الوقت- نشر الكاتب "قدرة الله الیكایي" باحث في شؤون شبه القارة الآسيوية مقالاً تحليلياً في موقع "الوقت الفارسي الاخباري" بحث فيه نتائج الانتخابات التشريعية الباكستانية ومواقف رئيس الوزراء المحتمل "عمران خان" على الصعيدين الداخلي والخارجي، وجاء في مقال الكاتب الباكستاني:
أجريت الانتخابات البرلمانية الباكستانية في 25 يوليو 2018، ومن أصل 208 ملايين مواطن باكستاني كان 106 ملايين مؤهلين للتصويت، ومن بين هؤلاء شارك 55٪ في الانتخابات الباكستانية، ويمكن القول إن هذه الإحصائيات مقبولة بسبب المخاوف الأمنية من العمليات الإرهابية، وفي هذه الانتخابات فاز حزب الإنصاف الذي يتزعّمه لاعب الكريكت السابق "عمران خان" بما مجموعه 114 مقعداً في البرلمان متصدراً منافسيه ما جعله قريباً من كرسي رئاسة الحكومة الباكستانية، ويحتاج خان إلى 136 نائباً في البرلمان على الأقل كي يستطيع تشكيل الحكومة، وهي ليست مشكلة بالنسبة له نظراً لحصوله على هذا العدد من الأعضاء وتشكيله ائتلافات مع أحزاب وشخصيات مستقلة أخرى.
ومن النتائج التي يمكن ملاحظتها من هذه الانتخابات أيضاً، خسارة حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف، ففي انتخابات عام 2013، فاز حزب الرابطة الإسلامية بـ 126 مقعداً برلمانياً، ونجح في تشكيل الحكومة من دون أي مشكلات لكن في الانتخابات الأخيرة فاز بـ 64 مقعداً فقط، ومن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى خسارة حزب الوحدة الإسلامية الباكستاني في الانتخابات هي الاتهامات لزعيمه نواز شريف بالفساد في قضية بنما إضافة لتصريحات عمران خان في هذه القضية التي قلبت كل الموازين.
وتعدّ إحدى النقاط المهمة التي يمكن استنتاجها من الانتخابات الباكستانية هي حصول "حزب الشعب الباكستاني" الذي يتزعمه "بلاول بوتو" على 43 مقعداً، بعد أن كان قد حصل على 33 مقعداً في الانتخابات السابقة، وهنا يمكننا القول إن حزب الإنصاف الباكستاني كان أبرز الفائزين من هذه الانتخابات حيث رفع عدد مقاعده في البرلمان الباكستاني من 33 إلى 106 مقاعد.
تحدي نتائج الانتخابات
بعد إعلان نتائج الانتخابات في 3 آب / أغسطس، رفضت بعض الأحزاب والشخصيات، ولا سيما شهباز شريف، الأخ الأصغر لرئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف ورئيس حزب الرابطة الإسلامية، النتائج في البداية حيث زعم أن الانتخابات قد شابها عمليات تزوير، لكنه فيما بعد قبل بها معلناً أن حزبه سيشكل مع الأحزاب الأخرى المعترضة على النتائج ائتلافاً معارضاً في البرلمان، وهو يبحث مع ممثلي الأطراف الخاسرة الأخرى الوضع لاتخاذ قرار بشأن استراتيجية الاحتجاج.
وفي السياق رفضت "الحركة القومية المتحدة" المؤلفة من حزب جمعية علماء الإسلام جناح مولانا فضل الرحمن، وحزب الجماعة الإسلامية والحزب الشيعي الإسلامي، بزعامة مولانا فضل الرحمن نتائج الانتخابات، معلنة في بيان لها أن نتائج الانتخابات غير قانونية وغير مقبولة في جميع أنحاء البلاد، ولكن بالنظر إلى ردود أفعال مولانا فضل الرحمن السابقة، على ما يبدو أنه سيقبل نتائج الانتخابات في المستقبل، وربما قد يشارك في السلطة أيضاً، ومع مرور الوقت ستقبل هذه الأحزاب ولا سيما حزب الرابطة الإسلامية، نتائج الانتخابات وستعمل مع الحزب المنتصر خصوصاً في ولاية البنجاب لتشكيل الحكومة الجديدة.
ونظراً للموقف النهائي للجنة الانتخابات الباكستانية التي أكدت على سلامة نتائج الانتخابات، إضافة إلى تهنئة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لشعب باكستان على إجراء الانتخابات العامة، وإعلان رئيس بعثة مفتشي الاتحاد الأوروبي رضاه عن عملية الاقتراع، إضافة إلى رضا المفتشين الأوروبية عن العملية الانتخابية فإن ذلك يؤكد أن الانتقادات سترفض والنتائج ستقبل.
تحليل مواقف عمران خان بعد الفوز في الانتخابات
من ناحية أخرى، فإن مواقف عمران خان قبل وبعد الانتخابات كانت مهمة وقابلة للملاحظة حيث أكد على مستوى السياسة الخارجية قبل الانتخابات، أنه سيكون على علاقات جيدة مع جيرانه، وخاصة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وأفغانستان، وبعد الانتخابات عاد خان ليؤكد في مقابلة تلفزيونية على موضوع العلاقات الحسنة التي يجب على اسلام اباد تحقيقها مع جيرانها، وفي هذا السياق أكد عمران خان على ضرورة إقامة علاقات جيدة أيضاً مع الصين وإيران والهند، كما شدد على إقامة علاقات جيدة مع أمريكا، بشرط أن توفر مصالح الجانبين وليس فقط مصالح واشنطن، وفيما يتعلق بالصين وإيران أكد عمران خان أن هذين البلدين هما جيراننا وعلينا أن نعزز علاقاتنا معهما، وفيما يخص الهند، يؤكد عمران خان أنه يجب إقامة علاقات جيدة بين إسلام آباد ودلهي، ويجب حل قضية كشمير من خلال المفاوضات بين البلدين، حيث إن مواقف عمران خان في السياسة الخارجية تتماشى مع المصالح الوطنية الباكستانية وتحافظ على الاستقلال في سياستها الخارجية.
وفيما يتعلق بالشؤون الداخلية شدد عمران خان بعد فوزه في الانتخابات، على التعاون مع جميع الأطراف رافضاً فكرة الانتقام من الأحزاب الأخرى، وعلى ما يبدو أن كلام عمران كان موجهاً إلى حزب الرابطة الإسلامية الذي كان يعدّ أبرز منافسيه في الانتخابات الباكستانية، ويمكن القول إنه إذا قام عمران بتنفيذ ذلك يمكن أن يساهم بحفظ الاستقرار السياسي في الساحة الداخلية الباكستانية.
علاقات إيران مع باكستان في عهد عمران خان
فيما يتعلق بتأثير فوز حزب الإنصاف على مستقبل العلاقات بين طهران وإسلام آباد، يمكن التأكيد على أنه من الناحية التاريخية، كان كل حزب يصل إلى السلطة في باكستان يتمتع بعلاقات جيدة مع إيران، وذلك بسبب المشكلات التي تواجهها باكستان على حدودها الأخرى، ولقد حاول الحكام الباكستانيون دائماً إقامة علاقات جيدة مع طهران من أجل عدم تعريض الحدود الإيرانية للخطر في المرحلة الحالية، وأكد عمران خان على العلاقات الجيدة مع إيران وركز أيضاً على استكمال خط أنابيب الغاز الإيراني إلى باكستان، لأنه يرى أنه الطريقة الأسلم والأقرب والأرخص لنقل الطاقة وخاصة الغاز إلى باكستان هي من إيران.
التحديات التي سيواجهها عمران خان
تاريخياً، تواجه الحكومات في باكستان مجموعة كبيرة من التحديات والعقبات، ولا يمكن استثناء حكومة عمران خان من هذه القاعدة، ويمكن أن تكون أهم التحديات التي سيواجهها عمران خان على المستوى المحلي والخارجي تتعلق بقضايا مثل انقطاع الكهرباء، نقص المياه بسبب عدم وجود بنية تحتية مناسبة، سد الديون الخارجية، انهيار العملة النقدية الباكستانية، التغلب على الإرهاب وحل التوترات مع مختلف البلدان على مستوى السياسة الخارجية، وعلى وجه الخصوص مطلوب من عمران خان على المستوى الخارجي حل المشكلات مع 3 دول هي الهند، أمريكا وأفغانستان.