الوقت- لم يعد هناك من محظور، والدرهم والريال بانتظار كل من يبدع أكثر في تشويه سمعة دولة قطر التي كانت للأمس القريب شقيقة السعودية والإمارات الصغرى، أما اليوم فهي العدو اللدود الأول لهاتين الدولتين. كم نحن بائسين (الشعوب العربية) فبدل أن تشد دولنا أزر بعضها البعض وبدل أن نطلب العلى مجتمعين بات التشرذم سمتنا والغدر شيمتنا، وبتنا أشداء فيما بيننا رحماء على أعداء الله والإنسانية.
حتى لعبة كرة القدم لم تسلم من كيل الاتهامات لدولة قطر من قبل الإعلام السعودي والإماراتي، فبدل أن تسعى هذه الدول لمساعدة قطر في تحقيق هذا الإنجاز الرياضي العالمي المتمثل باستضافة مباريات نهائي كأس العالم لعام 2022م أخذوا بمهاجمتها والتشكيك بقدرتها على تنفيذ الشروط المطلوبة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، إضافة إلى نشر تقارير تبرز إمكانية وجود فساد يحوم حول هذا الملف في دوائر قرار الفيفا.
إذا بات الهم الخليجي اليوم هو إحقاق الحق ومنع قطر من التنعم باستقبال منتخبات كرة القدم الدولية على أراضيها عام 2022، ويستخدم هؤلاء شتى الأساليب لتخريب هذا الحدث إعلاميا وسياسيا وليس من المستبعد أن يكونوا قد لجأوا لأساليبهم المعهودة في شراء الذمم، حيث أن بعض شخصيات كرة القدم العالمية التي كانت في مقدمة المدافعين عن إقامة المونديال في قطر باتوا يشككون اليوم في إمكانية أن تنفذ قطر تعهداتها ضمن الوقت المحدد.
وناهيك عن التشكيك بقدرة دولة كقطر على استقبال المونديال، والتركيز على حرارة الطقس وصعوبة الظروف المناخية تقوم الأبواق الإعلامية السعودية بنشر تقارير عن فساد مالي ورشى دفعتها دولة قطر من أجل الحصول على الأصوات الكافية التي أهلتها لهذا الحدث.
هذه الأمور وإن تبين صحتها فيما بعد، فليس من حق السعودية أو غيرها أن تقرر عن الفيفا ما يجب فعله، كما أنه ليس من الجيد أن تكون دول شقيقة لقطر هي المبادرة في هذا الأمر. وبالأصل يجب ترك هذه الأمور لأصحاب الاختصاص من خبراء ومدربين رياضيين ليقرروا ما الذي يجب فعله، ويجب الامتناع عن رمي التهم التي قد تكون غير دقيقة في بعض الأحيان والتي ستؤدي حتما إلى الإساءة لسمعة دول الخليج الفارسي ككل وليس فقط لقطر.
من ضمن الاتهامات التي كالها هذا الإعلام لدولة قطر أنها صرفت أموالا طائلة من أجل الحصول على فرصة استضافة المونديال على حساب رفاهية شعبها، وهذا الادعاء يؤكد قصر النظر وعدم منطقية هذه التهم فالشعب القطري يتمتع اليوم بأعلى مستوى دخل فردي على الإطلاق بين دول العالم.
وكون الحدث الذي نتحدث عنه رياضي تذكرت الحدث الرياضي الذي يقام سنويا على أرض البحرين، أقصد سباقات الفورمولا واحد، وكيف تروج القنوات السعودية لهذا الحدث وكأنه حدث سعودي وإنجاز عربي أممي، والسبب وراء هذا الترويج يعود إلى أن هذه السباقات باتت غطاء لنظام فقد شرعيته الشعبية، سباقات ممزوجة رائحة دخان محركات سياراتها برائحة الدم البحريني الذي يسفكه آل خليفة على مرأى ومسمع العالم أجمع.
نعم إنها قصة الكيل بمكيالين، فكل هذه التقارير إنما أتت لابتزاز قطر سياسيا في ظل الأزمة التي تعصف بالعلاقات السعودية القطرية والتصعيد الغير مسبوق سعوديا والذي وصل حد إغلاق المعبر البري الوحيد لقطر ومنع إدخال المواد وإغلاق المجال الجوي السعودي أمام الطيران القطري وقرارات تعسفية أخرى أُريد منها تركيع قطر فلم تركع بل استوعبت الصدمة وهي في طور الهجوم المعاكس حاليا.
نعم قد يكون هناك بعض الأمور الصحيحة في هذه الادعاءات، ولكن هكذا خطأ لا يُعالج بخطأ أكبر منه. كما أنه من المعيب بحقنا كعرب أن نفضح عورات بعضنا أمام العالم ونتفاخر بالعداء الذي يحكم علاقات دولنا بعضها ببعض.
هذا الحديث موجه للسعودية بشكل خاص التي على حكامها أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان. فالتحديات التي تواجههم في المستقبل أكبر مما يتوقع سلمان وابنه، لقد وضعوا المنطقة على صفيح ساخن من سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق واليوم أزمتهم مع قطر، أزمات كفيلة بتفجير المنطقة وإسقاط عروش ورفع أخرى.