الوقت- بعد فشلهم في الطرق الدبلوماسية، لجأ قادة الكيان الاسرائيلي الى تهديد موسكو علانية وذلك للضغط عليها لتبتعد عن حلفائها في منطقة غرب آسيا، متأملين ان يصلوا بهذا الاسلوب الى غايتهم المنشودة.
وفي هذا السياق كتب مؤخرا نائب مدير المؤسسة الصهيونية المعروفة "بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" والتي تعمل ضد ايران "جوناثان شانزر" على وب سايت نیوزویك محذرا روسيا بتكرار حرب الايام الستة اذا لم تبتعد عن ايران وحزب الله.
بدأت حرب الايام الستة في حزيران من العام 1967، واستطاع الكيان الصهيوني في مدة لم تتجاوز الاسبوع، ان يوجه ضربات لسوريا ومصر، الحليفان القويان للاتحاد السوفياتي السابق، الذي كان قد درب وسلح القوات العسكرية لهذين البلدين. وفي هذه المدة استطاع جيش الكيان ان يسيطر على مناطق عديدة في الضفة الغربية، غزة، سيناء وخصوصا على مرتفعات الجولان التي كان لها تأثير كبير في تغيير المعادلات الجيوسياسية في المنطقة. وان فشل الاتحاد السوفياتي في حماية حلفائه ادى الى تشويه سمعة موسكو وضعفها في المنطقة وخصوصا بين حلفائها وخلال هذه الحرب سعى الكيان الصهيوني لإظهار جيشه بأنه لا يقهر.
تباهى "شانزر" بالانتصار السريع "لإسرائيل" في هذه الحرب، فقال: "يبدو ان التاريخ بعد خمسين عاما حاضر ان يعيد نفسه، فحلفاء روسيا يستفزون اسرائيل مرة اخرى، ومن الممكن ان لا يكون امام تل ابيب خيار آخر غير الحرب، وإن اسرائيل تحذر من ان تؤدي هذه الحرب الى تغييرات جذرية في المنطقة كما حصل في حرب 1967". وتابع المسؤول الصهيوني ان الحرب هذه المرة ستكون على الاراضي السورية و ان المستهدف ليس بشار الاسد بل هو حزب الله "النائب الاكثر دموية لإيران".
الكيان الاسرائيلي كان يعتبر ان دخول حزب الله في الحرب السورية سيؤدي الى استنزافه وتضعيفه، مما يخدمها في الحرب المقبلة معه. الا ان الكيان قلق اليوم، لأن المقاومة الاسلامية اللبنانية اثبتت قدرتها على تحويل التهديدات الى فرص، وانها بدل من ان تضعف اصبحت اقوى، وفرضت نفسها كلاعب مهم ومؤثر في المنطقة، وان قتالها الى جانب الجيش الروسي الكلاسيكي يعد تجربة ثمينة لها.
والآن وبعد ان استطاعت القوات الحليفة لدمشق وبالاستفادة من جمع قدراتها، ان تجبر المجموعات المسلحة المدعومة من الغرب، تركيا، السعودية، قطر و الكيان الصهيوني على التراجع، و في الوقت نفسه استطاعت ان تحول محادثات السلام لصالح الدولة السورية. احس "الاسرائيليون" بالخطر، وهم يسعون بشتى السبل الدبلوماسية والعسكرية، ليحولوا دون وصول اعدائهم الى اهدافهم، وبأن لا يتحول الجنوب السوري الى جنوب لبناني آخر. ذلك المكان الذي استطاع فيه حزب الله ان يوجه ضربات قاسية للصهاينة، واجبرهم للمرة الاولى ان ينسحبوا من دولة اسلامية عربية دون قيد او شرط.
ولأن الاجراءات التي قامت بها تل ابيب لم تجد نفعا في اضعاف قوة المقاومة، ولم ينجحوا في ايجاد فجوة بينها وبين روسيا، اتخذت تل ابيب قرارا بتهديد موسكو، علها تستطيع اخافتها بتذكيرها اياها بالماضي.
و اكد شانزر في ختام كلامه: ان "هدف فلاديمير بوتين من التواجد في سوريا هو اعادة احياء دور روسيا السابق"، الا ان "الاجراءات السوفياتية" في الشرق الاوسط لا يمكنها الا ان تذكرنا بحرب الايام الستة وضعف روسيا. إن روسيا تعيد ارتكاب الاخطاء التي ارتكبتها منذ نصف قرن، والتي ما زالت آثارها في المنطقة حتى اليوم."
يتفاخر الصهاينة امام الروس بانتصارهم على اكبر جيشين عربيين في ستة ايام، لكنهم نسوا انهم في 33 يوم لم يستطيعوا ان ينجزوا اي عمل في حرب عصابات في جنوب لبنان، في وقت لم تكن روسيا الى جانب حزب الله.
لذلك فإن على "الاسرائيليين" بدل من ان يعودوا 50 سنة الى الوراء، ان يرجعوا الى عام 2006 وليتذكروا كيف منعهم مجاهدو حزب الله على الرغم من القصف العنيف والمكثف و لم یتمکنوا ان يحتلوا ولو شبرا واحدا من ارض لبنان، وكيف استهزؤوا عبر عمليات مفاجئة في الارض وفي البحر "بالاسطورة التي لا تقهر."