الوقت- علی عكس التقارير التي صدرت في الاعوام الماضية والتي تحدثت عن نمو متسارع علی جميع الاصعدة خاصة في المجال الإقتصادي والسياحي في اقليم كردستان العراق، تشير الاحصائيات والمعلومات التي عكستها دوائر الاحصاء والمنظمات الإقتصادية الدولية والمحلية، أن اقليم كردستان العراق بات يواجه أزمات إقتصادية وكساد في الاسواق وصل حجمه الی عشرات المليارات من الدولارات. ومن المحتمل أن تصبح هذه الازمات في اقليم كردستان أكثر تعقيدا، في حال استمرت حكومة الاقليم بسياستها الإنفرادية دون الإنتباه لقرارات الحكومة المركزية العراقية، وبناء علی هذا فمن غير المعروف كيف ستواجه حكومة كردستان العراق أزمة الوقود والكهرباء وانخفاض الاستثمار الأجنبي وإزدياد نسبة البطالة في الاقليم.
وقبل فترة من هذا، أعلن المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان العراق "سفينْ دزئي"، ان «الازمة المالیة في الاقليم تسببت بايقاف ستة آلاف مشروع إقتصادي». ونقل موقع حكومة الاقليم عن دزئي قوله ان الازمة المالیة سببت الكثير من المشاكل المالیة للمقاولين الذين ينفذون مشاريع اقتصادية في اقليم كردستان العراق. حيث يعتقد الكثير من المراقبين أن سبب هذه الازمة الإقتصادية ناجم عن اتخاذ قرارات انفرادية من قبل حكومة الاقليم دون الرجوع الی حكومة العراق المركزية في بغداد، وذلك بسبب بعض الخلافات السياسية وايضا سعي الاقليم للاستقلال بقراره دون الخضوع الی الحكومة المركزية.
وفي هذا السياق أكد وزير المالیة والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان قبل فترة "ريباز محمد حملان"، أن الإقليم مر بأوضاع اقتصادية صعبة العام الماضي (2014) نتيجة الخلافات السياسية بين أربيل وبغداد، مشيرا إلى أن الجانبين قد اتفقا على أن يعملا مع بعضهما البعض وفق اتفاق جديد خلال العام الجاري، لخفض مستوی الخلافات السياسية الثنائية والتي تتسبب بعرقلة النمو الإقتصادي في منطقة كردستان العراق. مؤكدا أن الاقليم سيقوم برفع نسبة انتاج النفط الحالیة التي تصل الی 400 الف برميل يوميا الی أعلی نسبة ممكنة، نظرا لانخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية. حيث أن قيام كردستان العراق بانتاج وبيع النفط من المناطق الشمالیة والذي هو ملك لجميع العراقيين، إحدى القضايا التي تزعج الحكومة والشعب العراقي، وتعتبر العنصر الأساسي في خلق الازمات السياسية مع الاقليم والحكومة المركزية.
وبالاضافة الی ذلك تراجعت فرص العمل والاستثمار في اقليم كردستان العراق بشكل كبير بدءاً من يونيو العام الماضي تزامنا مع إجتياح المناطق الشمالیة العراقية من قبل تنظيم داعش الإرهابي. وذلك بسبب فقدان الأمن والاستقرار في المناطق الشمالیة والمخاوف التي نشأت عن ذلك لدی المستثمرين المحليين والأجانب، حيث منعت هذه المخاوف المستثمرين من الاستثمار في مناطق اقليم كردستان العراق.
علاوة علی ذلك، يمر كردستان العراق بازمة وقود شاسعة تؤدي الی اصطفاف السيارات بطوابير طويلة بشكل يومي في محطات التزود بالوقود بشكل يومي، خاصة في مدينة السليمانية حيث أصبح هذا المشهد مألوفا لدی الكثير من أبناء كردستان العراق، دون أن تتمكن حكومة الاقليم من التفوق علی هذه الازمة الإقتصادية. حيث تضطر حكومة الاقليم الی رفع نسبة أسعار الوقود في هذه المنطقة لمواجهة عجز الميزانية، في حين تقوم حكومة الاقليم ببيع مادة النفط الخام المستخرجة محليا باسعار منخفضة جدا. مما أدی ذلك الی أن هدد البعض من سكان الاقليم بالخروج بمظاهرات احتجاجا علی رفع أسعار المحروقات.
الی ذلك صرح رئيس رابطة الفنادق والمطاعم في اقليم كردستان العراق "هيرش أحمد" في حديثه مع الصحافة العراقية قبل فترة أن ما يقارب مائتي فندق ومطعم إغلقت أبوابه في اقليم كردستان العراق علی خلفية انخفاض وتراجع الانشطة السياحية في الاقليم، بسبب ارتفاع اسعار الخدمات في المناطق الشمالیة العراقية وكذلك انشطة تنظيم داعش الارهابي الذي أثر سلبيا علی النشاط الاقتصادي في كردستان العراق.
كما يرى عدد آخر من المتابعين أن قضايا اخری مثل الفساد المالي والإداري بالاضافة الی اتساع المحسوبية والمنسوبية في التوظيف لدی الدوائر الحكومية في كردستان العراق، ساعدت في اتساع رقعة الازمة الإقتصادية في هذه المنطقة. علاوة علی ذلك يعتبر البعض أن حكومة كردستان العراق ركزت جل نشاطها الإقتصادي في الاعوام الماضية في مجال العقار دون الانتباه الی توسعة المجال الصناعي والزراعي، مما ادی ذلك الی أن يصبح اقتصاد كردستان العراق، اقتصادا هشاً.
هذه الازمة الاقتصادية الطاحنة في الاقليم ادت الی إعتراف المتحدث باسم اتحاد شركات اقليم كردستان العراق "ملا ياسين"، أن المعاملات التجارية انخفضت في الآونة الاخيرة بنسبة 9 مليارات دولار في الاقلیم مما أدی ذلك الی إفلاس أكثر من 500 شركة تعمل في القطاع الخاص.
هذه الخسائر الفادحة في المجال الإقتصادي بالاضافة الی المخاطر الأمنية التي باتت تهدد اقليم كردستان العراق خاصة من الشمال بسبب تواجد تنظيم داعش الإرهابي في هذه المناطق، من المفترض أن تؤدي الی قناعة جديدة بالنسبة لحكومة كردستان العراق، مفادها: كلما كان الاقليم أكثر تنسيقا مع الحكومة المركزية في بغداد، كلما كان أكثر أمانا واقوی اقتصادا.