وأشار العسيري في رسالته الى أنه استقبل إيلي أبوعاصي، موفدًا من قبل جعجع، وتحدث الجانبان عن صعوبة الأوضاع المالية التي يعيشها حزب القوات والتي وصلت إلى حد باتوا عاجزين فيه عن تأمين رواتب العاملين في الحزب، وتكاد تصل بهم الأمور إلى العجز عن الوفاء بتكاليف حماية جعجع، ولاسيما في ظروف المواجهة التي يعيشونها من جراء مواقف بعض الزعامات المسيحية، كالجنرال ميشال عون والبطريريك الماروني، المتعاطفين مع الدولة السورية، وتتضمن الوثيقة السرية أيضاً أن الامر وصل بجعجع إلى حد طلبه السفر إلى الرياض لعرض وضعهم المالي المتدهور على القيادة هناك.
وبعد هذا التقديم، يبدأ العسيري بالتحدث عن محاسن القوات اللبنانية، كونها بقيادة جعجع، "القوة الحقيقية" التي يعول عليها لـ"ردع" حزب الله ومَن وراءه في لبنان، ويوصي السفير السعودي رؤسائه بتقديم مساعدة مالية لـ"جعجع" تفي بمتطلباته، ولاسيما في ضوء مواقف سمير جعجع الموالية للسعودية والمدافعة عن توجهاتها.
ويختم "العسيري" تقريره عن لقاء أبي عاصي بالقول: "إن جعجع هو الأقرب إلى المملكة بين الزعامات المسيحية وله موقف ثابت ضد النظام السوري، وفوق ذلك فهو يبدي استعداده للقيام بما تطلبه منه المملكة".
برقية العسيري تلقاها وزير الخارجية حينذاك سعود الفيصل، وأحالها على الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ويوم 20/4/2012، أصدر عبدالله "التوجيه السامي" باستقبال جعجع، وهو ما جرى تنسيقه لاحقًا بين وزارة سعود الفيصل ورئاسة الاستخبارات السعودية.
يذكر أن تلك التسريبات هي عبارة عن تقارير مصنفة "سري للغاية" من مؤسسات سعودية مثل وزارة الداخلية والاستخبارات العامة، وتوضح هذه الوثائق "البيروقراطية والمركزية الشديدة التي كانت تدار بها المملكة العربية السعودية".