الوقت - وفقاً لأحدث الإحصاءات التي قدّمتها الحكومة النرويجية، فإن أعداد المسلمين والمسيحيين الكاثوليك ازدادت عشرات الآلاف في السنوات الأخيرة، ويمكن أن يكون أحد أسباب نمو السكان المسلمين في النرويج ازدياد المهاجرين واللاجئين من دول آسيا وإفريقيا وغرب آسيا ومع ذلك، واجهت الأنشطة الإسلامية في أوروبا والمنطقة الاسكندنافية دائماً حملات من الجماعات المتطرفة، حيث كانوا يحاولون تشويه صورة الإسلام والأديان السماوية.
وفي هذا الشأن سنقوم في المقال التالي بعرض وجهة نظر عبد الرضا فرجيراد، السفير الإيراني الأسبق في النرويج والمجر، حيث سيتكلم بالتفاصيل حول وضع المسلمين في المنطقة الاسكندنافية، وخاصة النرويج. ويقول فرجيراد: في النرويج هناك مساحة صغيرة نسبياً تتفاعل فيها مختلف الجماعات الدينية وذلك بفعل السياسات الصارمة التي تتخذها الحكومة بحق جميع الأطراف، هذه السياسات تطبّق أيضاً في كل من السويد وفنلندا والدنمارك، إلا أن الأخيرة تمتاز بنشاط أكبر للجماعات المتطرفة اليمينية.
وأضاف السفير الإيراني: المسلمون ليسوا مستثنين من هذه السياسات، ولاسيما الشيعة، وفي الواقع، توجد مراكز مختلفة للتفكير السني والشيعي هناك، وبين مراكزنا الشيعية لدينا أجنحة مختلفة، منها جناح مؤيد للثورة مع جذر باكستاني قريب من الجمهورية الإسلامية والتفكير المرتبط بها، كما أن هناك مؤسسة تسمّى مسجد الإمام علي (ع)، وهو مسجد طرحت علامات استفهام حوله وحول الأنشطة السياسات الفكرية التي يقوم بها.
وتابع فرجيراد: إلى جانب هؤلاء، قامت الفصائل الشيعية الأفغانية مؤخراً بإنشاء مراكز عديدة في أوروبا، وهذه المجموعة الأفغانية محسوبة على الجماعات الباكستانية، ولديها أحد أهم المراكز في النرويج، وهم من مؤيدي آية الله السيد صادق الشيرازي وقد ازادت أنشطتهم في العقد الماضي، هؤلاء الناس لا يمكن اعتبارهم ضد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فالكثير منهم لا يعلمون بأهداف أنشطة السيد الشيرازي، ويعدّ معظم المشاركين من الدول العربية، هم من التبعية العراقية لكن أغلبيتهم لديهم مواقف إيجابية تجاه الجمهورية الإسلامية.
وتابع سفير إيران السابق: لا يجب أن ننسى أن المؤسسات الثقافية أو الدينية الشيعية والسنية أو غير الإسلامية النشطة في النرويج يمكن أن ترعاها الحكومة النرويجية، وهي تتلقى الدعم المالي سنوياً عن كل شخص يدخل في مؤسساتها، وتعدّ أحد المشكلات التي نواجهها في الآونة الأخيرة، هي التقارير السلبية لمجموعة من المنافقين والمتعصبين النرويجيين بحق الأنشطة الشيعية وخاصة الباكستانية التي تقام بجانب مسجد الإمام علي (ع)، حيث ظلّ الجناح اليميني لحزب التنمية النرويجي متمسّكاً بشدة برأيه المناهض للهجرة ما دفعه للمطالبة الشديدة بالدمج الكلي للمهاجرين في المجتمع النرويجي، وتدرّجت مطالبه منذ أواسط التسعينيات من مطالبة المسلمين بالتقيد بالقوانين النرويجية إلى مطالبتهم بتبني "الثقافة النرويجية" على حساب "ثقافتهم الأصلية" بل إلى مطالبتهم بالدعوة إلى المسيحية كشرط مسبق ليصبح المهاجر "نرويجياً حقاً".
وأكد السفير الإيراني السابق: أن المنافقين ينشطون في النرويج، ولكن ليس بمثل نشاط المنافقين في باريس، ويمكن القول إن باريس هي أهم مركز تجمّع للمنافقين في أوروبا، كما أن أبرز مكان لتجمّع المنافقين شمال أوروبا هو في النرويج.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت الأنشطة الإيرانية في النرويج تتعرض لتهديد أو مضايقة السلطات النرويجية، قال فرجيراد: سلطات النرويج تتيح الفرصة لجميع الأديان للقيام بأنشطتهم الدينية وبعض الأنشطة التقليدية. وعندما تسجّل الحكومة هذه المؤسسات والمراكز، تدفع لهم سنوياً مساعدات عن كل عضو داخلها، وتحاول بعض هذه المراكز الحصول على المزيد من الأعضاء بحيث يمكنهم الحصول على المزيد من الأموال من الحكومة التي ستدفع لهم بسخاء، ولقد كنّا شهوداً في الكثير من المرات على قيام بعض المراكز اليمينية المتطرفة بأنشطة معادية للإسلام والمسلمين بدعم من الحكومة النرويجية، ومثال على ذلك قام أحد الأشخاص المتطرفين بجمع 90 شخصاً من الأصول النرويجية على الشاطئ وقاموا بنشاط معادٍ للإسلام وكان أغلبية هؤلاء متعلقين بأفكار "الربيع العربي" والسلفية والوهابية.
وأضاف: عندما بدأت الحرب البوسنية، هاجر أكثر من 15000 مسلم إلى النرويج وقاموا بإنشاء مساجدهم الخاصة ومارسوا أنشطتهم الدينية وكل ذلك أقيم بحماية من الحكومة النرويجية التي قدّمت الدعم الكامل لهم.
وحول تعداد المسلمين من ذوي الأصول الإيرانية في النرويج قال فرجيراد: يبلغ عدد النرويجيين الإيرانيين حوالي 20 ألف شخص، لكن أنشطتهم أقل من أنشطة المجموعات الأخرى، بالطبع، يقيم الإيرانيون أنشطة كبيرة وفي مناسبات خاصة مثل عاشوراء وليالي القدر، لكن هذه الأنشطة تقلّ في الأيام الأخرى.
وختم السفير عبد الرضا فرجيراد قوله: ان العالم الإسلامي اليوم يتعرّض إلى أنواع عديدة من الإرهاب، منها الإرهاب المتمثل بالجماعات المتطرفة "الوهابية والتكفيرية" ذات الصناعة الغربية التي شوهت الصورة الحقيقية المسالمة للإسلام والمسلمين، والإرهاب المتمثل بالإسلاموفوبيا الذي صنعه أيضاً الحكام الغربيون الذين يدعمون الإرهاب ويشاركون في قتل الشعوب بذريعة محاربة الإرهاب ومن هنا نحن نطالب جميع المسلمين الذين يتعرضون للمضايقات في الدول الأوروبية من قبل المتطرفين الاوربيين التوجه بالسؤال الى الحكومات التي تدعمهم عن سبب دعمهم للإرهاب، في وقت يدّعون فيه الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان؟!