعد عدة أيام من الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة. على الرغم من الادعاءات التي تتحدث أن أعضاء حركة "انتيفا" يتجولون في شوارع سياتل ، الا إن وسائل الإعلام اليمنية قد ضخمت ذلك. و قال مكتب عمدة سياتل في بيان إنه لا يوجد دليل على وجود أعضاء من حركة "انتيفا".
طرح شبح "أنتفيا"؛ استراتيجية ترامب لتبرئة نفسه
فيما يتعلق باحتلال سياتل وعملية الاحتجاجات في هذه المدينة ، يشير دونالد ترامب على وجه التحديد إلى حركة تسمى " انتفيا". هذا في وقت اتهم ترامب فيه الحركة سابقًا بالوقوف وراء جميع الاحتجاجات ، وحتى اقترح خطة لإعلان الحركة جماعة إرهابية. في الواقع ، بعد تصاعد الاحتجاجات في الولايات المتحدة ، وجه دونالد ترامب اصابع الاتهام إلى حركة "انتفيا"، واصفا إياها بأنها جماعة إرهابية.
غالبًا ما يرجعون مصدر أنتيفا الى مجموعات مناهضة الفاشية في عام 1920، لكن آخرين يرون أنها مجموعة ظهرت في عام 1980. انتفيا تيار يساري "مناهض للفاشية" ، وطبيعته الرئيسة هي معارضة العنصرية والنظام الرأسمالي.
في 1980 ، غيرت الحركة اسمها من مناهضة الفاشية إلى مناهضة العنصرية ، ولكن في عام 2017 مارست نشاطاتها تحت اسم "انتفيا" كغطاء لها. خلال عهد بيل كلينتون وباراك أوباما كانت الحركة غير نشطة إلى حد كبير، وأعيد تنشيطها منذ دخول ترامب إلى البيت الأبيض.
يرتدي أعضاء الحركة لباساً موحداً أثناء الاحتجاجات وغالباً ما يغطون وجوههم بأقنعة لمنع التعرف عليهم. كما أن جزء من انتيفا يحملون أسلحة مثل رذاذ الفلفل والسكاكين والحجارة والسلاسل ولا يترددون في الاشتباك مع الشرطة والعنصريين. والآن يبدو أن ترامب يعتزم استغلال ذلك وقلب الحقائق.
ردة فعل ترامب على تطورات سياتل.. من التهديد لإخمادها الى إهانة المسؤولين المحليين
في تغريدة على تويتر يوم الخميس ، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع في واشنطن احتجاجاً على مقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة بـ"الفوضويين القبيحين" وطلب من حاكم واشنطن وعمدة سياتل التصدي لهم. حيث كتب ترامب في حسابه الرسمي على تويتر ، "جي إنسلي الحاكم اليساري المتطرف لولاية واشنطن وعمدة سياتل ، تم التلاعب بهما بطريقة لم يشهدها أي شخص في بلدنا الاستثنائي على الإطلاق". وأضاف "استعيدا مدينتيكما الآن. إذا لم تقوما بهذا العمل ، أنا سأفعل ذلك. هذه ليست لعبة. يجب ان يتوقف هؤلاء الفوضويون القبيحون على الفور. تحركا!".
لكن هذا لم يكن رد ترامب الوحيد على تطورات سياتل ، بل كتب في تغريدة له: ان عمدة سياتل قال عن احتلال مدينته من قبل الفوضويين ،"إنه صيف الحب". هؤلاء الديمقراطيون الليبراليون لا يعرفون ان الإرهابيين سيحرقون مدننا وينهبونها ، وهم يعتقدون أن ذلك رائع جداً. احتلال سياتل يجب أن ينتهي الآن.
دهشة عمدة سياتل من ردود فعل دونالد ترامب الهستيرية
قوبلت تهديدات دونالد ترامب المهددة تعليقاً على التطورات في مدينة سياتل برد فعل قوي من عمدة هذه المدينة. حيث انتقد عمدة سياتل تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن إرسال الجيش لقمع الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في المدينة ، وقال إن ترامب يسير على الطريق الخاطئ ولا يدرك أن سماع صوت المجتمع ليس ضعفاً. واتهم جيني دوركان ترامب بأن ليس لديه فهم عن اجواء مدينة سياتل. مؤكدا أن منطقتي الاحتجاج، أي "كال أندرسون" و"كابيتال هيل"، كانتا لسنوات أماكن لحرية التعبير والتجمع وابداء وجهات النظر. وأضاف، ان التجمع والتعبير القانوني هما أول الحقوق التكميلية للدستور، إن مطالبتنا كمجتمع بالقيام بعمل أفضل وتوفير المساواة الحقيقية لمجتمع ملون ليس إرهاباً، بل عملا وطنيا أيضاً.
ورفض دوركان تصريحات ترامب بشأن إرسال الجيش لقمع المتظاهرين، وقال: "كما قلت سابقاً بشكل علني، إن إرسال الجيش إلى سياتل أمر غير قانوني وغير دستوري ، ولن نسمح بحدوث ذلك". واضاف، "لن نسمح لهذا الرئيس بأن يكون مضللاً. ان قرن العبودية والعنصرية الممنهجة لن يزول بين عشية وضحاها ، لكنني أعتقد أن سياتل يمكن أن تكون نموذجاً للبلاد. نحن يجب ان نتقدم معاً، ومن الواضح أن سياتل مستعدة للقيام بذلك.
