الوقت- بعد أيّام على انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لحركة لحماس، بعث قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني برسالة تهنئة إلى اسماعيل هنيّة تطلّع فيها لجهود الأخير في تجذير المقاومة امتداداً للخط الجهادي لحركة حماس.
بعض وسائل الإعلام تحدّثت عن كسر لحاجز الصمت، أرادوه كثر أن يدوم طويلاً، وفي مقدّمتهم الاستكبار العالمي وأداته الصهيونية اللذان يسعيان إلى النيل من هذه الأمة واصابتها بمقتل لا تستيقظ منه، وفق اللواء سليماني.
الرسالة حملت بين سطورها رسائل عدّة سواء لناحيتي الشكل والتوقيت والمضمون على حدّ سواء. في الشكل تأتي الرسالة في ظل محاولات حثيثة لثني حماس عن موقفها وإيجاد الشرخ بينها وبين محور المقاومة، لتؤكد رسالة اللواء سليماني أحد أبرز مهندسي محور المقاومة في المنطقة، وألمع رجالاته، أن الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية لا تزال تعتبر حماس شريكاً استراتيجياً في محور المقاومة.
في التوقيت تزامنت الرسالة مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فلسطين المحتلّة الذي وصف حماس بالإرهابية، وبعد أيّام على قمّة الرياض التي أظهرت العداء للمقاومة ومحورها، وبالتزامن أيضاً مع الحديث عن حرب إسرائيلية جديدة على محور المقاومة بضوء أخضر أمريكي- عربي. وبالتالي، فإن قيادة المحور المقاوم ستقف إلى جانب حماس أمام أي اعتداء. لم يكتف اللواء سليماني بذلك فحسب، بل تحدّث عن "تطلع لتعزيز التكامل مع رفاق حماس حلفاء المحور المقاوم لإعادة الألق للقضية الفلسطينية".
هذا التكامل بين محور المقاومة، يقابله تكامل آخر من المحور الآخر، وفي حين يريد المحور الأول إبقاء القضيّة الفلسطينية على رأس الأولويات العربية والإسلاميّة، يرى المحور الآخر ضرورة حرف البوصلة كمقدّمة لتصفية القضيّة في المستقبل القريب، وتحديداً بعد أشهر عبر مؤتمر إقليمي يفضي إلى نتائج لم ترضَ بها الشعوب العربية والإسلاميّة، ولن ترضى.
اللافت أيضاً بين سطور هذه الرسالة هو اللحن الذي يتطلّع لتحقيق المصلحة للشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي عانى ولا زال يعاني من بطش الكيان الإسرائيلي في ظل صمت عربي وأممي تفسّره اللقاءات مع الوكيل الأمريكي، أو الأصيل الإسرائيلي.
في تفاصيل الرسالة، تحدّث اللواء سليماني عن تحدي أشبه ما يكون بهاجس داعياً إلى تفرّغ الكلّ لخدمة فلسطين و" ألا نسمح بأن تغدو قضيتها ضحية لمصالح الآخرين وتجاذباتهم". هذا الهاجس ليس بجديد، بل أعلنه اللواء سليماني في رسالة سابقة إبان حرب غزّة عام 2014 عندما أكّد " أن فلسطين في هذا الزمن هي الحد الفاصل بين الحق والباطل"، قائلاً: " ألا لعنة الله على كل من أغلق في وجهكم طرق الإمداد وشارك الصهاينة في جناياتهم".
عبارة "الإدارة الحكيمة" وردت في نص الرسالة حيث أراد اللواء سليماني من قيادة حماس الجديدة أن لا تقع في فخّ السنوات الماضية عبر الدخول في الأزمات الإقليمية التي أدخلتها في نفق مظلم على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء.
اللواء سليماني أقرّ بوجود ظروف صعبة "لا يقوم وينهض بها إلا الرجال الرجال"، داعياً الحركة إلى معالجة الأزمات الداخليّة بحنكة، حتى لا تنحرف البوصلة، وتصب هذه الأزمات في صالح الكيان الإسرائيلي، أي أراد تحويل التهديد القائم في الداخل الفلسطيني إلى فرصة تتّجه فيها جهود الرجال نحو القضيّة.
باختصار، جاءت الرسالة من أخ عزيز إلى أخ أعزّ في محور المقاومة التي تريد الدول الغربية، وبعض دول المنطقة تفتيته، مقدّماً التهنئة والنصحية لقيادة حماس الجديدة.
سليماني الذي ختم رسالته بعد عدوان غزّة 2014 بعبارة " إننا عشاق الشهادة، وإن الشهادة على خط فلسطين وفي مسار القدس هي امنية كل مسلم شريف"، دعا اليوم إلى تحرير فلسطين بجهود المقاومة وعلى أيدي أبطال فلسطين لتعود القدس ملتقى للمسلمين والمسيحيين، كما كانت في الماضي.. بإذنه تعالى.