الوقت- لقد أدى ارتفاع عدد الموتى والمرضى بسبب تفشي فيروس "كورونا " في كافة المدن الأمريكية، إلى ظهور خلافات بين أنصار استمرار القيود المفروضة على حركة المرور والحجر الصحي المنزلي من جهة، ودعاة رفع القيود المفروضة على المواطنين الامريكيين من جهة أخرى وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن كلا المجموعتين خرجوا خلال الايام القليلة الماضية في مظاهرات في عدد من المدن الأمريكية المختلفة ولفتت تلك التقارير إلى حدوث مواجهات عنيفة بين الجانبين. وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من المصادر الطبية، أن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد من المصابين بهذا الفيروس التاجي الخطير، وقد ثبتت إصابتهم بالمرض وتم تسجيل أيضا أعلى عدد من الوفيات بسبب فيروس "كورونا" في الولايات المتحدة وقد توفي حتى الآن 63 ألف شخص في البلاد.
متظاهرون مسلحون في ولاية "ميشيغان" وفي ولايات أمريكية أخرى
في تحرك غريب اقتحم عدد من المسلحين يوم الخميس الماضي في ولاية "ميتشيغان" الأمريكية، مبنى برلمان الولاية احتجاجا على القيود المفروضة بسبب تفشي فيروس "كورونا". وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية، تجمع مئات من الأشخاص أمام مكتب الحاكم العام للولاية ولفتت تلك الوسائل الاعلامية إلى أن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وحملوا أيضا ملصقات ولافتات احتجاجية، دعوا من خلالها إلى إنهاء حالة الطوارئ في ولاية "ميشيغان". الجدير بالذكر أنه كان من المقرر رفع القيود المفروضة على ولاية "ميشيغان" بحلول نهاية أبريل 2020 ولكن حاكم الولاية قام الاسبوع الماضي بتمديد هذه القيود لمدة 14 يومًا أخرى. وفي وقتنا الحالي يواجه "جريتشين ويتمان"، الحاكم الديمقراطي لهذه الولاية، معارضة شديدة من سكان هذه الولاية ومن النواب الجمهوريين الممثلين للولاية في البرلمان الامريكي.
من هم المتظاهرون؟
معظم منظمي الاحتجاجات التي خرجت في ولاية "متشيغان" هم ناشطون محافظون ومؤيدون للرئيس "ترامب" وأنصار حمل السلاح في الولايت المتحدة وحول هذا السياق، كشفت بعض وسائل الإعلام الأمريكية أن العديد من هذه المظاهرات تذكرنا بالمظاهرات المؤيدة لـ"ترامب" التي خرجت خلال حملته الانتخابية. ولفتت تلك الوسائل الإعلامية إلى أن هؤلاء المتظاهرين رفعوا شعارات مؤيدة للحرية ومعارضة للاستبداد، وشبهوا الحّكام الذين دعموا القيود المستمرة، بالسلاطين والدكتاتوريين ويذكرنا شعار "الحرية أو الموت" بالشعار الرئيسي للشعب الامريكي خلال ثورة الاستقلال التي وقعت قبل عدة عقود في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، قامت بعض الطواقم الطبية الامريكية التي نشرت في الأشهر الأخيرة تقارير مختلفة تفيد بأنه ليس لديهم المرافق اللازمة لحماية أنفسهم، بتشكيل تجمعات مماثلة، وقاموا بالاشتباك مع المتظاهرين الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية للمطالبة بإلغاء الحجر الصحي المنزلي والذين يعتبرون من أنصار "ترامب".
وعلى صعيد متصل، قام بعض حكّام بعض الولايات المتحدة بإلقاء تصريحات منددة بتلك الاحتجاجات التي على ما يبدو كانت لدعم الرئيس "ترامب"، حيث قال الحاكم الديمقراطي "جاي إنسلي" إن الرئيس "يثير انتفاضة داخلية". ومن جهته قال "لاري هوجان"، حاكم ولاية "ماريلاند"، "لا أعتقد أنه من المفيد تشجيع الناس على الاحتجاج وتشجيعهم على اتخاذ إجراءات ضد سياسات الحاكم الخاصة". وفي خضم هذه التفاعلات، دعم "ترامب" ، الذي هو نفسه مؤيد لإنهاء الحجر الصحي المفروض في الولايات المتحدة الناجم عن تفشي فيروس "كورونا"، الاحتجاجات المسلحة في ولاية "ميشيغان" وانتقد حاكمها. وكتب الرئيس على "تويتر": "على حاكم ميشيغان أن يقدم امتيازًا صغيرًا وأن يبذل المزيد من الجهد لإنهاء الحجر الصحي". وقال "ترامب"، الذي وصف المتظاهرين المسلحين الذين كانوا يريدون دخول مبنى الكونجرس بالولاية، "إنهم أناس طيبون للغاية، لكنهم غاضبون. إنهم يريدون العودة إلى الحياة بأمان. قابلهم وتحدث معهم وتوصل إلى اتفاق معهم".
الوضع الاقتصادي المتأزم في الولايات المتحدة
أدت أزمة فيروس "كورونا" إلى فقدان أكثر من 30 مليون شخص لعملهم ولهذا فلقد شدد بعض المتظاهرين على أن فرض قيود الحجر الصحي وإغلاق الأعمال التجارية قد خلق الكثير من الضغوط الاقتصادية على الناس ويعتقدون أن الحجر الصحي المنزلي الذي فرضته حكومات الولايات، كان مبالغ فيه وكرر العديد من المتظاهرين تحذير "دونالد ترامب" بأن العلاج قد يكون أكثر ضررًا من المرض نفسه. يذكر أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" دعا سابقًا إلى إعادة فتح تدريجي لبعض الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة ودعم الاحتجاجات الشعبية ضد الإجراءات التقييدية والحجر الصحي. ويوم الخميس الماضي، قال "ترامب" إن الحكومة الفيدرالية لن تجدد قوانين الحجر الصحي وأن القرار سيكون في يد حكّام الولايات. يذكر أنه حتى نهاية الأسبوع الماضي، بلغ عدد العاطلين عن العمل المتقدمين للحصول على أقساط تأمين ضد البطالة 22 مليون شخص، وهو ما يعني عمليا سقوط مؤشر التوظيف الذي بلغ ذروته خلال السنوات الماضية.
ووفقا لوزارة العمل الامريكية، فلقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يسعون للحصول على إعانات البطالة إلى أكثر من 30 مليون شخص، وهذا يعني أن واحد من كل خمسة عمّال فقدوا وظائفهم في الشهر الماضي وأصبحوا عاطلين عن العمل داخل الولايات المتحدة. ولفتت وزارة العمل الامريكية أن 10 ملايين على الأقل من هؤلاء الأشخاص لم يحصلوا على استحقاقاتهم حتى الآن ويشير ارتفاع الطلب على إعانات البطالة إلى ارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 15 بالمائة في شهر أبريل الماضي وهذا يشمل الأشخاص الذين تم عزلهم ويأملون في العودة إلى العمل، وكذلك الأشخاص الذين تركوا وظائفهم خوفًا من الإصابة بهذا الفيروس التاجي أو لحماية أفراد أسرهم.
ووفقا لوزارة العمل الامريكية، فإنه يقال على الاشخاص الذين ليس لديهم وظائف وكانوا يبحثون بنشاط عن وظيفة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، بأنهم أشخاص عاطلين عن العمل. ويتوقع الاقتصاديون أن يسجل معدل البطالة في شهر أبريل رقما قياسيا قد يصل إلى 10.8 في المئة ومن ناحية أخرى، وفي حين أن تفشي فيروس "كورونا" قد عطل الاعمال المتعلقة بالطيران حول العالم، فلقد أعلنت شركة "يونايتد إيرلاينز" أنها تكبدت خسارة قدرها 1.7 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام بسبب انتشار فيروس "كورونا" وتشمل خسائر الخطوط الجوية الأمريكية تكلفة استثمار الشركة في أمريكا اللاتينية.
استطلاعات الرأي والمنافسة الانتخابية بين "ترامب" و"بايدن"
في الوقت الذي أصبح فيه وجود متظاهرين مسلحين، العنوان الرئيسي المتعلق بفيروس "كورونا" في وسائل الإعلام الأمريكية، أصبحت أيضا المشاحنات التي وقعت بين "ترامب" والحّكام الديمقراطيين محل جدل، حيث كسر منافس "ترامب" الديمقراطي "جو بايدن" صمته، وتحدث بحدة وسخط حول مؤيدي الرئيس "ترامب" المسلحين وحول الرئيس "ترامب" نفسه. وذكر "بايدن" أن هناك علامات عنصرية ظهرت في تلك الاحتجاجات.
ووصف المرشح الديمقراطي المشارك في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 3 نوفمبر 2020، المتظاهرين المسلحين الذين خرجوا في ولاية "ميشيغان" بأنهم مؤيدون للجماعات العنصرية وأنصار ورثة العبودية في الولايات المتحدة وكتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "سوف اتحدث بالاشياء التي لم يتحدث بها الرئيس ترامب، لقد تم استخدام علم النازيون والرموز البغيضة الأخرى في هذه الاحتجاجات التي خرجت في ولاية متشيغان وهذه الامر يتعارض مع ثقافة وقوانين الولايات المتحدة وعلى الرئيس أن يشجع الناس على الالتزام بأوامر الحاكم فيما يتعلق بالصحة العامة، بدلاً من خلق الانقسامات بين أبناء هذه الولاية الامريكية".