الوقت- بعد عدّة أشهر من الجدل بين روسيا وأمريكا بشأن تحديد مصير معاهدة ضبط الأسلحة النووية المعروفة بـ"ستارت"، قال مارشال بيلينغسلي المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لمراقبة التسلح، يوم الاثنين الماضي إنّه التقى مع نظيره الروسي سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية. واتفقا على موعد ومكان المحادثات في يونيو. وفي هذا السياق ذكرت صحيفة بلومبيرغ أنّ المحادثات من المقرّر عقدها في 22 يونيو في فيينا.
في عام 2010 ، وقّعت واشنطن وموسكو معاهدة ستارت الجديدة، التي تحدّ من عدد الرؤوس النووية المنشورة والأسلحة الاستراتيجية لكلا الجانبين. تنتهي صلاحية ستارت الجديدة في 5 فبراير 2021 ، باعتبارها آخر معاهدة للحدّ من الأسلحة النووية بين القوتين العظميين النوويتين.
يمكن تمديد هذه الاتفاقية لمدّة أقصاها 5 سنوات بموافقة البلدين. حيث أعربت روسيا مراراً عن رغبتها في تمديد الاتفاقية ، لكن إدارة ترامب لم تستجب رسميّاً بعد ، مؤكدة على ضرورة عقد اتفاقية متعدّدة الأطراف جديدة بمشاركة الصين.
كرّر مبعوث ترامب الخاص عدّة مرات الشهر الماضي أنّ واشنطن تتوقّع اتفاقاً متعدد الأطراف لضبط الأسلحة في المستقبل، وقال للصحفيين: "نتوقع تماماً أن يكون الصينيين في أيّ اتفاق محتمل جزءاً من الإطار الثلاثي المقبل.
إن إيلاء اهتمام خاص بمنع الصين من اكتساب المزيد من القوة كقوة دولية ناشئة والتهديد المحتمل للهيمنة الأمريكية الآفلة في عهد ترامب جعل العديد من أهم أسباب انسحاب أمريكا من العديد من معاهدات ضبط الأسلحة ، مثل معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF) واتفاقية الأجواء المفتوحة مع روسيا "محاولة لمواجهة الصين".
واتهم المبعوث الأمريكي في احدى مواقفه الأخيرة الصين ببناء "جدار كبير من السرية" بشأن الأسلحة النووية وبناء ترسانة متزايدة "لترهيب أمريكا وأصدقائها وحلفائها". الانتقاد الذي رافقه أيضا انتقاد من قبل الناتو حيث قال الأمين العام لحلف الناتو ، يوم الاثنين ان "صعود الصين يغير بشكل أساسي ميزان القوى العالمي ويضاعف التهديدات للمجتمعات المنفتحة والحريات الفردية".
تظهر هذه المواقف أن أمريكا تركّز أهداف الناتو على الشرق الأقصى للضغط على الصين. وقال ستولتنبرغ "إنّ موقف الصين يتطلّب "نهجاً أشملَ" من قبل مجموعة الناتو التي تضم 30 دولة والتي تشكلت قبل أكثر من 70 عاما لمواجهة النفوذ الروسي".
ولكن في مقابل هذه الضغوط ، عارض موقف بكين حتى الآن الدخول في مثل هذه المفاوضات. لذا من غير الواضح ما إذا كانت استراتيجية واشنطن لضم الصين الى محادثات ضبط التسلح مع روسيا ستكون فعالة ام لا. ومن ناحية أخرى ، فإن هذا الامر جعل نجاح نتائج المحادثات الثنائية المقبلة تواجه غموضاً خطيراً.
في الواقع ، ليس من المتوقع أن تتفاوض الصين مع أمريكا أو روسيا حتى تصل إلى مستوى قدراتهما النووية.
إن الحجم غير المتناسب للترسانة النووية الصينية مقارنة بروسيا وأمريكا هو السبب الرئيس لعدم الانضمام إلى المحادثات. حيث تمتلك روسيا والصين حوالي 85٪ من الأسلحة النووية في العالم ، أي أكثر من 10 أضعاف العدد الإجمالي للرؤوس النووية الاستراتيجية في الصين وبريطانيا وفرنسا.
ووفقًا لجمعية الحدّ من التّسلح في واشنطن ، كان لدى كل من أمريكا وروسيا أكثر من 6000 رأس نووي في عام 2019 ، في حين قدر عدد الرؤوس الصينية بـ 290 رأساً. وبحسب هذه المجموعة البحثية ، تمتلك فرنسا 300 رأس، وبريطانيا 200 رأس، والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية لديها ترسانات أصغر.
وفي هذا الصدد ، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إلى هذه الحقيقة وقال إنّ القدرة النووية الصينية تم المحافظة عليها دائما في أدنى مستوى ضروري للأمن القومي ، وهو ما لا يساوي الترسانات النووية الضخمة لأمريكا وروسيا.
ومع ذلك ، فإن الاجتماع بين أمريكا وروسيا لمناقشة القضايا المتعلّقة بضبط الأسلحة النووية لا يعني بأيّ حال من الأحوال وجود ضوء أخضر من البيت الأبيض لتمديد صلاحية "ستارت" ، وفرص تجديد حياة هذه الاتفاقية بات يقارب الصفر، وستنتهي هذه الاتفاقية في 5 فبراير 2021.
ولكن ربما تكون بارقة الأمل العالمية الوحيدة في ألّا يبدأ سباق تسلح نووي على مستوى العالم حيث ان ستارت الجديدة ستنتهي بعد أسبوعين تقريباً من الإعلان عن الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، ففي حال هزيمة ترامب ومغادرة البيت الابيض من الممكن ان تكون وجهة نظر بايدن هي تمديد هذه الاتفاقية.