الوقت- فاز رئيس الحكومة الفرنسية الأسبق فرانسوا فيون بالدورة الثانية للانتخابات التمهيدية لليمين والوسط، وخلق المفاجأة في الدورة الأولى بتقدمه على آلان جوبيه بنسبة كبيرة من الأصوات، ويعتبر فرنسوا الآن حامل لواء اليمين وخاصة المرشح الرسمي للحزب الجمهوري ( احدى القوى السياسية القوية الثلاثة في فرنسا) الذي يتحين الفرصة للانتقام والعودة وذلك بعد هزيمة نيكولا ساركوزي من فرنسوا هولاند في الانتخابات الرئاسية عام 2012.
ومع فوز فرانسوا فيون يتغلب الجناح التقليدي والكاثوليكي اليميني على الجناح الوسط العلماني والمنفتح على التغييرات الاجتماعية، ورغم ان هذا التغلب والحضور في الاجواء الاجتماعية خلال السنوات الثلاثة الاخيرة كان مفاجئا لكنه يعكس وجود تغيير بطيء وعميق في المجتمع الفرنسي، ان هذه الفئة من اليمين يعتبر نفسه "مدافعا عن الارث الاقتصادي والسياسي والثقافي" في فرنسا ويعتقد ان التغييرات الاجتماعية الحاصلة في السنوات الاخيرة تشكل تهديدا لمستقبل هذا البلد، ان هؤلاء يؤمنون بأن أساس المجتمع الفرنسي مبني على الثقافة المسيحية والليبرالية، ويأخذ فيون على عاتقه دور المتحدث باسم هذا التيار، ان هذا الانتصار سيزيد من التغيير الايديولوجي الحاصل في اليمين الفرنسي وسيعزز مكانته في الأفق السياسي الفرنسي.
ان فيون الذي يعتبر من الاصلاحيين الاقتصاديين قد وعد خلال حملته الانتخابية بأنه سيواجه البيروقراطية في البلاد وسيقوم بترميم ميزانية الدولة وسيجري اصلاحات وسيتخذ الخطوات اللازمة لانعاش سوق العمل في فرنسا.
ويقول هذا السياسي البالغ من العمر 62 عاما انه وفي حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية سيخفض التكاليف الحكومية خلال السنوات الـ 5 المقبلة بمقدار 100 مليار يورو وسيحذف 500 الف وظيفة في الاجهزة الحكومية والبيروقراطية في البلاد، كما يعد فيون برفع سن التقاعد من 62 سنة الى 65 سنة في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية. ونظرا الى تراجع شعبية الحزب الاشتراكي الحاكم برئاسة الرئيس الحالي فرانسوا هولاند فإن حظوظ مرشح الجمهوريين للفوز في الانتخابات القادمة تبدو كبيرة.
وسيدأ فيون من الان فصاعدا حملته للانتخابات الرئاسية وهو يعرف الوجوه التي سينافسها فهناك مارين لوبن رئيسة الحزب اليميني المتطرف (الجبهة الوطنية) كما ان المرشح الرسمي للحزب الاشتراكي ايضا سيتم انتخابه في الانتخابات التمهيدية لهذا الحزب في يومي 22 و20 يناير من العام القادم.
وهناك احزاب اخرى اختارت مرشحيها عبر اجراء انتخابات تمهيدية او عبر المؤسسات الحزبية، فـ "يانيك جادو" هو المرشح الرسمي لحزب الخضر و"جان لوك ميلانشون" هو مرشح جبهة اليساريين ويحظى بدعم الشيوعيين، اما " سيلفيا بينيل" فهي مرشحة اليساريين المتطرفين وانصار البيئة، كما قامت احزاب "النضال العمالي" و" الحزب الجديد المناهض للرأسمالية" وحركة " إنهضي فرنسا" وحركة " التضامن والتطور" باختيار مرشحيها وهناك مرشحين مستقلين قد اعلنوا نواياهم للترشح ايضا.
والان وبعد تحديد هوية مرشح الحزب الجمهوري يبدو ان التنافس الرئيسي سيكون بين مرشح يميني ومرشح اليمين الراديكالي، خاصة اذا علمنا ان الرئيس الشتراكي الحالي لا يملك أية حظوظ لاعادة انتخابه. وبعبارة أخرى يمكن القول انه رغم قلق وسال الاعلام الغربية عن مجيء شخصية متطرفة مثل مارين لوبن الى سدة الرئاسة في فرنسا فإن فيون ايضا لايختلف عن لوبن في آرائه تجاه قضايا مثل التعامل مع المسلمين واللاجئين و السياسات الخارجية للحكومة، والحقيقة الجارية هي ان فرنسا باتت تميل نحو اليمين. هذا وستجري الانتخابات الرئاسية الفرنسية في يومي 23 أبريل و 7 مايو من السنة القادمة.