الوقت- رغم الهجمة الإعلاميّة الشرسة على قوات "الحشد الشعبي"، إلا أنّه واصل معركته ضد الإرهاب دفاعاً عن الشعب العراقي في مختلف الأطياف. بالأمس، وبينما كان أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ينادي القوات التي وصلت إلى الحدود السوريّة العراقيّة، أعرب أمير الأيزيدية في العراق والعالم "تحسين سعيد"، عن شكره لقوات الحشد الشعبي على تحرير مناطق الأيزيدية وتسليمها إلى الأهالي، مؤكدا أن الحشد سطر اروع الملاحم في كل بقعة من ارض العراق.
قد لا تنال شهادة "سعيد" إعجاب الكثيرين، لأنها تؤكد للشعب العراقي والعالم حقيقة هذه القوّات العراقيّة التي قدّمت ألاف الشهداء والجرحى دفاعاً عن الشعب العراقي. كل هذا في ظل هجمة إعلاميّة شرسة مدعومة من أطراف خارجيّة، وتحديداً خليجية.
شهادة حقّ
ولعل أهميّة الشهادة التي أدلى بهادي الأمير الأزيدي لا تنحصر بكونها شهادة حقّ، بل لكونها شهادة من أناس ظلموا من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذي قتّل رجالهم وسبى نسائهم وجنّد وذبح أطفالهم. لم يكتفي الشاهد الأمير، بل الملك، بذلك بل أضاف: "في هذه الابادة التي ارتكبتها تنظيم داعش الارهابي بحقنا كايزيدين، موقف الاخوة في جنوب العراق كان مشرفا وخاصة الأخوة الشيعة، حيث أن استشهاد ابن البصرة، الطيار ماجد التميمي على جبل سنجار والفتوى التاريخية التي أصدرها آية الله العظمى السيد علي السيستاني بتحريم الدم الأيزيدي سوف تبقى كشواهد تاريخية عالقة في اذهاننا ومواقفهم لا تنسى".
كما شكر الشباب الايزيديين الذين التحقوا بتشكيلات الحشد الشعبي للدفاع عن مناطقهم ووجه نداء للبقية بالانضمام الى هذه القوى العراقية الخالصة، من اجل مسك الأرض وحماية هذه المنطقة بعد زوال احتلال داعش وبالتنسيق كامل مع الحكومة العراقية.
ربّما يحاول البعض إضفاء أبعاد سياسيّة على تصريحات "سعيد"، إلا أن الواقع يكشف شئ آخر يفضح التضليل الإعلامي الذي حاول طوال السنوات الماضية تشويه صورة قوّات الحشد. أرى لازماً في هذا السياق الإشارة إلى جملة من النقاط:
أولاً: لم يطرح أولئك المشككون بقوّات الحشد الشعبي تساؤلاً حول أسباب انضمام الطوائف والأعراق المختلفة إلى فصائل الحشد الشعبي. ولعل انضمام الإيزيديين اليوم، خير دليل على ذلك. فانضمامهم هو مقدّمة لانضمام المسيحيين ومختلف الطوائف والقوميات تحت سقف العراق.
ثانياً: لم يكن الأمير الأزيدي ليدعوا الأيزيديين للانضمام إلى قوّات الحشد الشعبي لولا نجاح الأخيرة في تخليصهم من دنس الإرهاب الداعشي، عندما كان الغرب وبعض العرب يذرع دموع التماسيح على هذه الطائفة التي نالها فتك داعش.
ثالثاً: تكشف إشادة "سعيد" بسلوك وتعامل الحشد الشعبي مع السكّان، زيف الادعاءات الإعلامية عن مجازر مزعومة يرتكبها الحشد الشعبي نسمعها في الإعلام فقط. ما يؤكد هذه الحقيقة، إضافةً إلى إشادة السكّان على أرض الواقع بأسلوب الحشد، هي تجنّب هذه الأبواق الإعلاميّة ذكر أي نصر عسكري للحشد على تنظيم داعش الإرهابي، رغم أن قوات الحشد قد وصلت إلى الحدود العراقيّة السوريّة، وقد أكّد ابو مهدي المهندس، أن عمليات الحشد الشعبي مستمرة حتى تطهير الشريط الحدودي مع سورية وتأمينه بالكامل من تنظيم داعش الاجرامي.
رابعاً: ما يزيد في تمسّك العراقيين بالحشد الشعبي هو تطهيره للحدود السوريّة العراقيّة. اليوم، هناك خشية لدى شريحة واسعة من الشعب العراقي أن يعاود داعش الهجوم على مناطقهم المحرّرة، إلا أنّ تقدّم قوات الحشد نحو الحدود والعمل على تطهيرها قد طمأن بال كثيرين. قائد "الحشد الشعبي" هادي العامري أكّد السيطرة على قرية تارو، شمال غربي ناحية القحطانية في محاذاة جبل سنجار القريب من الحدود السورية. أي أنّ هذه السيطرة تشكّل خط دفاع أول عن الأيزيديين بغية استقرار ما تبقّى منهم في مناطقهم.
في الحقيقة، إن الحافز الأساسي والحقيقي لانضمام كافّة الأطياف العراقيّة، الإسلاميّة وغير الإسلاميّة، إلى قوّات الحشد الشعبي هو نجاح الأخيرة في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في أغلب المناطق العراقيّة، في حين أنّ التحالف الدولي فشل في حماية هؤلاء.
ما يحتاجه العراقيون اليوم، وبعد حوالي عقد ونيّف على عدم الاستقرار في البلاد، بدءاً من الاحتلال الأمريكي وليس انتهاءاً بالاحتلال الداعشي، هو الامن والاستقرار الذي يبدأ بالقضاء على الإرهاب، وحماية الحدود خشية أن لا يتكرّر سيناريو الموصل مرّة أخرى وعلى حين غرّة.