الوقت- مضى على بدء العدوان السعودي على اليمن اكثر من شهرين ولاتزال التحليلات والدراسات تتناول أسباب لجوء السعودية الى شن الحرب على اليمنيين في وقت كانت فيه الرياض تحتاط قبل الآن في اتخاذ مثل هذه القرارات، وفي معظم هذه الدراسات تتجه اصابع الاتهام الى نجل الملك السعودي "محمد بن سلمان" باشعال الحرب الى جانب قضية تغيير السياسات السعودية بعد مجيء الملك الجديد وكذلك تاثير السياسات الامريكية على السعودية من اجل اشعال حرب في المنطقة يدرك الجميع انها تخدم المصالح الامريكية.
وفي هذا السياق تناولت مجلة فوكوس الألمانية موضوع الصراع على السلطة بين أمراء آل سعود وعلاقته بالعدوان السعودي على اليمن حيث قالت المجلة في مقال تحت عنوان "لعبة الحرب الخطيرة لابن الملك السعودي" ان سياسات العائلة الحاكمة في السعودية قد تغيرت مع تغيير السلطة في هذا البلد وان هذه السياسات اصبحت هجومية كما اظهرت حرب اليمن وان الخبراء يعتقدون بأن من يقف خلف هذا التغيير في السياسات السعودية هو محمد بن سلمان نجل الملك السعودي وولي ولي العهد ووزير الدفاع لأن هذا الشخص يسعى وراء الحرب مهما كان الثمن ويريد الوصول الى السلطة.
وقد اختار الملك السعودي نجله محمد بن سلمان الذي هو في بداية العقد الثالث من العمر كوزير للدفاع في السعودية فيما هناك تكهنات بأن الملك السعودي مصاب بمرض الزهايمر ولايجيد ادارة امور البلاد ولذلك يسعى نجله الى ملء هذا الفراغ.
ويعتقد بعض المحللين ان محمد بن سلمان لايسيطر فقط على وزارة الدفاع السعودية بل لديه نفوذ كبير في البلاد وعلى الملك نفسه وهذا يعني ان محمد بن سلمان يستطيع فعل ما يشاء وهو بذلك قد همش دور ولي العهد محمد بن نايف الذي يبلغ من العمر 55 عاما ويتمتع بخبرة سياسية ويتولى مسؤولية وزارة الداخلية.
ويقول هؤلاء المحللون ان محمد بن نايف يخشى قوة محمد بن سلمان وهناك تنافس بين الطرفين وهو ما يهدد مستقبل آل سعود لأن محمد بن سلمان الذي يفتقد الى الخبرة السياسية متعطش للسلطة بشكل كبير ويؤمن بأن الحرب وسيلة وأداة مناسبة وصحيحة لتعزيز سلطته ونفوذه.
وقد برهن العدوان السعودي على اليمن مدى نفوذ الفكر المتهور في السياسة السعودية وخاصة على الصعيد الخارجي وهناك من يعتقد ان التنافس مع ايران يقف خلف هذا التغيير في السياسات السعودية من سياسات متحفظة نحو السياسات الهجومية كما يحصل في اليمن.
وفيما يبدو ان اليمن بات يحتل المرتبة الاولى في سلم الاولويات السعودية بعد ان اصبحت القضية السورية على الهامش بالنسبة لحكام الرياض. تستمر الحرب السعودية على اليمن دون مكاسب او نتائج هامة سياسية وعسكرية للرياض فحركة انصارالله لم تضعف وان تنظيم القاعدة هو الذي استفاد من هذا العدوان، وهكذا اصبح واضحا ان محاسبات وزير الدفاع السعودي كانت خاطئة حتى الآن. ويمكن القول ان هذه السياسة السعودية قد زادت من حدة الشرخ والتباعد بين دول المنطقة حيث تهادنت الرياض تنظيم القاعدة في اليمن لكنها دخلت في معركة قاسية مع حزب الله في لبنان وتحالفت مع جبهة النصرة في سوريا وباتت الرياض من رعاة الجماعات المسلحة الارهابية في المنطقة.
وهناك من الخبراء من يعتقد بان التعطش للسلطة وعدم وجود الخبرة السياسية قد حول وزير الدفاع السعودي الى شخص لايمكن التكهن بتصرفاته، ويقول هؤلاء الخبراء انه لايمكن للهواة ان يديروا الشؤون السياسية وان الحرب ليست لعبة للصغار وان السعودية ليست قوة عالمية بل انها فقط قد ورطت نفسها بشكل كبير في مواجهات كبيرة في اليمن ولبنان وسوريا بسبب احلامها التوسعية.
ولا ريب في ان هذه السياسات السعودية غير المتزنة والمتهورة ستترك تأثيرها في الداخل السعودي وفي كامل المنطقة لأن هبوط اسعار النفط قد أضر بمدخول الرياض من الاموال التي كان المسؤولون السعوديون يعتمدون عليها كثيرا لارضاء الشعب السعودي، ومن جهة أخرى يقترب خطر الجماعات الارهابية مثل تنظيم داعش من السعودية نفسها وهكذا يمكن القول بأن السعودية مقبلة على مرحلة صعبة على الصعيدين الداخلي والخارجي.